الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مجازر سوريا.. مأزق أميركي

7 ابريل 2017 21:54
وأخيراً قامت الولايات المتحدة بما كان ينتظره منها الكثيرون، حين قصفت فجر أمس المطار العسكري الذي يستخدمه النظام السوري وحلفاؤه في تنفيذ هجماتهم بالسلاح الكيماوي ضد السكان المدنيين. إن بشار الأسد وبوتين مسؤولان عن الإبادة الجماعية هناك، وضمنها سلسلة الهجمات الكيماوية، واستهداف المدنيين وعمال الإغاثة. وسيحمل الرئيس أوباما ومساعدوه، الذين انغمسوا في عذر تلو الآخر، وصمة عار دائمة في سجلهم. كما يتحمل المسؤولية الجمهوريون والديمقراطيون على حد السواء، لأنهم عارضوا استخدام القوة في الدفاع عن «الخط الأحمر»، مما ساهم في تخبط أوباما. وكذلك المرشحون الرئاسيون (أمثال الرئيس ترامب والسيناتور تيد كروز) الذين حرضوا الانعزاليين وحثوا على عدم معارضة الأسد. ورغم ذلك، فإن ترامب الآن هو القائد العام، وعليه أن يقرر ما إذا كان سيستمر في نهجنا السلبي ومشاهدة الإبادة الجماعية المستمرة أم أنه سيسلك مساراً جديداً. وفي هذا السياق، غرد «إليوت كوهين»، الذي يوجه انتقادات متكررة لترامب، قائلًا: «إن التأوه هو أمر جبان ويأتي بنتائج عكسية».وقد عكست تصريحات ترامب المبكرة عدم الاكتراث بسوريا، كما أن تصريحات وزير خارجيته ريكس تيلرسون وسفيرته في الأمم المتحدة «نيكي هيلي»، والتي تشير إلى أنه لم تعد لدينا سياسة لإبعاد الأسد، ربما عززت قناعة الأخير أن بإمكانه التصرف كما يحلو له والإفلات من العقاب.وقد ذكر لي السفير الأميركي السابق لدى تركيا «إريك إدلمان»، أن «الأمر سيبدو، على الأقل قبل ضربات أمس، أن سياسة ترامب بشأن سوريا ما هي إلا استمرار لسياسة أوباما. وربما يعكس هذا حقيقة أنه بعد السماح باستمرار المذبحة لمدة ست سنوات، فإن الخيارات المتروكة للإدارة تتراوح بين كونها خيارات سيئة أو كارثية، لكن السماح باستمرار هذا إلى ما لا نهاية ربما لن ينجح». وأضاف: «الوضع ليس مرعباً بالمعنى الإنساني فقط، ولكنه يؤدي إلى كارثة هجرة عارمة نحو أوروبا. ولا يبدو مصادفةً أن الهجوم الكيماوي جاء بعد إشارة الإدارة إلى أنه يمكنها التعايش مع الأسد، ما يعد استمراراً لسياسة أوباما السابقة». والمنتقدون الآخرون للنهج السلبي حيال سوريا يعتقدون أن الفرصة لا تزال قائمة. ومع ملاحظة التصريحات القوية التي تشجب المذبحة من جانب الإدارة، أشار مستشار الأمن القومي السابق «إليوت أبرامز» (الذي قيل إن تعيينه نائباً لوزير الخارجية مرفوض من قبل ستيف بانون)، قائلًا: «السؤال هو ماذا بعد ذلك؟ هناك خيارات، بدءاً من الضربات العسكرية التي تلحق الضرر بقدرة الأسد على الحرب، ومن المؤكد أنها ستقنعه بعدم استخدام أسلحة كيماوية مرة أخرى». ويوضح قائلاً: «إن الإدارة عالقة حالياً: وفيما تزداد تصرفات الأسد سوءاً، يصبح خطابنا أكثر صرامة، كما ينبغي أن يكون، ولكن في ذلك الوقت يصبح التقاعس غير قابل للدفاع عنه». ويشير إلى أنه «حتى القيام بضربات جوية محدودة (من النوع الذي كان في ذهن أوباما لكنه تخلى عنه) سيحصل على دعم واسع النطاق، وسيكون بمثابة رسالة قوية لبوتين مفادها أن الرئيس سيكون منافساً قوياً».وفي مؤتمر صحفي عقده بعد ظهر الأربعاء الماضي، قال ترامب إنه غيّر رأيه بعد التفجير الكيماوي الأخير: «سأقول لكم إن الهجوم على الأطفال أمس كان له تأثير قوي علي. لقد كان أمراً فظيعاً. لقد كنت أشاهد، ومن غير الممكن أن يكون هناك شيء أسوأ من ذلك. لدي هذه المرونة. ومن الممكن جداً، وسأخبركم أن هذا يحدث بالفعل، أن يكون موقفي تجاه سوريا والأسد قد تغير كثيراً». بالطبع هذا مستمر منذ سنوات، لكن التحول أمر مرحب به والقول ببساطة، إن الرعب كان له «تأثير كبير» لن يكفي. وفي تغيير مفاجئ في اللهجة عن إلقاء اللوم يوم الثلاثاء، أعلن ترامب قائلًا: «إنني الآن أتحمل المسؤولية، وسأحملها بكل فخر. سأقول لكم هذا. هذه الآن مسؤوليتي». هذه بداية، ولكن ما الذي سيفعله؟ صحيح أن الظروف على الأرض قد ازدادت سوءاً نتيجة لسنوات التقاعس من جانب أميركا، لكن مع ذلك، فإن ترامب «لا يعدم أي خيارات»، بحسب ما ذكر زميلي الخبير في السياسة الخارجية «روبرت كاجان»، والذي قال: «تماماً كما كان من الممكن أن تتصرف إدارة أوباما لمنع القوات الجوية التابعة للأسد، كذلك من الممكن أن تفعل إدارة ترامب». وأضاف أن مجال الخيارات العسكرية (مثل إعلان منطقة حظر جوي، وضرب القوات الجوية للأسد) «كانت دائماً متاحة، كما كان يوصي كبار المسؤولين في الإدارة السابقة، لكنها كانت مرفوضة باستمرار من قبل سوزان رايس وبن رودس، وبطبيعة الحال من أوباما نفسه، باعتبارها محفوفة بمخاطر عالية». *كاتبة أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©