تبادل أدوار

زمان، كان كل مشروع زواج يبدأ بمراسم طويلة ومعقدة· البداية ''جس النبض''، تذهب والدة العريس إلى أسرة العروس، تطرح الفكرة على والدتها، فإذا ما تم القبول ''المبدئي''، تبدأ المرحلة الثانية· في المرحلة الثانية يتوجه العريس مع أسرته للقاء عائلي يتم فيه الحصول على موافقة الأب أو كبير عائلة العروس· وكان العريس يحرص ـ وهو يستعد لهذه الزيارة ـ على ارتداء أفضل ما عنده والظهور بصورة مثالية تماما حتى يحظى بالقبول السامي، فهو لا يدخن حتى ولو كانت أسنانه صفراء بسبب السجائر، وهو ينام بعد صلاة العشاء حتى ولو كان يسهر مع الأصدقاء حتى الصباح، وهنا فقط ـ بعد اكتمال المسوِّغات ـ تظهر العروس ربما لأول مرة لتقدم في حياء ''الشربات'' وتتبادل النظرات المختلسة مع زوج المستقبل· زمان كان الطريق إلى شريكة العمر صعبا، وكان الظفر بها أكثر صعوبة رغم بساطة متطلبات الزواج من الناحية المادية، لذلك كان الحرص على استقرار الحياة وإسعاد شريك العمر أوضح وأكثر· وبمرور الزمن لم يبقَ من ملامح هذه الصورة سوى الإصرار على أن الرجل هو من يطلب يدي المرأة· مشروع الزواج ناله من التغيير ما نال المشروعات الحياتية الأخرى، ولكن أبداً لم تقترب رياح التغيير من التوزيع الرئيسي للأدوار، الرجل يطلب والمرأة توافق· ويبدو أن هذه القاعدة الراسخة الثابتة مرشحة للاختفاء، تحت شعار أنه إذا كان من حق الرجل أن يطلب يدي المرأة لتكون زوجة له، فإن من حق المرأة أيضا، وانطلاقا من قاعدة المساواة، أن تطلب يدي الرجل الذي تختاره شريكا لحياتها· المرأة العصرية أصبت تبحث عن شريك العمر وتحدد مواصفاته، لكن وهي مختفية خلف اسم افتراضي ومعلومات غير حقيقية على مواقع الزواج في الشبكة العنكبوتية··· هل هي مرحلة جديدة من مراحل تبادل الأدوار؟! لمَ لا· أبو أمنية alhefnawi@yahoo.com