الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ربيع البوبو: أساعد الناس ليساعدوني عند الحاجة

ربيع البوبو: أساعد الناس ليساعدوني عند الحاجة
21 يونيو 2009 01:18
لم تكن صدفة أن يغطس ربيع البوبو في المياه يوم الجمعة الخامس من الشهر الجاري في وقت المغرب، ليحاول إخراج سائق سيارة احتجز داخلها بعد أن تعطلت كل أجهزتها الأوتوماتيكية وبات من الصعب فتح أبوابها. وذلك لا يعود إلى كون ربيع نشأ في منطقة ساحلية في مدينة صيدا اللبنانية وأجاد السباحة وهو لا يزال في الخامسة من عمره، يعوم ويغطس في الماء المالح، إنما لكونه تعوّد على العمل التطوعي وانخرط فيه مبكراً سالكاً طريق والدته التي وعي وهي متطوعة في مركز اجتماعي طبي تبذل جهدها في مساعدة الناس وتقول له دائماً «إذا ساعدت إنساناً سيرسل لك الله من يساعدك وقت الحاجة». وقال ربيع: «كنت أسمع عبارتها ولم أدرك قيمتها وأهميتها إلا لاحقاً، وأنا اليوم أردد في نفسي ما قالته لي وأقوله للآخرين». واجب إنساني لم يتعرف ربيع بعد مضي أكثر من أسبوعين على الحادث على الشخص الذي أنقذه، وهو لم يسع للتعرف إليه لأنه لا يريد أن يشعره بأي جميل تجاهه، ويعتبر أن إنقاذ روح إنسان عمل مهم جداً وواجب على كل إنسان يثق بقدرته على إنقاذها. وأضاف: «صحيح أنني لم أفكر وتصرفت بسرعة حين رأيت السيارة تغرق، ولكنني كنت متأكداً من مهارتي في العوم ومن قدرتي على إنقاذ السائق العالق في الداخل، كما أنني حملت في يدي دولاب العوم اعتقاداً مني أنني قد أحتاجه لإسعاف هذا الإنسان بعد إخراجه من السيارة. الاندفاع لإنقاذ الناس مهم شرط ألا نفاقم المشكلة، لأنه لو كان الوضع مختلفاً ربما كنت أنقذته بطريقة مختلفة». أما عن المصادفة المؤثرة التي حدثت كي يتم إنقاذ هذا الإنسان، فتمت حين كان ربيع وصديقه يبحران في مركب صغير قريباً من شاطئ أبوظبي، فلمحا من بعيد تجمع الناس على الشاطئ (بين المارينا والكورنيش) تحديداً خلف سوق السمك، واستغربت هذا التجمع فطلبت من صديقي الاقتراب ولاحظت أنهم ينظرون إلى الماء فصرخت بأعلى صوتي سائلاً إذا كان هناك غريق وكنا قد اقتربنا أكثر فرأيت السيارة تغرق من الجهة الأمامية شيئاً فشيئاً وعلمت أن ثمة شخصاً محتجزاً داخلها. بسرعة حملت دولاب العوم وسبحت إلى السيارة التي لم نتمكن من الاقتراب منها بواسطة المركب كي لا يحصل اصطدام، وحين وصلت إلى السائق رأيت يده التي تضرب على النافذة لكسرها وقد دُمّيت من شدة الضرب. حاولت فتح الباب ومن ثم كسر الزجاج من دون فائدة، فكل الأجهزة الأوتوماتيكية أقفلت وأقفلت الأبواب تماماً». عملية إنقاذ يسترسل ربيع ويقول: «سبحت حول السيارة وهي لا تزال تغرق شيئاً فشيئا ووجدت النافذة الخلفية بين الزجاج الخلفي وزجاج نوافذ المقاعد الخلفية، وهي صغيرة إنما هي الوحيدة التي لا تقفل أوتوماتيكياً، فحاولت فتحها وطلبت مساعدة السائق من الداخل ففعل، ومن ثم ندهت للناس كي يمدوني بخشبة وكسرت بها النافذة وغصت في المياه من قوة الدفع، وحين خرجت من المياه كان المحتجز في الداخل قد أصبح طليقاً فسبح إلى الشاطئ وذهلت من سرعته، وأعتقد أنه أصيب بصدمة وهو محتجز في الداخل وربما شعر بروحه تصعد وفجأة ردّت له الروح فسارع إلى التقاطها غير مصدّق بأنه نجا». يضيف: «لم تمض ثلاث دقائق حتى كانت المياه قد غمرت السيارة تماماً وربما ساعد في سرعة غرقها فتح النافذة الصغيرة، التي تعمل يدوياً في السيارة كلّها بخيارات أوتوماتيكية». حس المسؤولية ذهل ربيع حين وصلت الشرطة إلى المكان مباشرة، يقول: «بعد أن قام أحد الموجودين على الشاطئ بالاتصال بالشرطة، أذهلني ليس مجرد وصولهم السريع بل إنهم كانوا بكامل عدتهم للتصرف في حوادث مماثلة، ومعهم الإسعاف والتحريات والغطاسين. فحتى لو لم أكن هناك وأتصرف بهذا الشكل، لكان تم انتشال السائق بسرعة من قبل الشرطة. أنا أقيم في أبوظبي منذ أربع سنوات وقد أقمت في دبي لمدة سنة قبلها، وفي الواقع ثمنت ما رأيته في أسلوب عمل الشرطة هنا، فثمة برامج توعوية وتكامل مع المجتمع، وكنت قد قرأت ما تصدره شرطة أبوظبي من كتيّبات تتوجه فيها إلى المجتمع وتنمّي حس المسؤولية لديه ليتكامل دور المجتمع مع الشرطة. لذا من المهم الإشارة، أن غير المؤهل لإنقاذ شخص في ظرف ما عليه ألا يندفع ويتصرف كيفما اتفق، فلنفترض أنني لست سباحاً ماهراً وقمت بالغطس لإنقاذ شخص، فقد أسبب موته وموتي معاً، لا قدر الله، أو لربما كنت شغلت المسعفين والغطاسين بي في حين أن هناك شخصاً معنياً بالإنقاذ نتيجة حادث، وبدل المصيبة تصبح هناك مصيبتان. لقد سئلت من قبل الأصحاب عن رأيي في تجمهر الناس حول مكان غرق السيارة من دون أي ردة فعل، وفي البداية شعرت بالامتعاض لذلك الأمر، لكنني فكرت بالأمر وقلت في نفسي أن غير المؤهل للقيام بعملية إنقاذ عليه ألا يتحرك حتى لا تتفاقم المشكلة. ربما عليه أن يتصل بالشرطة وينتظر قدومهم، وبالفعل لقد زاد شعوري بالأمان حين رأيت سيارات الشرطة بكامل المعدات الضرورية لعمليات الإنقاذ وقد قدمت بعد دقائق من الاتصال بهم. على كل إنسان واجب يجب أن يقوم به في المجتمع ومن المهم الاتصال بالشرطة في كل الحالات». قطعة حلوى ويصف ربيع مدينة أبوظبي بأنها مدينة الأمان المطلق، ويقول «لقد نسيت باب منزلي مفتوحاً في أحد الأيام، وحين عدت متأخراً استغربت واعتقدت للوهلة الأولى أن ثمة أحداً في الداخل، ومن ثم ضحكت من نفسي لهذه الأفكار لأنني أعيش في أبوظبي حيث الأمن والأمان، ولا يكون الباب مفتوحاً إلا لأنني نسيت إغلاقه وإقفاله، كما لم يدخل أحد المنزل ولم أفقد أي شيء». وحين سألناه في ختام الحوار ماذا يا ترى ستقول أمه حين تعرف أنه تم تكريمه لأنه أنقذ أحد الغرقى؟ فقال: «ستقول من دون شك، هذا هو ابني الذي ربيته». وأضاف: «فأنا انخرطت بفضلها ومنذ صغري في العمل التطوعي في صيدا، كما كنت ناشطاً في الكشافة اللبنانية أزور مع أصحابي المعوقين والمسنّين ونساعدهم، وهذا أيضاً ما قمت به خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 1996، حيث قدمت ما أستطيعه لفريق الأطباء التابعين لمنظمة أطباء بلا حدود».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©