الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البتة إدمان وإن لم يقترن بالمقامرة

البتة إدمان وإن لم يقترن بالمقامرة
11 مايو 2008 00:51
تنتشر ظاهرة لعب'' البتة'' بين الشباب الإماراتي بصورة ملفتة للانتباه، فكثيرا ما يقضي المراهقون والشباب أوقاتهم على المقاهي، وفي تجمعاتهم اليومية في لعب'' البتة''، وفي استطلاع لرأي ''مائة'' شاب إماراتي ما بين 18- 33 عاما، حول ولعهم ''بالبتة''، كان من بينهم 14 متزوجا، تبين أن 96% منهم يفضلونها على بقية وسائل التسلية الأخرى، وإن اعترف 16 % منهم بأنه يلعبها كـ ''قمار'' أحيانا، أما 23% منهم فذكروا أنهم يلعبونها كتسلية مع تحمل الطرف الخاسر فاتورة طلبات السهرة في المقهى من مأكولات ومشروبات و''شيشة''، كما أنها تقترن لدى 52% منهم بتدخين الشيشة· وذكر 67% من الشباب أنهم يقضون ما بين ''5-7 ساعات'' يوميا في لعب ''الورق''، و33% منهم ما بين 4-5 ساعات يوميا، واعترف تسعة من المتزوجين بوجود مشاكل أسرية واجتماعية بسبب قضائهم وقتا طويلا خارج بيت الزوجية، كما أقروا بإهمالهم كثيرا من المسؤوليات الأسرية تجاه زوجاتهم وأبنائهم، ووجود مشاكل ترتبط بالعمل، سواء الإهمال، أو عدم الانضباط في مواعيد الذهاب للعمل صباحا بسبب السهر· كما أشار 27% من أفراد العينة إلى وجود خلل في علاقاتهم الاجتماعية، وتأثر تواصلهم سلبيا مع المجتمع- من غير جماعية اللعب-، وأن لم يذكر أي منهم حدوث الطلاق بسبب ادمان'' البتة''، فقد أشار بعضهم الى معرفته ببعض الحالات التي كان اللعب سببا في تفكك أسرهم بالطلاق· واعترف 22% من الشباب بأن لعب ''الورق'' أو ''البتة'' سلوك ادماني، ولا يستطيعون التحكم في رغباتهم الملحة باللعب بصفة يومية· آثار سلبية يقول مظهر اليامي ''موظف'': ''أتذكر الآن حكم محكمة الأسرة المصرية بتطليق زوجة من زوجها بسبب إدمانه لعب الكوتشينة، مما يضطره إلى قضاء وقتا طويلا خارج المنزل ولا يتمكن من الوفاء بالتزاماته الزوجية والأسرية، وهو الحكم القضائي الأشهر في عالم ''الكوتشينة''· وهذا يدعونا إلى التأمل في سلبيات الإدمان على ''الورق'' على الصعيد الاجتماعي، كذلك هناك أمر طريف للغاية، أن من أشهرالمحاولات لدخول موسوعة جينيس للأرقام القياسية العالمية، تمكن شاب أميركي يدعى برايان بيرج من بناء ناطحة سحاب يبلغ ارتفاعها 8 أمتار مستخدما في ذلك عشرات الألوف من أوراق الكوتشينة· وقام بتصميم وبناء مئات من الهياكل المعمارية '' ناطحات سحاب، وكنائس، واستادات رياضية، ومتاحف ومطارات'' الخ· آراء يقول سعيد المحيربي ''موظف'' ما من شك أننا نقضي وقتاً طويلاً في لعب ''الورق''، ولعل ذلك يرجع الى عدم وجود وسيلة ترفيه نقبل عليها، ونجد في اللعب فرصة يلتقي من خلالها الأصدقاء بعد عناء العمل وفي كثير من الأحيان نسهر كثيراً، وهذا يسبب لنا مشاكل في الانتظام في العمل· هروب من البيت ويضيف عبد الله البريكي ''موظف - متزوج'': إن هناك مشاكل سلبية ترتبط بشكوى الزوجة من البقاء طويلاً خارج البيت، ولا أحد ينكر أن ذلك يؤثر على المسؤوليات الزوجية أو الأسرية أو تجاه الأبناء، لكن في المقابل علينا أن نلاحظ أن البقاء داخل البيت بعد يوم العمل ولمدة طويلة يسبب الملل، وأحياناً اختلاق المشاكل، لذا يفضل كثير من الشباب قضاء الوقت خارج المنزل''· كما يشير سالم المزروعي ''طالب'' إلى أن الشباب يقضي وقته في لعب الورق دون مقامرة، وأحياناً تكون التسلية بتحمل الخاسر مصروفات المقهى، ونعتبر ذلك تسلية فقط، وإذا كانت تسبب أحياناً المشاكل أو العصبية، فإنها في المقابل تجمع الأصدقاء بعيداً عن المحرمات الأخرى، ولا أنكر أنني أعرف أنها سببت الطلاق نظرا للمشاكل التي تترتب على الابتعاد عن المنزل لفترات طويلة· ويعترف ماجد علي الدرعي ''موظف'' بأن هناك انعكاسات سلبية في قضاء ساعات طويلة في لعب الورق، ويخطئ من يقول إنه يستطيع التحكم في ساعات اللعب، وكثيراً ما يجرنا اللعب الى ساعات متأخرة من الليل، وهذا له أضراره الصحية، وأضراره على العمل سواء للموظف أم صاحب العمل· أما سليم البريكي ''طالب'' فيرى أن لعب الورق عادة اكتسبها من الأصدقاء، وتهدر كثيراً من الوقت والجهد، ولاسيما أيام الدراسة، والجانب المهم لديه أنه لا يلعبها قماراً مع أصدقائه، وكثيراً ما سببت له مشاكل مع الأسرة، ومشاكل دراسية عديدة· هل الورق إدمان؟ تشير سوسن حلاوي الاختصاصية النفسية الى أن أي سلوك اجتماعي من شأنه أن يسبب مشاكل اجتماعية، أو مشاكل نفسية، أو مشاكل في التواصل مع الآخرين، وإن هذا السلوك يصبح سلبيا وتنسحب تأثيراته السلبية على الواجبات اليومية كالعمل أو الدراسة أو الالتزامات الأسرية، الى جانب إحساس الفرد بالقلق والتوتر والضيق إن لم يؤد أو يقم بهذا السلوك، فإنه يصبح سلوكاً إدمانياً، ففي جماعات لعب ''الورق'' أو غيرها يفقد الشخص سيطرته على الوقت، ويفقد سيطرته على نفسه أمام ''إلحاح اللعب''، ومن ثم يدمن المقامرة في أحوال كثيرة، وهو ما نسميه بالسلوك الإدماني الذي يصاحبه نتائج نفسية واجتماعية خطيرة· رأي الدين يقول الشيخ مصطفى عبد السلام الواعظ بهيئة الأوقاف والشؤون الدينية في أبوظبي:''أجمع علماء الشريعة على أن لعب الورق ''الكوتشينة'' إن كان مقترنا بقمار فهو حرام ، أما إن لم يقترن بقمار فاختلف العلماء فيه، فمنهم من قال بالكراهة، ومنهم من رجَّح الحرمة، لأنه مضيعة للوقت، ويقول الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا:''هناك شبه اتِّفاق على أن ممارستَها محرّمة إن كان فيها قِمار، أو صاحَبَها محرّم كشرب خمر أو سُفور أو خلوة أو سِباب، أو ترتّب عليها ضَياع واجب، أو ضَرر أيًّا كان هذا الضّرر· فالمسلم مسؤول أمام الله تعالى عن عمره، ولا ينبغي أن يضيع عمره هباء، ولهو عن ذكر الله تعالى، ولقد قال الله تعالى : إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه ، لذا فهو حرام حتى لو كان للتسلية ولأنه من عمل الشيطان، وممكن أن يجر إلى لعب القمار، فالبعد عنه أولى سدا للذرائع· وقد أفتت اللجنة الدائمة بالمملكة العربية السعودية عن لعب الورق إذا كان لا يلهي عن الصلاة ومن غير أموال فأجابت : ''اللعب بالورق لا يجوز ، ولو كان بغير عوض، فإن روابط المجتمع السليم تتحقق بأمرين : اتباع أوامر الله واجتناب نواهيه، ويتفكك المجتمع بترك شيء من الواجبات أو فعل شيء من المحرمات، وهذه اللعبة من العوامل التي تؤثر على المجتمع، وينشأ عنها التباعد والتقاطع والشحناء والتساهل في ارتكاب المحرمات كما أنها مورثة للكسل عن طلب الرزق''· تتعدد التسميات واللعبة واحدة تتضارب المعلومات الموثقة عن أصل لعبة'' الكوتشينة'' وبداياتها الحقيقية، وتميل معظم الاجتهادات لإرجاعها إلى البدايات الهندية، أو الفارسية· كما تختلف أيضاً في أسباب انتشارها وامتدادها عبر الأزمنة والحضارات والثقافات المتباينة والمتعاقبة، ويحارالمفسرون حول سحرها، والتفاف وإقبال كافة المجتمعات والثقافات على الاستمتاع بفنون ألعابها التي يصعب حصرها· وان ارتبطت ''الكوتشينة'' بالتسلية وتضييع الوقت، فانها ارتبطت أيضا منذ القدم بالحظ، أو ''البخت''، أو قراءة الطالع والشعوذة والسحر، وان انتشرت هذه التسمية فيطلق السعوديون عليها ''الورق'' أو ''البلوت''، وفي الكويت تسمى ''الجنجفة''، وفي الإمارات تسمى ''البتة'' أو ''الشدة'' أو الورق أيضا·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©