الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القس رايت··· تصريحات مثيرة للقلق

القس رايت··· تصريحات مثيرة للقلق
9 مايو 2008 23:13
''اللعنة على أميركا''، هذا ما قاله القس ''جيريميا رايت'' في ·2003 ولكن إذا كان ذلك يقلقك ويدفعك للاعتقاد بأن ''رايت'' ليس أميركيا حقيقيا، فلا بد أن أحداث هذا الأسبوع ستطمئنك قليلا، فمع ظهوره المتكرر على التلفزيون، أثبت ''رايت'' اليــوم بما لا يدع مجــالا للشــك أنــه يشترك مع الأميركيين في أبرز صفاتهم وخصائصهم: رغبة قوية في الاستئثار بالأمواج الهوائية والقول: ''إن كل شيء يدور حولي''، وعليه، فربما تكون محطته التالية هي: ''أميركان آيدول''، ونظرا للرسائل التي تحاول أن تبعث بها حملته التي تركز على الوحدة والأمل، فيمكن القول إن آخر ما ينقص ''أوباما'' هو خروج راعيه الديني السابق أمام وسائل الإعـــلام، وإعرابه عن آراء ومواقف يجدها معظم الأميركيين مسيئة ومهينة مثل الفكرة القائلة بأن حكومة الولايات المتحدة هي التي تقف وراء وباء ''الإيدز'' والتلميح إلى أن سياسة الولايات المتحدة الخارجية لا تختلف كثيرا عن الإرهاب· ولكن يوم الثلاثاء نفد صبر ''أوباما'' الذي ضاق ذرعا بعروض ''جيريميا رايت'' التلفزيونية، وقال للصحفيين إن ''القس رايت لا يتحدث باسمي، لا يمكنني أن أمنعه من الإدلاء بهذه التصريحات المشينة، ولكني، عندما أقول إنني أجد هذه التصريحات مثيرة للاشمئزاز، فأنـــا أعني ما أقول''، واللافت أنه من الصعوبة بمكان إيجاد من يمكــــن أن يدافـــع عن ''رايت هــــذه الأيــــام، ولا حتى المعلقين البارزين من ذوي الأصول الأفريقية، ككاتبة العمود ''سينثيا تاكر'' من صحيفة ''أتلانتا جورنال-كونستيتيوشن'' والقس ''يوجين ريفرز''، بيد أن شيئا ما بخصوص رغبتنا في رمي ''رايت'' تحت أقرب قطار أنفاق يصدمني نوعا ما، فصحيح أن ''رايت'' أحمق وأناني، ولكنه للأسف ليس الشخص الوحيد في الولايات المتحدة الذي يؤمن بنظريات المؤامرة التي يتفوه بها· لنأخذ الإيدز كمثال، فآراء ''رايت'' للأسف ليست بعيدة جدا عن آراء التيار الغالب في أوساط الأميركيين من أصول أفريقية حول هذا الموضوع، إذ وجد استطلاع للرأي أنجزته مؤسسة ''راند كورب'' -2005 أن 15 في المائة من الأميركيين من أصول أفريقية يعتبرون الإيدز ''شكلا من الإبادة الجماعية ضد الأميركيين من أصول أفريقية''، هذا في حين وافق 27 في المائة على أن ''الإيدز أُنتج في أحد مختبرات الحكومة''، ورأى 59 في المائة أن ''معلومات كثيرة حول الإيدز حُجبت عن الجمهور''، يمكننا أن نصف ''رايت'' بأنه متعصب ومنحرف، ولكن هل نحن مستعدون أيضا لنستخف ما بين ربع ونصف الأميركيين المنحدرين من أصول أفريقية؟ إذا كان الجواب بالنفي، فيجدر بنا أن نسأل لماذا يقبل كل هذا العدد من الناس العاديين بمثل هذه النظريات الخاطئة والمنحرفة؟ لنعد الآن إلى ''رايت'' الرجل الذي يملك كل الإجابات، وفيما يلي ما قاله هذا الأسبوع: ''نظرا لتجربة ''تاسكيجي'' وكل ما حدث للأفارقة في هذا البلد، فأعتقد أن حكومتنا قادرة على فعل أي شيء''، الواقع أنه رأي لا يخلو من بعض الوجاهة والصحة، فتجربة ''تاسكيجي'' هي عبارة عن دراسة أنجزتها ''الصحة العامة'' على مدى 40 عاما حول تأثيرات مرض الزهري، ولكن، ما هي فئران التجارب البشرية التي جُرب عليها الزهري الذي لا يعالج؟ إنهم فلاحون سود فقراء وأميون في معظمهم من ألاباما، لقد قيل لهم بهتانا إنهم يحملون ''دما ملوثا''، وليس الزهري، ولم يُسمح لهم بالاستفادة من الأدوية والعقاقير اللازمة، ولم يتم إنهاء الدراسة إلا في 1972 حين سرب أحد الباحثين الممتعضين من هذه الدراسة تقارير إلى وسائل الإعلام· قد يصيبك هذا الأمر بالارتياب قليلا، غير أن هذا الارتياب ليس من النوع الذي يستطيع الأميركيون أن يسخروا منه، فمثلما توصلت إلى ذلك الدراسة التي أنجزتها مؤسسة ''راند'' عام ،2005 فإن ارتياب الأميركيين من أصول أفريقية في النظام الصحي الأميركي -والذي يعزى إلى ''حالات تمييزٍ عنصري موثقة تم خلالها تقديم خدمات صحية للأميركيين من أصول أفريقية دون المعايير المعمول بها''- قد يكون ''أحد العوامل المساهمة في استشراء الإيدز''· بعبارة أخرى، إذا كنا نريد تسجيل بعض النقاط السياسية، فيمكننا أن ننعت نظريات المؤامرة حول الإيدز بالجنون، ما إذا كنا نرغب حقا في وضع حد لوباء الإيدز، فعلينا أن نفهم كيف ولماذا ينتهي الأمر بأناس عقلانيين إلى تصديق مثل هذه النظريات حتى ننجح في إقناعهم بتغيير آرائهم وسلوكهم، والأمر نفسه ينطبق على معظم تصريحات ''رايت'' الأخرى· في نهاية المطاف، هذه ربما هي المأساة الحقيقة لقضية ''رايت'' المثيرة للجدل· فتصرفاته وحركاته تجعل من السهولة بمكان بالنسبة للأغلبية البيضاء المرتاحة أن تستخف غضب السود وارتيابهم وتنعتهما بـ''الجنون'' والإهانة، فإذا كان ''رايت'' يقول إنه يريد أن يفتح أعيننا وينبهنا إلى القمع العنصري، إلا أنه ينتهي به المطاف في رسوم الجناح اليميني الكاريكاتورية، إذ بينما يتأسف ''أوباما'' لما صدر عن ''رايت''، فإن تصريحات هذا الأخير ''تُريح وتسعد في النهاية الأشخاص الذين يقتاتون على الكراهية''، لنكف عن جعل الأمور أكثر سوءا، ولنأخذ نظرياته حول العالم على محمل الجد حتى ندحضها بحكمة وتعقل، فإذا كنا نرغب في تجاوز السياسات الانقسامية، فإننا لا نستطيع أن نقوم بأقل من ذلك· روزا بروكس محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©