الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زين العابدين: القصور والحصون الحجرية تصيبني بالرجفة

زين العابدين: القصور والحصون الحجرية تصيبني بالرجفة
22 يونيو 2009 23:27
يعتبر الحصون والقصور الحجرية ملهمته، كما يتعامل مع العمارة التقليدية والإبداع العمراني الإنساني التاريخي أو ما يسمى بالآثار، بوصفها بيئة جاذبة له، أبدع في رسم القلاع التاريخية وأقام حولها أكثر من 20 معرضاً، يرسم بالحبر الصيني ويحمل رسالة الحفاظ على هذه البنايات الأثرية التي تتعرض للاندثار بفعل الزمن، أو بتدخل من الإنسان لتحل محلها البنايات العصرية، هو الفنان محمد زين العابدين، فنان تشكيلي ودبلوماسي بالسفارة المغربية في دولة الإمارات، قدَّم أعماله ضمن معرض أقامه بالرابطة الفرنسية بأبو ظبي، تحت شعار «حين تتعانق جمالية التراث المعماري المغربي والإماراتي»، وضمنه 26 لوحة يغلب عليها اللون الأسود كونه يرسم بالحبر الصيني. ثراء التجربة عن هذا المعرض والمعارض الأخرى يقول محمد زين العابدين: جاء المعرض الحالي كبداية جديدة بعد توقف دام عدة سنوات لأسباب موضوعية، حيث حاولت في أعمالي الأخيرة الابتعاد عن الأسلوب الواقعي المباشر الذي التزمت به منذ بدايتي الأولى، وأنا أسعى للدخول في تجربة مرحلة جديدة تضاف فيها المقاربة التعبيرية الرمزية، إلى النمط الواقعي التقليدي، وما يميز هذه التجربة هو الاستمرار في التعامل مع المواضيع الحياتية والإنسانية المعروفة، مع عرضها بأسلوب تعبيري أهدف من خلاله تمرير مجموعة من القيم والمفاهيم ذات البعد الكوني. انبهار بالصروح في ما يخص أسلوبه الابداعي يوضح زين العابدين: منذ البداية مارست الرسم وفق الأسلوب التشخيصي الواقعي، غير أني أميل أكثر للأسلوب التعبيري، لذلك أقوم بأبحاث تلامس مدارس مختلفة مثل الانطباعية والتجريدية وحتى السوريالية، للوصول إلى أسلوب أستطيع من خلاله التعبير أكثر عن المعاني والقيم التي تسكنني بدل التركيز على الأشكال كما هي في الواقع، لهذا تجدني أستعمل تقنيات مختلفة مثل الصباغة الزيتية والمائية والأحبار، اشتغلت بالدرجة الأولى على التراث الثقافي المغربي خاصة في بعده المعماري وتحديدا فضاءات المدينة العتيقة من أزقة وأقواس وأبواب، متنقلا بين تقنيات الصباغة والأحبار والألوان المائية والجافة، كما أتعامل مع المواضيع الحياتية والإنسانية المعروفة، وفي الواقع أحب جميع أنواع الإبداع العمراني الإنساني التاريخي، أو ما يصطلح على تسميته بالآثار، فأنا أشعر بانجذاب قوي يقارب حد الانبهار بالصروح الخالدة التي أبدعتها الحضارات البشرية عبر العصور وعلى رأسها الحضارات الفرعونية واليونانية والرومانية والهندوسية والأميركية والعربية الإسلامية والآسيوية والأوروبية الباروكية والقوطية. يقول محدثنا: أميل بشكل أكبر للإنشاءات الحجرية، حيث أشعر برجفة لا أستطيع تفسيرها كلما وقفت أمام صرح حجري تاريخي مثل القلاع والحصون وأماكن العبادة والمسارح وأقواس النصر وغيرها، وأعتقد أن سبب انبهاري بهذه الآثار يعود إلى الحمولة الثقافية التي تختزنها، فهي تعبر بشكل واضح ومباشر عن قيم الأقوام التي أبدعتها، ذلك أن المنشآت الحجرية تعكس أكثر من غيرها روح القوة وإرادة التحدي والرغبة في تجاوز الزمن وعبور التاريخ. انحياز نحو الموروث المغربي ويضيف: أبرر اهتمامي الكبير بالعمارة العتيقة ببلدي، لكونها، كما في جميع مناطق المغرب، تزخر بعبق التاريخ وشذى الروح الإنسانية المازجة لعطاءات العديد من الشعوب والأمم العابرة، أو المقيمة في ربوع تلك الأرض الرائعة، لذلك نجد أن العمارة القديمة في المغرب تتوافر على مكنونات جمالية منسجمة وموحدة مهما اختلفت المناطق، وهي في مجملها تشيع الشعور بالطمأنينة والسكينة من جهة، والصبر والتحمل من جهة ثانية، وفضلاً عن هذا أنا أنحاز في أعمالي نحو الموروث المعماري المغربي لأنه يتعرض في جزء كبير منه لعوامل التلف الناتج عن عوامل الطبيعة وعن الفعل غير المسؤول للإنسان، وأنا في جانب مما أقوم به أهدف إلى إظهار أهمية هذا الموروث الحضاري وقيمته الثقافية للحث على العناية به وإنقاذه من الاندثار، ويحز في نفسي، ويحفزني للاهتمام أكثر بموضوع التراث العمراني لأنَّ بعض أسباب اندثاره تعود للهدم المتعمد لاستغلال مواقعه في تشييد عقارات ذات فائدة محددة وضيقة، وهنا أشير أساسا إلى الدور والمساكن بالمدن والبلدات العتيقة المهملة. وفي هذا الصدد أقوم بتسجيل عدد من الآثار المندثرة أو الآيلة للاندثار، لتكون اللوحة إحدى وسائل الحفاظ على ذكراها في انتظار توفر ظروف تأهيلها أو إعادة تشييدها بنفس أسلوب وخصائص النموذج الأصلي كما يحدث في عدد من البلدان التي تحترم ذاتها. رفض تقليد التاريخ لا يتردد محمد في التعبير عن عدم إعجابه بالبنايات الحديثة التي تحاول الاقتباس من التراث، لكون هذا الاقتباس يبقى قاصراً رغم الخلفيات الإيجابية التي قد تحكم من شيدها، حيث أنَّ الوسائل المتبعة غالباً ما تكون فيها الكثير من التكلف والتصنع، إما على مستوى الهندسة أو على مستوى المواد المستعملة، حيث يتم اللجوء إلى توفير نماذج التزيين بتقنيات صناعية حديثة، ويعمد إلى إلصاقها على جدران الأبنية بشكل يفقدها الكثير من مضمونها وروحيتها، وهنا أجدني دائم التفكير والحلم لإيجاد وسائل كفيلة بالعناية بالتراث وإعادة الاعتبار له على نطاق واسع وليس فقط كديكور وكخلفية عابرة لفضاءات معينة وأنشطة محصورة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©