الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«جنّي» في الطائرة!

12 ابريل 2010 21:12
بينما كنت عائدا من إحدى المدن العربية، وحين كنت جالسا على مقعدي في الطائرة إلى جانب الركاب الآخرين، تفاجأ الجميع بشخص يصرخ بأعلى صوته، ويتحدث بكلمات لم نفهم شيئا منها، أخذ يضرب نفسه، ويخنق عنقه بيديه، بينما جسده يتمايل في حضن زميله الذي يجلس بجواره، ظنه الجميع مصابا بالصرع أو بحالة مرضية ما، لكن صديقه أرعب الجميع حين قال إنه ليس مصابا بمرض عضوي، بل به مسّ من الجن.
لم تمر سوى بضع لحظات، حتى تجمع نصف من كان بالطائرة حول صديقنا «الملبوس»، متناسين الخوف الذي شعروا به بادئ الأمر، فهم يريدون أن يشاهدوا «الجنّي» الذي يرافقهم على الطائرة، حاول طاقم الرحلة إعادة الجميع إلى مقاعدهم، وبذلوا جهدا كبيرا حتى اقتنع أغلب الواقفين بالجلوس، لكن أصعب ما واجهوه كان موقف صديق «الملبوس» الذي رفض تدخل أي شخص لمعالجة الوضع، مؤكدا بألا أحد غيره يستطيع المساعدة، بل وأن أي محاولة للمساعدة من جانب المضيفين ستسبب لهم ضررا شديدا قد يصل إلى الموت، لأنهم سيغضبون «الجنّي»..
أخذ هذا الصديق يتمتم بكلمات غريبة ويقرأ نصوصا غير مفهومة في أذن صاحبه، ظانّا أنه سيخدع الجميع، لكن إحدى المضيفات لم يعجبها الأمر، وبعكس أغلب الحاضرين، كانت تمتلك الشجاعة لتوجيه الأمر له بالابتعاد عن «المريض»، وما لبث بقية أفراد الطاقم أن انضموا إلى زميلتهم، ليسيطروا على هذا «الملبوس» ويعيدوه إلى صوابه، وبعد لحظات سريعة عاد إلى طبيعته، لكن الخوف والارتباك كانا واضحين على وجهه بعدما سببه من توتر على الطائرة.
الغريب أن تلك المضيفة وزملاءها، لم يصابوا بالأذى والضرر المخيف الذي حذرهم منه صديق «الملبوس»، وظل ذلك الصديق صامتا طيلة الرحلة، تبدو عليه علامات الفشل في خداع من كان على الطائرة.
يحلو للكثيرين في مجتمعاتنا العربية، الحديث عن قصص الجن والأرواح وتأثيرها في حياة الناس، وبالرغم من أننا نؤمن بوجودهم مثلما ذكر القرآن الكريم، ولكن المبالغة في تداول الأحاديث حول هذه القصص، وتصديق كل ما يقال من هنا وهناك، جعل الكثيرين ينظرون إلى جهلهم وفشلهم في تفسير الكثير من الأمور والظواهر الطبيعية، على أنها من صنع الجنّ والشياطين، وجعل البعض يبرعون في أساليب الخداع والاحتيال بادعاءات زائفة.
وبالنسبة لي شخصيا فقد كانت هذه الرحلة تجربة مرعبة، وبالرغم من مرور فترة ليست بالقصيرة عليها، فلا زلت مصرا على عدم تكرارها والامتناع عن زيارة ذات المدينة التي جاء منها «صديقنا الجنّي»، فأنا لست راغباً في معايشة لحظات مشابهة بينما أكون معلقا بين الأرض والسماء، ومن يضمن لي أن يمتلك طاقم طائرة أخرى ما يكفي من الشجاعة لكشف خدعة مماثلة؟

hussain.alhamadi@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©