الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الخياطون الآسيويون مستنفرون حتى إشعار آخر

الخياطون الآسيويون مستنفرون حتى إشعار آخر
24 يونيو 2009 01:29
أنهت الفتيات شراء الأقمشة اللازمة لتفصيل ملابس الفرح، ويمنين النفس بأن لا يكن قد تأخر بهن الوقت، فلا تجدن الوقت الكافي لتفصيل ملابس الأعراس المدعوات لحضورها، فالمفاجآت واردة.. أما باقي النسوة والفتيات فكل منهن تمضي إلى سوق مطرح، حيث قريبا من مدخله تتوفر العشرات من محلات الخياطة النسائية الممتلئة بزبائنها رغم أنه لا يفصل بين محل خياطة وآخر إلا محل خياطة! وجميعها للملابس النسائية المتكدسة أكواما في محال يعمل بها آسيويون، وأغلبهم من الجنسية الباكستانية.. ومجرد رؤية السوق من الخارج توحي أنها صغيرة إلا أنها تمتد كما سرداب، وهناك سقف علوي يتم الاستفادة منه من قبل عمال آخرين. نار الأسعار تقول ميمونة الجابري: «علمتني التجربة بأن محال الخياطة هذه تغلق أبوابها في وجه الطلبات قبل شهر من حلول الأعياد، أو قبل شهر من موسم الصيف حيث تكثر الأفراح. كما أن المناسبات الأخرى هي بمناسبة أعياد، سواء النجاح أو التخرج أو ذكرى الميلاد وما شابهها، تحتاج جميعها أثوابا جديدة».وتطرح ميمونة (وكثيرات مثلها) السؤال: كيف سأذهب إلى مناسبة بثوب سبق أن ارتديته أمامهن وشاهدوه علي سابقا؟ في المحل ذاته كانت صفية- موظفة، تطلب أحدث تصاميم التطريز والنقوش من الخياطة، فدهشت بقوة عندما أخبرها مدير المحل بالثمن المطلوب، ذكّرت الخياط بأن تطريزات أجمل وأصعب كان قد أنجزها لها في وقت قريب بسعر أقل بكثير، لم يفهم الخياط ما تريد قوله بالضبط لكنه ألح على السعر، وبعد الجدال (والمفاصلة) هبط بالسعر ريالين عمانيين، تقول: «زرت عدة خياطين قبل أن أصل هنا، تكلفة خياطة الثوب ارتفعت كثيرا والأسعار نار، وأظنها ستشتعل أكثر كلما أوغلنا في الصيف واقتربت الأعراس». زحام شديد جميع الشابات على عجلة من أمرهن في هذا الموسم، سألنا إحداهن: لمَ العجلة في تفصيل الثياب والفساتين في هذه الآونة تحديدا؟ تقول صفية: «إن الزحام الذي تشهده محال الخياطة يجعل الخياطين متسرعين في عملهم، ويحدثون الكثير من الأخطاء في التفصيلات والمقاسات، ولا نجد خيارا سوى القبول بالأمر، أما الآن فهو يعمل في ملابسي بشكل مريح دون عجلة، كما أنني أعيد الملابس التي لم يتقنها، والزحام الذي تشهده مطرح بعد شهر خلال موسم الأفراح خانق جدا، ولا نكاد نجد موقفا للسيارة فيما أن الخياطين لا يكادون يستمعون جيدا لشرح ما نطلبه، لأن هناك العشرات من النسوة ينتظرن دورهن». مشكلة أم حل ؟ انطلق تمعين مهنة الخياطة النسائية من عدة ولايات في السلطنة -كما تشير ميمونة الجابري- وتضيف: «كان اللافت أن مطرح إحدى الولايات التي لم تصلها قرارات «تعمين» مهنة الخياطة النسائية كما حدث في ولايات عمانية أخرى، وشكلت سوقا كبيرا للنساء من مناطق مختلفة للتزود بالملابس الجاهزة والمفصّلة». فيما تشرح صفية ما هي مشاكلهن مع الفتيات العمانيات اللاتي تدربن على مهنة الخياطة وفتحن محال خاصة بهن، وتقول: «إن العمانية تطلب أجرا مرتفعا وأسعارا عالية، وتخطىء في القياسات وتتأخر في تسليم الطلبات، نتيجة لقلة خبرتها، ولا أستطيع الغضب أو التعبير عن حنقي إن لم يعجبني الثوب!». وجد الخياط الأجنبي طرقا مختلفة للتحايل، فاستفاد من تعمين الخياطة بطريقة ماكرة، إذ نقل ماكينات الخياطة إلى محل سكنه، واستغنى عن تأجير محل ووصلته الطلبات إلى بيته، وتولت زوجته مقابلة زبائنهما من السيدات والفتيات، واللاتي قد يرسلن بالنموذج والقماش ليأتيها جاهزا، فيما بقيت الفتاة العمانية تقاوم ضعف الطلبات، ومواجهة نقص الخبرة في التعامل مع الزبائن وطلباتهن المستعصية على الفهم والتنفيذ. بينما مهنة الخياطة بين العمانيات ليست وليدة اليوم فقد عرف المجتمع العماني النساء اللاتي يقمن بالخياطة لشقيقاتهن وبناتهن وسائر نساء الحارة. وكان من العيب جدا أن يطلع الرجل على ملابس النساء الأجنبيات ولمسهن، لكن الحياة المعاصرة أوجدت شروطها الحديثة على المجتمعات التقليدية، ولم يبق الكثير من ملامح الملابس النسائية القديمة فقد شكّلها الخياطون الآسيويون كما يريدون. فأغلقت بعض الفتيات العمانيات محالهن لأن الخياطين الأجانب وجدوا كل السبل لاستمرار عملهم واستقطاب الزبائن من العمانيات الأنيقات. مكاسب مخاسر خلال هذه الأيام بدأت محلات الخياطة حالة استنفار لاستلام الطلبات الخاصة بأثواب الأفراح وفساتين الســــــهرة، فغالبية المحال لا تســتلم طلبات خلال هذه الفترة (يونيو)إلا باستثناءات نادرة جدا مع السيدات من زبائنهـــم القديمات لديهم، إذ يعمل الخياط وفريقه حتى مطلع الفجر وتبقى محالهم الوحيدة المضيئة في ليل الأسواق. فالصيف موسم الأعراس وفرص رزق الخياطين وجني الأرباح وتحقيق المكاسب، بينما غيرهم من الآباء والأزواج فهم في المخاسر والدفع النقدي، فالمهم فساتين العرس وحفلاته، والبنات يجب أن لا يكن أقل من أمهن، ومن لديه أربع بنات (على سبيل المثال) فإن الخياط يكسب منه أجرة تفصيل وخياطة 12 ثوبا لحضور حفلات الأعراس، ولتذهب أزمات الراتب، وأزمات العالم المالية إلى الجحيم
المصدر: مسقط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©