الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما ومستقبل «التجارة الحرة» مع سيول

13 ابريل 2010 20:41
في عالم تزداد فيه الدول الفاشلة الخطيرة ومتحدي الزعامة الأميركية، ترغب كوريا الجنوبية، الدولة الديمقراطية الناجحة، في أن تكون صديقة للولايات المتحدة. ولكن هل سترد أميركا بالإيجاب؟ يبدو ذلك هو السؤال الذي يحير الرئيس "لي ميونج باك" عندما حاورتُه هنا في سيول الأربعاء الماضي، رغم أنه وصف العلاقات بين البلدين في الوقت الراهن بالممتازة. ومعلوم أن البلدين وقعا اتفاقية تجارة حرة يعتقد "لي" أنها -إضافة إلى المزايا الاقتصادية التي ستجلبها للجانبين- تأتي لتكلل تحالفا مهماً وتعزز الاستقرار عبر منطقة شمال شرق آسيا. والحال أن الرئيس الأميركي لم يرفع الاتفاقية إلى الكونجرس بعد من أجل المصادقة عليها، ولم يعلن متى قد يفعل ذلك. وبالنظر إلى أهمية المنطقة حيث توجد كوريا، فقد يعتقد المرء أن الولايات المتحدة ستقفز لاغتنام الفرصة؛ ذلك أنه إلى شرق كوريا، يحير الحزبُ الحاكم الجديد في اليابان إدارةَ أوباما في وقت تحاول فيه اليابان اتخاذ قرار بشأن ما كان ينبغي أن تنأى بنفسها عن الولايات المتحدة أم لا، ولكن من دون نجاح حتى الآن. وفي كوريا الشمالية، يواجه نظام معزول "لحظةً مفصلية في الوقت الراهن"، حسب تعبير "لي"، بعد أن فشل مؤخراً "فشلاً ذريعاً في جهوده الرامية لإصلاح عملته في وقت ما فتئت فيه حالة الاقتصاد الكوري الشمالي تزداد تدهورا"؛ وبات الزعماء هناك يشعرون لأول مرة بالحاجة لشرح مواقفهم وقراراتهم للشعب، كما يقول. وفي تطور يذكر بأن الحدود تظل بؤرة ساخنة، غرقت سفينة عسكرية كورية جنوبية في السادس والعشرين من مارس الماضي خلال إبحارها بالقرب من المياه الكورية الشمالية، وفُقد خلال الحادث 46 بحاراً من طاقمها المكون من 104 أشخاص. ولئن كان تحقيق قد فُتح بشأن الحادث، فإن "لي" رفض التكهن بأسبابه، وقال: "إنني ملتزم كل الالتزام بالرد بكل حزم إذا اقتضى الأمر ذلك". ثم هناك ما سماه "لي" بـ"عامل الصين". فاليوم، تتعامل كوريا الجنوبية مع الصين تجارياً أكثر من تعاملها مع الولايات المتحدة واليابان مجتمعين، كما قال. فسيول تثمن علاقتها مع بكين، و"المسألة مسألة وقت فقط" قبل أن يبدأ الجانبان مفاوضات حول اتفاقية التجارة الحرة بينهما. ولكن الرئيس يقول إنه "قلق بشأن الاعتماد المتزايد على الصين، ليس من قبل كوريا الجنوبية فحسب، وإنما من قبل دول أخرى أيضاً في المنطقة". ولئن كانت رغبته في وجود وزن أميركي مضاد يقتسمها معه عدد من الزعماء في شرق وجنوب شرق آسيا، فإن قلة قليلة فقط تقول ذلك صراحة. وقال "لي": "إن اتفاقية التجارة الحرة، بالنسبة لنا، ليست مجرد اتفاقية تجارية أو اتفاقية اقتصادية، بل هي أكثر من ذلك بكثير". والجدير بالذكر أن أوباما عبر عن تأييد عام لزيادة التجارة مع كوريا الجنوبية ولكنه لم يلتزم بالاتفاقية التي ورثها و"لي" عن سلفيهما. إذ رغم أن التحاليل تُظهر أن الاتفاقية تصب في مصلحة معظم المستهلكين والصناعات في الولايات المتحدة، فإنها تواجه معارضة من شركة "فورد" للسيارات وبعض زعماء النقابات وبعض "الديمقراطيين" في الكونجرس. وفي هذا الإطار قال "لي": "عندما تنظر إلى اتفاقية التجارة الحرة من حيث التفاصيل والجزئيات المختلفة ، فستكون ثمة بالطبع معارضة"، قبل أن يضيف: "ولكن نحن أيضاً لدينا بعض الأعضاء في قطاعنا الصناعي والبرلمان الوطني الذين يعارضونها بشدة". وقال أيضاً: "ولكن على المرء أن ينظر إلى اتفاقية التجارة الحرة ككل... وإذا تبين أنها إيجابية، فحينها يصبح من مسؤولية كل بلد، على ما أعتقد، أن يمضي قدماً ويسعى إلى تمريرها"، مضيفاً أن "كل شيء يتوقف على" مدى التزام إدارة أوباما بالحصول على المصادقة إذ قال: "إذا كانوا كذلك، فإنهم سيفعلون كل ما يستطيعون من أجل إقناع زملائهم الديمقراطيين بالموافقة عليها". والجدير بالذكر أن "لي" انتشل نفسه من طفولة فقيرة ليصبح قطباً من أقطاب قطاع البناء في كوريا. وأثناء هذا المشوار، اكتسب لقب "الجرافة" ؛ والحال أنه نحيف وعذب الحديث، ولكنه مباشر وصريح. بيد أن "لي" أكثر تهذيبا وضبطا للنفس مما ينبغي، إذ يمنعه ذلك من الإشارة إلى كيف أن الولايات المتحدة ستكون قصيرة النظر إذا استخفت بكوريا الجنوبية التي استطاعت، بفضل الحماية والدعم الأميركيين، أن تحوِّل نفسها من ديكتاتورية عسكرية من ديكتاتوريات العالم الثالث إلى ديمقراطية تنعم بالرخاء، وترغب في التعاون مع الولايات المتحدة في هايتي وأفغانستان وغيرهما. فهل ستسمح الولايات المتحدة بسياسة المصالح الضيقة أن تهدر مثل هذه الفرصة؟ قال "لي" إنه واثق من أن الولايات المتحدة، بفضل "روح المقاولة" التي تتمتع بها وريادتها العلمية، أن تخرج من الركود (مثلما فعلت كوريا الجنوبية حيث يبلغ معدل البطالة 3.6 في المئة). ولكنه قلق من أن تتخلى الولايات المتحدة، في غضون ذلك، عن التزامها بالتجارة الحرة إذ يقول: "يجب أن تظل (الولايات المتحدة) منارة للتجارة الحرة حتى تستطيع تزعم بلدان أخرى حول العالم في جوانب أخرى أيضا"، مضيفاً "إن الفوائد التي تجنى من الحمائية التجارية قصيرة الأمد، ولكن الدور القيادي الذي لديكم، ومكانة الولايات المتحدة واعتبارها، في هذا الشأن، دائم وغير محدود في الزمن!". فريد حياة - محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©