كل شيء طيّب في سوق الطيّبْ !

من النادر أن توجد الطبيعة برائحتها العطرة ونسماتها الندية في قلب المدينة الصاخبة الصناعية المتميزة بالإيقاع السريع العملي· ولكن في شرق بيروت ومن قلب ضجيج المدينة تعود الطبيعة لتطرق بابها على استحياء، داعية كل طلاب السلام والسكينة أن يقصدوا يوم السبت ''سوق الطيب'' في منطقة الصيفي، ويوم الأحد في مدينة جبيل، في محاولة لإحياء التراث اللبناني، خصوصاً تراث الخبز، من المرقوق والتنور والمشطاح وملة السميد والكعك، وهي أنواع من الخبز اللبناني المتعدد النكهات يتم تناوله مع اللبنة البلدية وحبات الزيتون والنعناع والبصل الأخضر وبعض قطع من البندورة ''الطماطم''· في هذا المكان، يتسابق اللبنانيون والسياح في التهام كل ما يفتح الشهية وسط روائح الخضراوات الذكية والفاكهة الطازجة التي تأتي مباشرة من الأرض الجبلية إلى المستهلك، في محاولة للابتعاد عن كل الأطعمة المصنعة المضرة بالبيئة، ومن أجل إعداد الطعام النظيف·ليس ذلك فقط، بل نجد أنواع المربيات المصنعة يدوياً من الفراولة والمشمش والتين والبلح والتفاح والسفرجل والمانجو والأناناس الطبيعي، كما تجد زيت الزيتون والعصائر الطبيعية من ثمار لبنان الشهية· كل ذلك ضمن الحفاظ على التقاليد الغذائية اللبنانية المتنوعة نكهة وشكلاً بما يؤمن التنمية المستدامة للمناطق الريفية على أساس أن من يخسر تقاليده يخسر روحه·في سوق الطيب أيضاً، ورود وزهور تستقطب عدداً كبيراً من الشباب، (جوري، قرنفل، فل، ياسمين، غاردينيا) تتميز بنضارتها وجمالها الخلاب الذي يسحر عين الناظر، وتستهوي العشاق وتتحول بين الأيدي إلى هدايا فرح ومحبة· بالإضافة إلى الحبوب الطبيعية من العدس والفول والحمص التي يتناولها الشباب خضراء أو مشوية على الفحم دون طبخها· وتناسب هذه الأطعمة كل من ينشد النظام الغذائي الطبيعي ويبحث عن الأطعمة الخفيفة الخالية من الدهون والشحوم· وفي الوقت نفسه يستطيع المرء تناول الفاكهة والخبز وحتى الكعك كما يريد، لأنها خالية من الوحدات الحرارية العالية! وينتمي منتجو السوق إلى مختلف المناطق اللبنانية ومختلف المجموعات الدينية والطبقات الاجتماعية، يتلاقون وقد عز التلاقي، ويبيعون ''المونة'' ويتبادلون الخبرة· لذلك يعتبر سوق الطيب إحدى وسائل الصمود في لبنان وهو صورة عن البلد- الحلم!