السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الطابور: نعيش زمن الترف الثقافي

الطابور: نعيش زمن الترف الثقافي
27 فبراير 2015 22:05
عبير زيتون (رأس الخيمة) من الصعب حجزه بموعد محدد، يعيش بفي عمق مع حكايات التاريخ بشخوصها وأحداثها وتفاصيلها، يحركه هاجس قلق لا يخلو من العشق والشغف بكل ما يتعلق بسيرة الأوائل، فهو يؤمن بأن الحاضر هو امتداد للماضي. يتنقل من أجل المعلومة في كل مكان. لا عائق يقف في وجهه إن كانت هناك معلومة توثق بحثه وتغنيه، فجاءت أعماله مترفة بين التاريخ والتوثيق والقصة والرواية. من هذا الباب كان حوار «الاتحاد» مع الدكتور عبدالله علي الطابور النعيمي (دكتوراه في فلسفة التاريخ الحديث والمعاصر)، بسؤاله عن أي الألقاب هي الأقرب إليه: المؤرخ أم الكاتب أم الباحث أم الصحفي؟ فيجيب كمن ألف السؤال: «أنا ضد الألقاب والتصنيفات التي تحد من حيوات الإنسان، وهي لا تعنيني إن كنت قادرا على إضافة ماهو جديد وموثق، وكلها مثل النهر الواحد، عمادها التاريخ والحكاية، التي منها ابتدأت الحياة وتشكلت الحضارة الإنسانية، والاعتماد عليها ينتج أدباً حديثاً فيه مواءمة وتأصيل». التراث الشفاهي يؤمن الطابور بأن التراث الشفاهي بألوانه المتعددة من سير وتراجم وحكايات شعبية وحكم مروية، هو زاد مهم وأساسي، ومن مصادر التاريخ ومعين علمي غني للباحث الرصين والجاد في التأليف والتوثيق، والكتابة التاريخية العملية والمنهجية. كذلك هو جزء لا يتجرأ من ذاكرة الحضارة التي يتوجب على الباحثين والمعنيين الاهتمام بها. من هذا الفهم يتابع الطابور بحرص الوصي والمؤتمن على التاريخ، مايسميه مشروعه الثقافي الطويل، الذي بدأه منذ أكثر من ربع قرن، نتج عنه أكثر من 23 عملاً بحثياً وتوثيقياً، أضافت الكثير من المعرفة العلمية في التاريخ وقراءته إلى المكتبة الخليجية والعربية منها: «جلفار عبر التاريخ» الحائز جائزة أفضل كتاب في مسابقة جائزة عويس عام 1998، و«الألعاب الشعبية» في جزئيه الأول والثاني 1986، وكتاب «التعليم التقليدي ـ المطوع في الامارات» 1992، و«سلسلة التاريخ الشفاهي ـ رجال في تاريخ الإمارات» بأجزائها الستة 1993، و«رسائل الرعيل الأول من رواد اليقظة في الإمارات» 1999، و«المختصر في أشهر نواخذة الغوص والسفر في الامارات» 2002. بالإضافة لأعماله الروائية، مثل «سهيل» وهي سرد تاريخي لحياة سالم وسيرة المقاومة التي يمثلها، والمجموعة القصصية «ثقب الصخرة». علاقة الباحث والمؤلف د. عبدالله الطابور مع التاريخ والموروث التراثي، علاقة شغف ومسؤولية يحركها الخوف والقلق على تفاصيل مهمة قد تضييع وتذهب أدراج الرياح مع غياب الاهتمام بالفكر التاريخي وفلسفته، حسب قول الطابور، الذي لا يعرف الملل ولا الاستكانة، وهي علاقة على مايبدو لها منبع طفولي في مراحل العمر الأولى من التعليم، عندما كانت الجائزة تنتظره كطالب إذا أحسن جمع رواية من روايات الجدات أو كبار السن، وامتد هذا العشق الطفولي الى ولع في الحفر والتنقيب وراء معلومة الذاكرة وامتهان فلسفة البحث التاريخي التي يرى فيها ضرورة وجودية وسيرورة حضارية لا تستقيم الحياة البشرية دونها، فجاءت مؤلفاته غنية ببعدها الإنساني والفكري، الى جانب الموضوعية والدقة التاريخية التي لا يخلو مؤلف من مؤلفاته من هوامش تاريخية ترشدك الى مصدر الخبر ومنبعه الأساسي بأسلوب سلس بعيد عن الرتابة التوثيقية التي تفرضها أحيانا ضرورات التوثيق. التاريخ والفلسفة ويرى الطابور في الجانب الفلسفي من التاريخ، «أن التاريخ الإنساني هو تراكمات معرفية وفكرية لا يمكن قراءتها وفك ألغازها دون قراءة الجانب الفلسفي منها»، ويرى فيها محاولة لتفسير ما يرى وما يشاهد، وبالتالي، فإن «الفلسفة عنصر أساسي ومهم في حياة الإنسان الطبيعية، فما بالك عند قراءة تاريخ حضارات إنسانية، وهذا الأمر يحتم علينا إيلاء الفلسفة اهتماما كبيرا، عبر نقل أفكارها ومبادئها الى شباب اليوم، الذي يغرق في حيثيات الحياة المادية الجافة الخالية من أي أبعاد روحية وفلسفية إنسانية». يعمل د. عبدالله الطابور على إنجاز رواية أخذت منه سنوات طويلة من البحث والجمع وترجمة الوثائق الأجنبية لغموض بعض الأحداث واندثار معلوماتها مع تقادم الزمن، وهي رواية عن «أم الشهداء صالحة»، التي دافعت عن رأس الخيمة أثناء حصارها عام 1819، إضافة لمراجعة مشاريع بحثية أخرى نشرت سابقا أو قيد النشر، كلف بها من قبل الدولة التي تعمل بكل نشاط وجدية على إعادة الذاكرة التاريخية للامارات بصفحاتها المضيئة والمهمة، بهدف تحفيز الشباب على قراءة ذاكرته بعيون جديدة علمية ومدروسة. ويقول الطابور في ذلك: «للأسف بعض الكتاب يستسهلون عملية إصدار الكتب، التي باتت موضة الآن، وترفاً ثقافياً يتجه إليه البعض دون أي إحساس بعبْء المسؤولية الأخلاقية والفكرية، وهذا الأمر تتحمل دور النشر المسؤولية فيه أيضا».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©