الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

وأكثرُ من.. حكاية

2 مارس 2011 18:41
هناك كانت أمي تُخيط ثوب العيد الأزرق، هناك صديقتي التي كبرت وظفائرها (منفوشة) مع ضباب الفجر، هناك منزلي القديم الذي بات محصورا على حكايانا الصغيرة وتعويذة الحنين، هناك جدتي التي نقشت على جدارنا شجرة الحب الكبير الذي لا يموت.. وأكثر من حكاية.. التفت على عصا العجوز الهرم الذي فقد سمعه، واتسعت أحداقه بفضاء الوطن الكبير.. هو كان هناك يتنفس برئة المغادرين خيامهم ووحده يرمقني بالعتاب، كان يرمم أحداثه اليومية المتكررة ثم يمارسها خفية عن أعينهم، ينكز بأصبعه زر الصعود الى الأعلى، وتسقط أحلامه الأخرى على الأرض المتدثرة أمنياتنا الكبيرة باكية.. هو يراني كفراشة تُحلق بجناحيها حول معصمه، كالزهرة التي قطفها بالأمس وذبلت اليوم، هو الذي اشتم رائحتها مع نسيم الليل الطويل. كان يأتي خلسة كي يمشط أهداب حيرته ويباغتني بِقَبلة، ثم يرحل نحو تلك الأماكن كي يمارس شعوذة الهروب المستمر. أكثر من حكاية مرت بذاكرتي البليدة.. إحداها هي التي أصبحت أرملة، الثانية هي التي أضرمت النار بقلبها، والثالثة هي التي استوحت من الخيال خليلاً لها، الرابعة تلك التي انهت حياتها بالموت، والأخيرة هي من تزوجت وعقلها صغير. منذُ الأول من تشرين الثاني أغلب الحكايات خيالية/ مُربكة، تصحبُها الموسيقى الحالمة وفنجان القهوة وقطعة السكر غير المحلاة، هناك كانت صديقتي تعاتبني لأني غادرت مدينتي من دون أن أُخبرها، وهناك زميلتي في المدرسة كانت تفتعل الأحاديث كي يبقى الشجار مستمرا، هناك تلك الساحة التي رسمتُ على أرضها علم وطني، وقفت أتذكر سويعات الرحيل وعيني صِغار الحي حين بدأت بالشحوب، تذكرت أنني كُنت أحبه ولا أريده ثم أريده ولا أحبه.. توقفتُ على صوت سيارته القديمة التي يزعج بها الجيران، وبخته... وازداد في وسامته! مددتُ له يدي فَقَبّلها بنشوة! هُناك كانت حكاية أخرى رحلت مع بساط الريح، وأخرى تناقلها الرواه بحديث يائس. كانت أغلب الحكايات دافئة في الشتاء.. جافة بالصيف، تُخبرك أن من اليقين أن ترسمها في معارض الفنانين العظماء، أن تدونها على مذكراتك وتحلق معها بجناحيكَ نحو الشمال. تذكرت لحظة انفلات الحب من بين يدي، وتلك الساعة الكبيرة على حائط منزلي القديم، تكتكتها كانت تحرض قلبي للاشتياق.. قبلته التي طبعها في ليلة قمرية.. عيناه التي كانتا تلامسان جذوة أنوثتي.. تحرضني على لقياه كل يوم.. تذكرتُ أنني رحلت بعيداً عنه، كُنتُ ابحث عنه في ملفات قلبي.. ذاكرتي التي عطبت منذ سنين.. بحثتُ عن أسمه، عن إقامته، عن وطنه الساكن أضلعي، عمن تكون التي تربعت على قلبه بعدي. كان بحثي مملا/ محفوفا بالمخاطر. اليوم شعرتُ أن بعض الحكايا تنتهي لتموت، تُدفن بمقبرة النسيان. كان هناك حلم وحب صغير جمعنا، حكايه امتدت عبر سنوات الفرح وسنبلة الشمس الطويلة.. مخرج: أي ذكرى هي التي تبقى موشومة على صفحات حياتنا بلون مختلف؟ ما الذي قد يُعيد للنسيان ذاكرته؟ ما هي حكاياتنا التي تبدأ وتنتهي للحظة خوف منا؟ كيف لي أن لا أسألني كثيراً؟ ليوم ما كتبتُ حكايا مزجها الحبر بمشاعر أنثى باتت تتسائل وتبحث عن حقيقتها بين النساء الأخريات.. فأي الحكايا التي قد تُشعرك بالحنين منك؟ * العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©