الجمعة 10 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

خالد بيي يبحر في أسرار الحرف العربي

خالد بيي يبحر في أسرار الحرف العربي
8 مارس 2014 00:51
محمد نجيم (الرباط)- اثنان وأربعون عملاً فنياً هي ثمرة سنوات من العمل والبحث في أسرار الحرف العربي، يعرضها الفنان المغربي خالد بيي، حالياً في المركز الثقافي بالعاصمة المغربية الرباط، والتي تتكون من ثلاثين لوحة حروفية واثنتي عشرة منحوتة كبيرة الحجم، يتراوح طولها ما بين مترين إلى ثلاثة أمتار ونصف المتر. بين أروقة المعرض التقت «الاتحاد» الفنان خالد بيي الذي تحدث عن علاقته بالخط العربي، وقال: «علاقتي بالخط العربي كانت منذ الصغر، وأنا في سن الخامسة، تلقيت اهتمام وتوجيه من طرف والدتي التي اكتشفت موهبتي، وأنا لم ألج بعد المدرسة الابتدائية» ويضيف «لم أتأثر بأحد في مسيرتي الفنية، كنت عصامياً رغم تكويني الأكاديمي، واستفدت واطلعت وبحثت في تجارب الحروفيين بالعالم، وفي معظم أوقاتي أبحث وأقرأ عن الحروفية، الحروفيين والخط والخطاطين وهذا أثر في محيطي البيئي، ودعم أسرتي جميعهم دفعني إلى دخول المدرسة العليا للفنون الجميلة عام 1997 و أنا ابن الرابعة والعشرين من العمر. وتأثرت بالطبيعة وتوازنها لحظة غضبها وفرحها، كما تأثرت بعظمة الخالق وضعف المخلوق.. بحثت في تقاطعات الفن والفلسفة، والفن الحروفي والصوفية، وتلقيت تكويناً تقنياً محكماً من أخي الفنان النحات والكيميائي سعيد بيي». وعن مشاركته في الدورة الحالية والسابقة من مهرجان الخط العربي بالشارقة، قال: «مشاركتي في مهرجان الشارقة لهذه السنة ألغيت في آخر لحظة لأسباب شخصية، وسأكتفي بالمشاركة في الدورات القادمة، علماً أني قد شاركت في المهرجان في دورة 2010 ودورة 2012 وكانت مشاركة جد مميزة. كما كانت مشاركتي في دورة 2010 مصادفة لاشتغالي على ثيمة حياة الحروف، من خلال منحوتات ثلاثية الأبعاد تعطي للحرف طابعاً روحانياً وصوفياً محضاً. مستحضرا في هذا المجال جلال الدين الرومي، والحلاج ثم النفري»، ويضيف «أما المشاركة في 2012 فكانت تحت شعار «هندسة الحروف» ومن خلالها يتم إسقاط دلالات الحروف والكلمات لغوياً، ويتم الاحتفاظ بالأشكال اللونية البصرية للحروف والكلمات فتصبح الحروف - الأشكال - كالظلال، ظلال حروف حية (حياة الحروف) تعيش في عالم براني سام عال لا مرئي تعطينا ظلالها مجموعة من التراكيب اللونية في العمل الصباغي والنحت، وهو ما يصطلح عليه بهندسة الحروف». من جانبه، اعتبر الناقد الفني الدكتور عبد الله الشيخ أعمال الفنان خالد بيي بأنها «تنخرط في مشروع جمالي يتخذ من الإبدال الحروفي وحدة شكلية وبنية جمالية تتماهى مع إيقاعات الألوان والأشكال. فكل لوحة مسلك أيقوني لا مبتدأ له ولا منتهى. فأن تدرك نهايته، معناه أن تتلاشى مسيرتك وتصبح مجرد قطرة ماء داخل خضم»، مضيفاً «إن المعالجة الأسلوبية للحرف في أعمال خالد بيي تنتصر للإشارة لا العبارة وللشذري لا الكلي وللمرئي البصري لا المقروء اللغوي». ويتابع الشيخ: «ما يدعونا لرؤيته خالد بيي مواقف تشكيلية ومخاطبات روحية ورموز وإشارات، عبرها يستمد المبنى الكلي روحه من المسافة الفاصلة بين النطق والصمت؛ فهل نحن أمام برزخ فيه قبر العقل وقبور الأشياء. لقد استبعد الفنان تصوير المشاهد الطبيعية والكائنات الوجودية، مشتغلًا على الروح بالمفهوم المعرفي للكلمة، حيث يقول جلال الدين الرومي في هذا المقام: «إن الروح التي ليس شعارها الحب الحقيقي من الخير ألا توجد، فليس وجودها سوى عار. كن ثملًا بالحب، فإن الوجود كله محبة، ومن دون التعامل مع الحب فلا سبيل إلى الحبيب». هذا الحب هو الذي يشكل جوهر روحانية الحروف، وينزاح عن كل مفارقة بين الصوت والأثر. إن الحرف من منظور خالد بيي روح المعنى لا جسده، من هنا سلطته الرمزية وبلاغته المعنوية». ويضيف الدكتور عبد الله الشيخ قائلًا : «احتك خالد بيي بكل مدارات المعرفة البصرية وخبر كل أساليبها وتوجهاتها، فكان ولا يزال مفرداً بصيغة الجمع ( مصمم ديكور، مصمم غرافيكي، نحات، خطاط، فنان تشكيلي...). عانق الحداثة البصرية من خارج دوائرها الاستهلاكية ونزعاتها التجارية وفك بالتالي العزلة المفتعلة بين الفنون الإبداعية، كما حاول حسم علاقتنا الملتبسة والفقيرة بالصورة على مستويي التلقي والتفكير. فعلى عكس بعض الأعمال الحروفية التي كلما ازداد استهلاكنا لها قل تفكيرنا الجمالي فيها، إن لوحات خالد بيي كلما ازداد تلقينا لمقاماتها البصرية تعمقت مراقي تفكيرنا بها وفيها وحولها. لا نبالغ إذا أكدنا بأن الفضاء الذي يقوم بتدبير تخومه خالد بيي يسهم بشكل بليغ في تجديد وعينا البصري داخل عالم الصورة الذي نحيا باستعاراتها اليوم أكثر من الأمس».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©