الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شباب الصين··· قوميو الجيل الجديد

شباب الصين··· قوميو الجيل الجديد
9 مايو 2008 23:13
مع ملاحقة نشطاء حقوق الإنسان لشعلة أولمبياد ''بكين'' في مسيرتها حول العالم، وتنديد مؤيدي التبت بحملة القمع في ''لاسا'' ومطالبة نشطاء ''دارفور'' بتغيير في سياسة الصين تجاه السودان، انهمك الشباب الصيني في نوع مختلف من الغضب المبرر؛ ففي المنتديات وغرف الدردشة على الإنترنت، انتقدوا زعماءَ ''بكين'' لأنهم لم يكونوا أكثر صرامة في التبت، ونظموا حملات لمقاطعة الشركات الغربية التي تنتمي لدول تعارض سياسات ''بكين''، وصبوا جام غضبهم على كل من ينتقد الصين· قد يبدو انفجار الشعور القومي هذا، وخاصة في أوساط الشباب، شيئا صادماً، غير أنه كان يغلي منذ وقت طويل، والواقع أن القيادة الصينية، وعلى الرغم من كل مشاكلها، إلا أنها قد تكون أقل تشددا من شباب الصين، وبالتالي، فيمكن القول إنه في حال أصبحت الصين نظاما سياسيا حرا، فربما تصبح أكثر عدوانية وتشددا· تطفو قومية الشباب الصيني على السطح عادة بسبب أحداث مثل الاضطرابات في التبت، كما طفت على السطح متخذة شكل مظاهرات معادية للولايات المتحدة بعد أن قصف الناتو خطأ السفارة الصينية في ''بلغراد'' بيوغسلافيا في 1999 -إذ لم يصدق معظم الشباب الذين التقيتهم أن القصف كان حادثا عرضيا-، وحتى بعد الحادي عشر من سبتمبر، وهي فترة تميزت بتحسن العلاقات بين الصين والولايات المتحدة، رحب بعض الشباب الصيني بآلام أميركا، حيث قال أحد الطلبة لأحد استطلاعات الرأي الصينية: ''حينما استهدفت الطائرتان مركز التجارة العالمي، ابتهجت كثيرا''· طفت قومية الشباب الصيني مرة أخرى على السطح حين تحولت إلى أعمال شغب معادية لليابان عبر أرجاء الصين في ،2005 بعد صدور كتب مدرسية يابانية اعتُبرت مسيئة في الصين، لأنها تجاهلت فظاعات الحرب العالمية الثانية، وخلال أعمال الشغب هذه، كنت أعمل في ''لانزو''، وهي مدينة متوسطة الحجم في وسط الصين الصناعي، ويوميا كان الشباب الصيني يجوب أرجاء ''لانزو'' يبحث عن المتاجر التي تبيع منتجات يابانية من أجل تحطيمها، رغم أن هذه المتاجر مملوكة لتجار صينيين بالطبع· القوميون الصينيون الشباب، هم عادة من سكان المدن المنتمين إلى الطبقة الوسطى، وخلافا للصينيين الريفيين -الذين ما يزالون عالقين بين براثن الفقر- استفاد سكان المدن هؤلاء كثيرا من النمو الاقتصادي الذي تعرفه البلاد منذ ثلاثة عقود، حيث بدأوا يسافرون ويعملون في الخارج، وباتوا يرون أن ''شنغهاي'' و''بكين'' تلحقان بالمدن الغربية، وأن الشركات متعددة الجنسيات الصينية تستطيع التنافس مع الغرب، والواقع أن بكين طالما شجعت المشاعر القومية، فعلى مدى العقد الماضي، اعتمدت الحكومة كتبا مدرسية تركز على وضع الصين السابق كضحية للقوى الأجنبية· وعلاوة على ذلك، فتح الحزب الشيوعي عضويته وامتيازاته في السنوات الأخيرة أيضا أمام الشباب من سكان المدن، وهو ما يعزز الاعتقاد بأن مصالحهم توجد مع النظام، وليس مع التغيير السياسي، وأن الديمقراطية قد تؤدي إلى الاضطرابات وانعدام الاستقرار، وحسب ''مينكسين باي'' من مؤسسة ''كارنجي'' للسلام الدولي، فإن ''الحزب يمطر النخبة المثقفة والمهنيين والمقاولين الخواص الذين يعيشون في المدن بالامتيازات الاقتصادية والمناصب المهنية والفرص السياسية''، والحال أن المهنيين والأكاديميين من هذا النوع كانوا في الثمانينيات في مقدمة من خاضوا احتجاجات ''تيان ان مين''· كما تعمل وسائل الإعلام بشكل متزايد على إبراز مشاكل المناطق الريفية في الصين، ملمحة إلى الكارثة السياسية والاقتصادية التي قد تحل بسكان المدن في حال تدفق هؤلاء الفلاحون الفقراء على المدن الغنية، بيد أن الحكومة الصينية -حسب المسؤولين الصينيين- تسعى اليوم فيما يبدو إلى تخفيف الشعور القومي- حيث يخشى بعض المسؤولين أن تتحول الاحتجاجات القومية -حتى تلك التي تستهدف بلدانا أخرى- في نهاية المطاف إلى اضطرابات ضد ''بكين''، وذلك على غرار ما حدث في الصين قبل الحكم الشيوعي في ·1949 في ،2005 عملت الصين في البداية على تغذية وتأجيج المشاعر المعادية لليابان، وبعد ذلك حاولت بكين -التي تعتمد على طوكيو كشريك تجاري مهم ومصدر للمساعدات- تخفيف التوتر عبر حجب الكثير من تفاصيل الاحتجاجات عن وسائل الإعلام، غير أن بكين اضطرت في نهاية المطاف لنشر قوات محاربة الشغب في المدن الكبرى لتطويق الاحتجاجات، وعلى نفس المنوال، سعت بكين، بعد حادث الاصطدام بين طائرتين حربيتين أميركية وصينية في 2001 -والذي أسفر عن مقتل الربان الصيني- إلى الحيلولة دون تحول المظاهرات إلى أعمال شغب· بيد أن هذه القومية القابلة للانفجار تثير، على المدى البعيد، السؤال بخصوص نوع الديمقراطية التي يمكن أن تصبح عليها الصين، فالعديد من الأكاديميين الصينيين -على سبيل المثال- يعتقدون أن صينا أكثر حرية قد تصبح صينا أكثر خطورة، إذ سيصبح الشباب الصيني، القادر على التعبير عن آرائه، قادرا أيضا على ممارسة ضغوط قوية على حكومة أكثر حرية من أجل تبني موقف متشدد من الغرب، بل وحتى غزو تايوان، وبالمقابل، أطلق النظام الصيني الحالي اتصالات غير رسمية واسعة مع حكام تايوان الجدد، ومن ذلك لقاء في أبريل بين الرئيس الصيني ''هو جينتاو'' ونائب الرئيس التايواني الجديد ''فينسنت سيو'' -ندد بها العديد من المدونين الصينيين، وعليه، فربما يأتي يوم يجد فيه ''هو'' نفسه عاجزا عن الدفاع عن نفسه أمام حشد من الطلبة الصينيين الغاضبين· جوشوا كورلانتزيك زميل مجلس المحيط الهادي للسياسة الدولية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©