الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مقاس زيرو!

21 يونيو 2009 01:19
التقيت صديقتي بعد طول غياب، صحيح أنها تخلصت من دهون لطالما تكدست حول خصرها لكنها بدت شاحبة جداً، فقد وجهها نضارته وغابت عن خدودها حمرة محببة. تجنبت سؤالها عما ألمّ بها رغم أنني أثنيت على قوامها الجديد. ولكنها سرعان ما بادرت وسألتني: «ألم تلحظي كم أبدو شاحبة؟» ثم أتبعت سؤالها بلوم نفسها لانجرافها وراء تيار يعظم النحافة ويلعن الاكتناز، مبينة أنها تناولت حبوباً منحفةً، صحيح أنها ساهمت في نحت جسدها ولكنها امتصت الإشراقة من وجهها بسبب آثارها الجانبية. لم تكن صديقتي تنتمي لفئة السمنة المفرطة لكنها كانت مسكونة بهاجس «مقاس زيرو» أسوة بنجمات هوليوود. صحيح أنها ربما كانت بحاجة لأن يرتد مؤشر الميزان نحو اليسار قليلاً ، لكن ذلك لم يمنع من أنها كانت تتمتع بحيوية وجاذبية تذكر بجاذبية هند رستم ملفوفة القوام، غير أن مقاييس جمال الألفية الثالثة تشدد على المقاس زيرو. والواقع أن مصانع الأدوية والمستحضرات الطبية استغلت هوس النساء بمظهرهن الذي تغذيه الفضائيات بترويجها لنماذج الجمال بارزة العظام فأطلقت وعوداً خيالية لفقدان الوزن في زمن قياسي بمجرد تناول حبوب التنحيف التي «تؤمن التصريف السريع للدهون المكتنزة». ووفق تصنيف المختصين تقسم حبوب التنحيف بحسب آلية عملها إلى أربعة أصناف فهي إما مثبطة للشهية، أو مضادة لامتصاص الدهون، أو رافعة لمعدلات الأيض، أو مثبطة لمقاومة الأنسولين. وربما تكمن الخطورة في الحبوب المحتوية على مادة «الإفدرا» التي تؤذي الجهاز العصبي ، إذ تظهر على متناوليها أعراض مثل عدم انتظام دقات القلب، والعصبية الزائدة، وتعرض الشخص الذي يتناولها لأحلام مزعجة. ومهما كانت التأثيرات السلبية لحبوب التنحيف قليلة على الصحة بيد أنه من الأفضل تجنب تناولها فمن الأفضل أن تعيش سمينا على أن تعيش مريضا، بمعنى أنه من الخطأ المراهنة على الصحة من أجل خسارة بضعة كيلو جرامات، فالطريق الآمن والوحيد للتخلص من الوزن الزائد هو «اتباع حمية غذائية متوازنة، وزيادة النشاط البدني». لم أشعر بأن صديقتي مستمتعة بمقاس الجينز الجديد فهي مثقلة الآن بمداواة تهيج القولون، وتنظيم معدل دقات القلب، والسيطرة على الانفعالات الشديدة التي تنتابها أمام أي موقف مهما كان بسيطاً.. وأعتقد أنها تتمنى لو أنها احتفظت بالكيلوجرامات المفقودة مقابل أن تنام قريرة العين دون أن تطاردها الكوابيس. ليلى خليفة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©