الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«مجتمع المشاركة» في هولندا

7 مارس 2014 23:51
عندما انتقل والد الهولندية «سونيا فان فيك» إلى دار لرعاية المسنين قبل عامين، كانت الابنة تزور يومياً الدار لتعد القهوة وتطهو الطعام وتغسل الأطباق أو تتسامر مع النزلاء الآخرين الذين يعيشون مع والدها في نفس الجناح. ولكن الأمر أصبح مختلفاً الآن، فمنذ العام الماضي، تحول ما كانت تقوم به سونيا بعاطفة الحنان تجاه الأب إلى مهام إجبارية يتعين على الأسر القيام بها في دور المسنين. وإذا رفضت الأسرة التطوع «الإجباري» فإن دار الرعاية تبلغها بأنه لا مكان للمسن منها في الدار. ومن حيث الممارسة، فالحد الأدنى من تطوع الأسرة أو شبكة الأصدقاء هو أربع ساعات في الشهر، يقدمون خلالها خدمات غير طبية مثل إعداد الوجبات وأعمال النظافة. ومركز رعاية فيلجنهوفن الذي يوجد فيه والد سونيا يأوي 28 شخصاً من قرية صغيرة تعرف باسم شتولفيك وما يحيط بها. وقد نفذت شركة فوندس الاستراتيجية القابضة التي تمتلك دار فيلجنهوفن التجربة في ثلاث منشآت تابعة لها وتعتزم حالياً توسيع الممارسة التي ما زالت تثير الجدل من حيث المبدأ وتطرح أسئلة تشق طريقها إلى البرلمان الهولندي. وهذه التجربة مثال لعملية إعادة تخطيط أوسع نطاقاً في أكثر برامج الرعاية الصحية شمولاً في أوروبا لتحويلها إلى ما يصفه الملك فيليم ألكسندر بـ«مجتمع المشاركة» الذي يقوم فيه أعضاء المجتمع، من أجل صالح المجتمع ودعم سياسة الحكومة في تقليص الإنفاق، ببذل المزيد من الجهد لمساعدة بعضهم بعضاً قبل أن يلجأ المواطنون للدولة للحصول على مساعدات. وقد يتجاوز تأثير سير التجربة الهولندية الحدود المحلية لتنتشر في أوروبا وأنظمتها للرعاية الاجتماعية في الوقت الذي تحاول فيه القارة التعافي من أزمات الديون. وكان ملك هولندا أكد مخاطباً رعيته الخريف الماضي أن «النموذج الكلاسيكي لدولة الرفاهية الاجتماعية يتطور ببطء ولكن بخطى واثقة نحو مجتمع المشاركة... سيُطلب من كل شخص قادر تحمل مسؤولية نفسه والمحيطين به مباشرة». وعدلت هولندا إعانات البطالة والرعاية الطبية في العقد الماضي. وارتفع سن التقاعد فيها كما في الكثير من دول أوروبا إلى 67 عاماً بدلاً من 65 عاماً. وأزمة الديون في أوروبا التي تسببت في انهيار البنوك والحكومات حملت القضية إلى الطبقة السياسية التي ألحت وتحلت بشجاعة في تنفيذ عمليات تقليص في الإنفاق لا تحظى بشعبية. والتجربة الهولندية في الواقع جزء من حزمة لتقليص الإنفاق استهدفت إبقاء عجز الموازنة الهولندية في إطار هدف الاتحاد الأوروبي المقرر بأقل من ثلاثة في المئة من إجمالي الناتج المحلي. ولكن كثيرين في هولندا يرون في مركز فيلجنهوفن الذي يقع في وسط البلاد نافذة للإطلال على «دولة المشاركة» التي قد تتحقق ذات يوم. ويقول «سيجرز» إن الدولة انتجت «شعاراً» وليس ثورة وهي وسيلة لتواري خفض الميزانية تحت هذا الشعار. ومفهوم «مجتمع المشاركة» يحمل مجموعة من المعاني، مثل تحمل الأسرة والأصدقاء مسؤولية رعاية كبار السن والذهاب بهم إلى الأطباء ومساعدتهم في تنظيف منازلهم قبل الذهاب إلى الدولة للحصول على دعم. ويُطلب من العاطلين عن العمل أن ينظفوا الشوارع والساحات في مقابل الحصول على الإعانات وهو برنامج في طريقة لأن يتحول إلى قانون في الصيف المقبل. وتتضمن المقترحات الجديدة على المستوى القومي أن يُطالب كبار السن أو المرضى بشكل مزمن من الذين يتمتعون بصحة جيدة نوعاً ما بأن يتطوعوا أيضاً في مقابل الحصول على إعانات التأمين الاجتماعي. إنه تحول ملحوظ لحياة الهولنديين الذين تمتعوا تقليدياً بواحد من أكثر برامج الرعاية الاجتماعية سخاء في أوروبا. ويعتقد كريس ألبرتس الباحث في مجال الاتصال السياسي في جامعة أراسموس في روتردام أن «هذا النوع من السياسة غير شعبي للغاية... إنه كارثة». ولكن الباحث يؤكد أن عدم تقليص النفقات لم يعد وارداً. وتعتقد سونيا أن تجربة «مجتمع المشاركة» جيدة فيما يتعلق بكون الأسر تعتني بالمسنين فيها، فهي تنفق أكثر من الساعات الأربع «الإجبارية» مع والدها. ولكنها قلقة من الاتجاه الذي تسير فيه البلاد فيما يتعلق بالمحتاجين. فقد رفعت الدولة كلفة إمكانية الحصول على رعاية التمريض بدرجة جعلت من الصعب على والدها أن يحصل عليها. وقالت «لن يمر وقت طويل حتى يكون من الأفضل العيش في السجن حيث يضمن المرء الحصول على الطعام والاستحمام». سارة ميلر لانا شتولفيك- هولندا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©