الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

ابتسامة من نابولي

2 مارس 2011 21:40
لا بد وأنكم سمعتم بمقولة رائعة شاعت بين الناس منذ زمن طويل تقول: "شاهد فينزيا ومت" دلالة على سحر هذه المدينة الإيطالية العائمة التي وصفت على أنها وطن الجمال وموطن العشاق، والأكيد أيضا أنكم سمعتم بمن يقول "شاهد نابولي وتبسم"، وأعتقد أن في نابولي ما هو أسطوري وملحمي يذكر بالإليادات القديمة التي حكى عنها تاريخ الإبداع الإنساني. لا أقصد التوصيف الذي وضعته اليونسكو لهذه المدينة التي ترقد على ساحل البحر المتوسط عندما اعتبرها جزءا من ذاكرة الثراث العالمي لشذى التاريخ المنبعث من كنائسها القديمة، لكن أقصد ما تمثله هذه المدينة في الحراك الكروي الإيطالي. يوم الاثنين الأخير شدني إليه لقاء قمة عن الكالشيو الإيطالي، وضع بقلعة السان سيرو نادي أسي ميلان في مواجهة نابولي، وقد كان أمراً شبه مستحيل أن يلتقي الناديان معا قبل خمس أو ست سنوات أو أن يوصف صدامهما الكروي قبل سنتين بالقمة الصارخة، لماذا؟ لسبب بسيط هو أن نابولي كان قبل ست سنوات مدفوناً في غياهب القسم الثالث للدوري الإيطالي. لا يمثل نادي نابولي مرجعية كبيرة في تاريخ كرة القدم الإيطالية، فلا تيجانه القليلة ولا نياشينه النادرة قياساً بما تحصل عليه العمالقة الآخرون (الإنتر، جوفنتوس والميلان) من ذرى المجد تضعه في خانة عظماء الكالشيو، ولكنه يمثل للكرة الإيطالية أسطورة ذات ضوء نيزكي نستطيع أن نتلمس سحره برغم مساحة النور الصغيرة التي يشغلها في أرخبيلات إيطاليا، وتلك الأسطورة صاغها حديثا كورادو فيرلينو الذي ترأس نابولي لسنوات عدة، وقادته فراسته إلى أن يجلب لناديه النجم الأرجنتيني دييجو مارادونا 1984 بقيمة مالية فلكية وقتها بلغت 12 مليون دولار، وكأنه بذلك قلب جغرافيا كرة القدم الإيطالية. مع الساحر مارادونا سيصبح نابولي علامة مميزة، إذ سيحطم الفريق الطوق ويفوز مرتين بلقب الكالشيو الإيطالي ومرة بكأس إيطاليا، وأكثر منه سيقدم نفسه أوروبيا بصورة ملحمية عندما توج بكأس الاتحاد الأوروبي بعد الفوز في النهائي التاريخي على شتوتجارت الألماني. وبأفول مارادونا 1991 بعد أن انكشف إدمانه التعاطي للكوكايين سيسقط نابولي وتنفطر قلوب الآلاف من محبيه. كان جحيما ذاك الذي عاشه النابوليون، فما كان يخيل لهم مع صور المجد التي صاغها لهم الطفل الذهبي، أن المعبد سيسقط فوق رؤوسهم وأن حصونهم الكروية ستتحطم إلى الدرجة التي أصبح معها فريق نابولي واحداً من أندية الدرجة الثالثة بإيطاليا. ولأن الأساطير تختفي للحظات ولا تموت، فإن رجلاً من قلعة النبلاء سيأتي ليحمل نابولي مجدداً إلى سطح الحياة، ذاك الرجل هو أوريليو دي لورونتيس، جاء سنة 2004 إلى نابولي من عالم الفن السابع، فهو منتج أفلام وهو من سيعطي الحياة مجدداً لرمز المدينة المبتسمة، اشترى لورونتيس نابولي بثلاثين مليون يورو ووعد في ظرف خمس سنوات بإعادة الفريق إلى الواجهة الأوروبية، وبعد أربع سنوات فقط كان نابولي قد بدد العتمة وطلع نديا مثل الفجر، عبر كل الغياهب وعاد قويا للدوري الإيطالي الذي ينافس بقوة كل من ميلانو والأنتر على لقبه برغم خسارته للقمة أمام الغول الميلاني بثلاثية نظيفة، وأكثر منه سجل حضوراً شرفياً في كأس الاتحاد الأوروبي الذي خرج من دوره الثاني والثلاثين على يد غواصات إسبانيا فيا ريال. لا يوضع حتى اللحظة على الأقل لورونتيس في ذات المرتبة التي يوجد بها كورادو فيرلينو، ولكن يحسب لمنتج الأفلام أنه قدم لنا ملمحا من سينما الواقع التي تستلهم خيالات المستقبل من أساطير الماضي، لقد قال لنا بالمختصر المفيد أن نابولي مثل الأشجار لا تموت أبداً. بدر الدين الأدريسي | drissi44@yahoo.fr
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©