الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

غياب المشروع العربي

8 ابريل 2017 22:47
جبهة الاعتدال العربية تقودها ولا تزال وعبر عقود طويلة المملكة العربية السعودية معها دول عربية أخرى على رأسها الإمارات وبقية دول مجلس التعاون والأردن وتتسم سياساتها بالحكمة والاعتدال والهدوء والتروي والابتعاد عن الانفعال والتشنج، وعلى الجانب الآخر من البحر الأحمر هناك أيضاً مصر بعمقها العربي والأفريقي. لقد غاب المشروع العربي طويلاً وهذه حقيقة لا بد من الاعتراف بها ومواجهتها، لأجل البناء عليها وعلى تداعياتها التي أفرزت واقعاً مأساوياً دفعنا ثمنه غالياً من جسد الأمة في البعض من بلادنا العربية. المشروع العربي هو رؤية مشتركة ونهج للتعاون في ملفات وقضايا ملحة ومصيرية تستدعي التقارب لمواجهتها مجتمعين وليس فرادى بين بعض البلدان العربية وليس بالضرورة معظمها كنقطة انطلاق وبداية، وهو في مفهومه أشبه بالنواة التي تأسست حولها السوق الأوروبية المشتركة، ومنها انطلقت وتوسعت ومن قبلها كل الأحلاف الاقتصادية والسياسية والعسكرية التي ظهرت واستمرت كسبب وكنتيجة للحرب العالمية الثانية، والتي ما زال البعض منها قائماً إلى يومنا هذا. إن غياب المشروع العربي ولفترة طويلة جرأ قوى إقليمية على التمدد نحونا لتحقيق نوايا توسعية بصورة فجة وهمجية، وهو أمر عايشناه ولا نزال منذ عقود ونعاني من تداعياته على واقع يدعو إلى الأسف والرثاء، إن وجود قوى إقليمية تقف دوماً ولا تزال ضد أي تقارب أو نواة للمشروع العربي رغم التباين في مواقف تلك القوى بين شد وجذب وحسبما تتطلبه الظروف، ويرعبها مثل هذا التوجه والتقارب وتعمل دوماً على تعويقه، ومن قبل أن تتكون وتتشكل ملامحه وتكوينه، وهذه هي الحال منذ عقود. ربما يستطيع البعض أن يلتمس العذر لبعض من بلادنا العربية التي تنأى بنفسها عن مثل هذا المشروع، فلكل بلد ظروفه ومشاكله داخلياً وإقليمياً، وربما الوضع الداخلي يكاد يكون أكثر وأكبر تأثيراً على سياساتهم الخارجية وعلاقاتهم العربية والإقليمية، وتتباين الأسباب وتختلف ولكنها بمجملها لا تخرج عن الإشكالية الفكرية، والتي قد لا تتفق تماماً مع محيطها ومع غيرها، وكذلك تنوع النسيج الاجتماعي المتباين في تلك البلاد، والمشكل الاقتصادي والسياسي، والذي يترك أثراً على توجهاتها وعلاقاتها الإقليمية والدولية لخلق توازنات تتناسب مع ما تعاني منه وما يتلاءم ويتناسب مع معطيات واقعها، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على مدى قربها أو بعدها عن النواة والمركز، ونقصد هنا دول الاعتدال، والتي تتمتع باستقرار نسبي وسط إقليم مضطرب.. إن دول الاعتدال هي الأكثر قرباً ومرشحة أكثر من غيرها لخلق مثل هذه النواة وهذا التقارب، وربما وفي خضم هذه الظروف العربية والإقليمية القياسية، يصبح مثل هذا التقارب حتمياً وليس خياراً، فنحن أصبحنا لا نملك ترف الخيار والاختبار، بل هو أمر لا بد منه لأجل البقاء وديمومة الحياة، فهو إذن مشروع حياة وبناء، إن هذه الدول وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، مرشحة وبقوة لتكون النواة الأولية والأصيلة للبناء لمشروع عربي بدأت تتشكل ملامحه بحكمة وهدوء.. نحن لسنا طلاب حرب، كانت أيدينا دوماً «ولا تزال» ممدودة وسبَّاقة بالسلام وتدعو للسلام، ولكن حين تكون أيادي الآخرين مقبوضة وأطماعهم ممدودة، وهي اللغة الوحيدة التي يتعاملون بها معنا، وبكل صلف وتَكَبُّر، هنا يكون الحلم قد بلغ منتهاه، ولكل حادث وحديث شأن.. مؤيد رشيد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©