الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لهيب الأسعار يؤجج نيران الغضب في الشرق الأوسط

لهيب الأسعار يؤجج نيران الغضب في الشرق الأوسط
9 مايو 2008 01:01
دفع الارتفاع الفلكي الاخير في أسعار المواد الغذائية والعديد من السلع الأساسية في الأسواق العالمية ملايين البشر في منطقة الشرق الأوسط إلى دائرة الفقر مما أثار موجات من الاضرابات والاحتجاجات الشعبية· فالكثير من الدول العربية تعتمد على الاستيراد لتلبية احتياجاتها الغذائية وهو ما يجعل هذه الدول في ''مهب الريح'' العاتية التي تنطلق من الأسواق العالمية لتؤجج لهيب أسعار المواد الغذائية في الاسواق المحلية· ووفقا لمؤشر أسعار الغذاء الذي تصدره مجلة إيكونومست البريطانية المتخصصة فإن أسعار المواد الغذائية تراجعت عام 2005 بنسبة 75% وفقا لمعدلات التضخم خلال الثلاثين عاما الماضية، ولكن العامين الماضيين شهدا قفزات هائلة في الأسعار حيث زادت الأسعار بنسبة 75% خلال العام الماضي وحده· وكانت مصر قد شهدت مقتل 11 شخصا خلال الشهرين الماضيين بسبب مشاحنات في الطوابير الطويلة التي امتدت أمام المخابز للحصول على الخبز المدعم، وفي أوائل أبريل الماضي شهدت مدينة المحلة الكبرى الصناعية شمال القاهرة مظاهرات عمالية للمطالبة بزيادة الأجور مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص· وقال سائق سيارة أجرة في إحدى محطات الوقود بالقاهرة إن: ''أسعار الغذاء زادت والآن زادت أسعار البنزين ولا يمكننا شراء ما نأكله ولا يمكن أن نعيش بهذه الصورة''، وأضاف السائق أن: ''الحكومة تعتقد أن هذه الزيادة لن تؤثر إلا على الأغنياء ولكنها في الحقيقة تعاقب الفقراء المعدمين بزيادة أسعار البنزين''· وفي سوريا، تخشى الحكومة من اندلاع أعمال على غرار عنف الخبز في مصر وذلك بعد الزيادة الكبيرة في أسعار الوقود رغم زيادة الأجور بنسبة 25%، وكانت السلطات السورية قد زادت سعر البنزين في مارس الماضي بنسبة 11% في إطار خطتها لإلغاء دعم هذه السلعة· وقبل أيام قررت الحكومة زيادة سعر البنزين بنسبة 250% دفعة واحدة متزامنة مع الإعلان عن زيادة الأجور بنسبة 25%، وظهرت بالفعل طوابير خبز في العديد من المدن السورية رغم تأكيدات الحكومة بأن أسعار الخبز لن تشهد أي تغيير· ونقلت صحيفة ''الثورة'' السورية عن عصام قهوجي المسؤول في أحد المخابز التي تديرها الدولة قوله إن الطوابير أمام المخابز في سوريا ظهرت بسبب اتجاه الناس إلى الحصول على الخبز المدعم بسبب ارتفاع أسعار الخبز الحر في الأسواق· أما في دول الخليج الغنية بالنفط فتبدو تفاصيل المشهد مختلفة قليلاً، فالارتفاع الكبير في أسعار النفط العالمية التي تجاوزت مستوى 120 دولارا للبرميل حقق مكاسب كبيرة لطبقة الأثرياء الذين يسيطرون على المشهد الاستثماري في حين أن ذلك أدى إلى موجة تضخم هائلة تعاني منها الأغلبية الساحقة من سكان تلك الدول· فمعدل التضخم في السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم ارتفع من صفر في المئة على مدى سنوات إلى 6ر9% في مارس الماضي· وقادت أسعار المواد الغذائية وإيجارات المساكن في دول الخليج معدلات التضخم إلى الارتفاع لمستويات قياسية، واكتوى بلهيب الأسعار في دول الخليج أغلبية مواطنيها وكذلك مئات الآلاف من العمال الأجانب الذين فروا من الفقر في بلادهم ليجدوه في انتظارهم في البلاد البعيدة· وفي إيران يبدو أن المعضلة الأحدث ارتفاع أسعار الأرز، فقد قفز سعره بشكل هائل بلغ ثلاثة أضعاف تقريبا منذ منتصف مارس الماضي، ويقول رضا وهو صاحب سوبر ماركت في شمال طهران: ''أنا حقا لا أدري كيف أفسر كل هذا لزبائني، فأسعار الارز لم تعد في متناول المواطنين العاديين الذين يحملونني أنا المسؤولية عن تلك الاسعار''· وقبل بدء العام الفارسي الجديد (21 مارس) كانت أسعار الارز تتراوح بين 15 الفا و 18 الف ريال (6ر1 إلى 9ر1 دولار) للكيلو لكنها زادت منذ ذلك الحين من 40 الفا الى 55 الف ريال (3ر4 الى 9ر5 دولار) للكيلو· ويرجع المنتجون ارتفاع سعر الارز إلى الجفاف الذي ضرب الاقاليم الشمالية المطلة على بحر قزوين خلال الأسابيع الماضية وأدى الى اتلاف المحصول، لكن ربما يمكن القول إن ثمة سببا آخر وهو أن محصول الأرز لم يعد مربحا بالنسبة للمزارعين الذين يقومون ببيع أراضيهم بشكل تدريجي واستثمار العائد في مجالات أكثر ربحية· وترفض جمعية منتجي الارز حجة الجفاف وتقول إن الارز الموجود في الاسواق هو إنتاج الخريف الماضي ولا يمكن أن يكون قد تأثر بالتطورات الأخيرة، ويقول امين الجمعية جميل على زاده إن الجفاف والرسوم الجديدة أو زيادة أسعار الارز عالميا ربما تسهم في تعديل أسعار الارز في وقت لاحق من العام لكن ليس الان وفي هذه الفترة المفصلية· وتحمل الحكومة الايرانية المضاربين في الاسواق المسؤولية عن ارتفاع أسعار الأرز لجشعهم ورغبتهم في تحقيق أرباح طائلة عبر احداث ''صدمة نفسية'' في السوق، ويضع الرئيس الإيراني احمدي نجاد على رأس أولوياته محاربة ما يصفه بـ'' مافيا السوق'' التي يحملها أيضا المسؤولية عن الزيادة الفلكية في أسعار العقارات التي زادت بنسبة 300 في المئة منذ عام ·2005 ويتهم احمدي نجاد ايضا المضاربين بمحاولة الاضرار بمنجزات حكومته التي زادت نسبة التضخم في ظلها بما يتراوح بين 20 إلى 30%، وقد أدت الارقام من هذا القبيل إلى انتقادات واسعة في كافة أنحاء البلاد· وتقول هالة وهي ربة بيت تقيم في طهران: ''سواء أكان في الامر مافيا أو غيرها فان على الحكومة أن تفعل شيئاً''·
المصدر: القاهرة، طهران
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©