السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الكتاب العابر والقراءة الجماعية

الكتاب العابر والقراءة الجماعية
8 مايو 2008 03:38
عندما انتشرت الكتابات الحداثية بدءا من الثمانينيات بين أوساط الكتاب الشباب، بعضهم قد تحمّس لها تحمسا أعمى، أما الآخرون فكان موقفهم سلبيا، إذ وجدوا أن الكتابة الحداثية هذه تقطع صلتها بالقارئ، وكانت ردود هؤلاء الكتاب أغرب بكثير من كتابتهم، إذ وجدوا أن فكرة الكتابة بحد ذاتها تعتمد على العزلة الاجتماعية، وتم تطوير هذه الفكرة إلى فكرة أدهى وأمر، إذ طلب هؤلاء الكتاب من القراء أن يرتقوا بثقافتهم حتى يفهموا الإبداع· وبعد أن ظهرت الدراسات الثقافية لم تعد هذه الفكرة تلقى رواجا، إذ رفض كثير من المثقفين العالميين فكرة العزلة مؤكدين أن الكتابة والقراءة فعل اجتماعي بالدرجة الأولى، والناس يقرؤون الكتب بصورة صامتة، وعادة ما يكونون منعزلين، ولكن القراءة رغم ذلك هي فعل اجتماعي، ويقول جان هاجدا: ''قراءة الكتاب في حياة البالغين تدعم عن طريق الظروف الخاصة بالعلاقات بين بعضهم بعضا مما تخفض عزلتهم الفردية عن الآخرين، وحتى تستمر هذه القراءة عبر السنين لا بد من دمج فعل قراءة الكتب بالسياق الاجتماعي، لأن قراءة الكتب تصبح ذات قيمة عندما نتشارك بها مع الآخرين·· وإن تحولت القراءة إلى عزلة فهي عادة ما تقود الإنسان إلى أن يهجر الكتب''· وأعتقد أن مبادرة هيئة أبوظبي للثقافة والتراث في ترسيخ فكرة الكتاب العابر بين أوساط القراء الإماراتيين والعرب والأجانب في محلها، وأنا شخصيا قرأت كتبا كثيرة بتشجيع أصدقائي، وعادة ما أتصل بهم ونتحدث عن الجديد في عالم السرد تحديدا، فيذكر صديق ما أنه يقرأ في مجموعة ''ضوء يذهب إلى النوم'' لابتسام المعلا، ثم يثني على العمل ثناء كبيرا حتى أشعر بأهمية هذا الكتاب، وهذا ما يجعلني أبحث عن الكتاب لأبدأ في قراءته· والكتاب العابر يعتمد على مثل هذه الفكرة، ويرى أن الكتابة والقراءة ليست عملية فردية وإنما جماعية، ولهذا السبب يتم تشييد عالم افتراضي في انترنت يتبادل القراء معلوماتهم وانطباعاتهم عن الكتاب، فيتحول الكتاب إلى شخصية اعتبارية في حياتنا، يتنقل من مكان إلى آخر، فنتحدث عنه بوصفه جزءا من الواقع· وإذا ما أدركنا أن التداول هذا هو المسؤول عن دفع الشباب إلى القراءة، فإننا سنكسب كثيراً، وربما نردم الهوة التي تقود القراء إلى العزوف عن القراءة· وعلينا أن ندرك أن التوقف عن القراءة ليس مصدره الحقيقي انشغال الناس بحياتهم الاجتماعية والعملية، وإنما الشعور بالفجوة التي تفصلهم عن المجتمع، ولذلك فعلينا أن نقاوم فكرة القراءة التي تبدأ فردية وتنتهي فردية، لأنها ستقود صاحبها في النهاية إلى كراهية الكتاب، لكن القارئ عندما يشعر بأنه واقع بقراءته في المجتمع ومرتبط بما يجري حوله، ويجد فسحة في أن يتحدث عن الكتاب مع الآخرين فإن مثل هذا الأمر سيجعله يتمسك بالقراءة، لأن وظيفته الاجتماعية أضحت واضحة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©