الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المُرشدات الدينيات الجزائريات .. تجربة رائدة في العالم الإسلامي

المُرشدات الدينيات الجزائريات .. تجربة رائدة في العالم الإسلامي
20 يونيو 2009 00:24
يتميز قطاع الشؤون الإسلامية في الجزائر بوجود سلك ديني لم يكن له مثيلٌ في أي بلد إسلامي آخر قبل أن تقرر المغرب بدورها تبني التجربة قبل نحو عام، وهو سلك المرشدات الذي بدأ تطوعياً تشرف عليه جمعياتٌ وأحزاب إسلامية وانتهى إلى تنظيمه وتقنينه من طرف وزارة الشؤون الدينية في مارس 2002. ظهرت المرشدات الدينيات بقوة مع ازدهار «الصحوة الإسلامية» بالجزائر في بداية الثمانينات التي عرفت تسامحاً كبيراً من الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد تجاه الإسلاميين بالمقارنة مع فترة السبعينيات التي قابلهم فيها هواري بومدين بالتضييق، وكلَّف قادة «الصحوة» المرشداتِ بالقيام بأعمال دعوية إرشادية في أماكن تواجد النساء كالأحياء الجامعية للبنات، ولعبت «المرشدات المتطوعات» دوراً في انتشار الحجاب والحدِّ من مظاهر التبرج. وبعد تبني الجزائر الديمقراطية والتعددية في فبراير 1989، قامت «حركة المجتمع الإسلامي»، وهو حزبٌ إسلامي، باستقطاب المرشدات ضمن جمعياتها الخيرية وإضفاء نوع من التنظيم على عملهن بعد سنوات من العفوية، فأضافت المرشدات إلى مهامهن الدعوية مهاما أخرى وهي العمل الخيري، وكذا الاجتماعي حيث فتحت الجمعيات الخيرية المقربة من الحركة كجمعية «الإصلاح والإرشاد» وغيرها، مراكزَ لتعليم الفتيات الخياطة والطرز ومهناً نسوية عديدة تشرف عليها المرشدات. وبرزت مرشداتُ الحركة بشكل لافت للانتباه في السنوات الأولى للتسعينيات، إلا أن تدهور الوضع الأمني أثر سلباً في نشاطهن لينكفئن على أنفسهن سنوات عديدة إلى أن تحسنت الأوضاع فعدن إلى مواصلة نشاطهن، إلاَّ أن تبني وزارة الشؤون الدينية للفكرة وتقنينها وتنفيذها منذ 2002 حوَّل الأنظار إلى مرشدات الوزارة. مرشدات رسميات استهوى نجاح المرشدات المتطوعات والمهيكلات في «حركة مجتمع السلم» بتسميتها الجديدة، وجمعياتها، وزارة الشؤون الدينية، فأصدرت نصا قانونيا في 2 مارس 2002 ينص على استحداث سلك المرشدات الدينيات، ويحدِّد مهامهن وأهمها تعليم القرآن وتدريس مواد العلوم الإسلامية للنساء بالمساجد والبنات والأطفال بالمدارس القرآنية، والمشاركة في النشاطات الدينية للمؤسسات العقابية الخاصة بالنساء، بتفقيه المسجونات في دينهن وتقوية الوازع الديني لديهن، وكذا المساهمة في النشاطات الاجتماعية للمستشفيات ودور العجزة. وعلى المستوى المركزي، وظفت الوزارة بضع مرشدات وأسندت لهن مهمة الرد على الاتصالات الهاتفية للنساء وانشغالاتهن وأسئلتهن الفقهية، حيث يقمن بالرد والإفتاء في «المسائل المعلومة من الدين بالضرورة»، بينما يتركن المسائل الشائكة لهيئة الفتوى بالوزارة. كما تقوم الوزارة بإرسال حوالي 20 مرشدة كل موسم إلى البقاع المقدسة لمرافقة الحاجات المسنات وإرشادهن إلى كيفية أداء مناسك الحج والإفتاء لهن. وقد صدر في 28 ديسمبر 2008 مرسوم قانوني يتضمن استحداث رتبة «مرشدة دينية رئيسية»، وأوكل لها، زيادة على المهام السابقة، مهام أخرى أبرزها «المشاركة في إعداد الفتاوى وتقنينها». الشهادة وحفظ القرآن توظف الوزارة كل سنة عدداً محدوداً من المرشدات بعد إجراء مسابقة لانتقاء أحسن العناصر المرشحة وأكفئها. ويشترط في المرشحة أن تكون حائزة على بكالوريوس شريعة إسلامية وحفظ القرآن كله، ثم تتلقى المرشدات تكويناً بـ «دار الإمام» بالجزائر العاصمة يشمل فقه العبادات والمعاملات والسيرة والعقيدة والأخلاق والتجويد والحفظ. وتشكو الوزارة قلة المناصب المالية الممنوحة لها كل سنة لتوظيف مرشدات جديدات برغم حاجتها الماسة للمزيد منهن؛ إذ لايتعدى عددهن الحالي حدود 400 مرشدة في حين أن احتياجات الوزارة تُعدُّ بالآلاف. وعن دواعي استحداث هذا السلك ومدى ضرورته، يقول إطارٌ بوزارة الشؤون الدينية إن «الكثير من النساء يجدن حرجاً في توجيه استفساراتهن للمفتين الرجال ولهذا استحدثنا هذا السلك لتتمكن السائلة من البوح لامرأة مثلها ومصارحتها بأدق تفاصيل الموضوع الذي يؤرقها وهو الأمر الذي لا تستطيعه مع الرجل المفتي، وقد أوكل رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها مهمة تفقيه نساء المؤمنين، وفضلا عن ذلك فإننا لا نريد تهميش المرأة في القطاع الديني بحيث يستحوذ الرجل فيه على كل شيء، وهكذا يصبح بإمكان المرشدة القيام بجميع مهام الإمام ماعدا إمامة المصلين». اتصالات مكثفة حينما دخلنا مكتب المرشدة سميرة مخالدي منسقة هيئة الإفتاء بوزارة الشؤون الدينية، كانت منكبَّة على الإجابة عن استفسار لإحدى المتصلات بالهاتف بشأن آجال دخول أوقات الصلاة وخروجها. وقالت سميرة إنها تستقبل يومياً نحو 50 مكالمة تدور حول مختلف القضايا الفقهية، وأغلب المتصلين نساء. وفي المناسبات الدينية كرمضان، يتعدى عدد المكالمات الـ 100 يومياً، وتدور حول مختلف القضايا الفقهية والمشاكل الاجتماعية، كما تصل رسائل عن طريق البريد العادي والإلكتروني للوزارة وترد عليها المرشدات بنفس الطريقة. وتؤكد المُرشدة سميرة أن الكثير من النساء، اتصلن بعد أن رُفع عنهن الحرج وطرحن أسئلة محرجة غلبهن الحياء من طرحها على مفت رجل. وتشتغل سميرة في الرد على اتصالات السائلين وتقول: إنه «عمل شاق» بسبب ارتباطه بالفتوى التي تُعدُّ «مسؤولية ثقيلة»، ولكنها توضح أنها لا تقوم بالفتوى بل تنقل فتاوى العلماء المعروفة وتستعين دوما بأعضاء هيئة الفتوى بالوزارة فيما استشكل عليها من مسائل. من جهتهم، أبدى الكثير من الجزائريين، وبخاصة النساء، رضاهم عن تجربة المرشدات، خاصة بعد أن أصبحت لهن حصصٌ في الإذاعة الجزائرية يصلن من خلالها إلى ملايين المستمعين، وتمنوا تعميم التجربة على مختلف المساجد والمراكز الثقافية الإسلامية ومديريات الشؤون الدينية بكل الولايات الجزائرية؛ فهن أقدر على الاحتكاك بالنساء وتفقيههن في أمور دينهن وإعادة الضالات منهن إلى جادة الصواب.
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©