الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الفيس بوك» يثير جدلاً في البيوت

«الفيس بوك» يثير جدلاً في البيوت
24 يونيو 2009 01:29
تسمرت أم نورة أمام شاشة «اللاب توب» وهي ترى صوراً مثيرة وغير لائقة لابنتها المراهقة تستعرض نفسها على موقع «الفيس بوك»، وقفت وهي مشدوهة لا تصدق عينها!! وراحت تتسارع في رأسها الأفكار والأسئلة، ومعها تتصاعد موجات من الغضب..الخيبة..والخجل..!! هل هذه هي ابنتي الصغيرة؟ متى كبرت.. وكيف تجرأت.. ولماذا تفضح نفسها على شاشات الإنترنت؟! أسئلة مؤرقة هي أسئلة باتت تؤرق البعض من الأمهات والآباء، وقد تكون مجرد شكوك ومخاوف من مخلوق عملاق يجهل حقيقته الكثيرون! ولعلَّ أم نورة ليست الوحيدة التي اكتوت بنار ما يسمى بـ«الفيس بوك». لكن الأرجح أنَّ هذا لم يكن هدف الألماني «مارك زكربيرج» مؤسس هذا الموقع الإلكتروني، عندما أنشأه، وهو ما يزال طالباً يدرس في جامعة هارفارد، لغرض التواصل مع زملائه وطلاب جامعته، ثم توسع فيه لاحقاً، ليفسح المجال أمام طلبة الجامعات الأخرى بالاشتراك فيه، والتواصل من خلاله، كما زاد مساحته بعد ذلك ليشمل كل طلبة المدارس الثانوية، وصولاً إلى أي شخص يتعدى عمره الـ 13 سنة. نعود إلى أم نورة لتروي لنا قصة تجربتها المرة، القصة التي أشعرتها بعجزها كأم في مقابل هذا التطور التكنولوجي المخيف، فتقول «منذ أكثر من عام، وأنا أسمع ابنتي تتحدث عن «الفيس بوك»، وكيف تلتقي فيه مع صديقاتها ومعارفها، ليتبادلن أطراف الحديث، ويتشاركن الأخبار والمعلومات، والحقيقة أنا لم أشعر بوجود أي شيء خاطئ في هذا الموضوع، بل اشتريت لها «لاب توب» جديداً وسريعاً لتفرح به، وتندمج أكثر مع محيطها الخارجي، ولم لا ؟! فالإنترنت «كان» في رأيي مجرد وسيلة اتصال، ولا يفرق كثيراً عن الموبايل». حكاية جيل تستطرد أم نورة وهي منفعلة، مبررة ومفسرة هذا الأمر: «لقد ربيت ابنتي جيداً، وعلمتها على الصدق والصراحة، وكانت ثقتي بها كبيرة، ولم أمنعها من دخول الإنترنت لأني لم أرد لها أن تكون مختلفة عن بقية أقرانها، فالكل يستخدمه، وابنتي واحدة من هذا الجيل، لم يخطر لي مطلقاً أن سلوكيات طفلتي الصغيرة ستتغير، وستتحامق وتعرض صورها الشخصية، وهي في أوضاع مثيرة، على صفحات ما يسمى بالفيس بوك». قد تطرح مشكلة هذه الأم وغيرها من أولياء الأمور علامة استفهام كبيرة، وتعكس سبب الجدل الدائر في الآونة الأخيرة بين أوساط المجتمع بشأن موقع «الفيس بوك»، بين مؤيد يرى فيه مساحة لحرية التعبير والتواصل، وبين معارض يحذر من خطر الاختلاط بين الجنسين، وهتك حرمة الخصوصيات والأعراض. استغراب الحملة الطالبة دينا (23 عاماً) تستهجن الحرب المعلنة ضد الموقع، وتتساءل «لا أعرف ما الهدف من وراء الحملات ضد «الفيس بوك» بالذات!! وهو لا يخرج عن كونه مجرد موقع اجتماعي شبيه بالمدونات، يتيح لمستخدميه خاصية التعارف والتواصل مع الأصدقاء من كافة دول العالم، تقرأ عن شخصياتهم، وتتبادل الرسائل الخاصة والصور معهم، و يمكنك أيضاً من تحميل مقاطع الفيديو والملفات، واحتراماً لخصوصيتك، فإنَّ الموقع يتيح لك ميزة حجب أي شخص من رؤية أي شيء خاص بك إذا لم تكن راغباً بذلك، كل هذا وبلا مقابل مادي». وتستكمل دينا مرافعتها، فتقول: «الموضوع في كل الأحوال مرهون بالشخص نفسه، فإذا قررت فتاة ما التبرع بوضع صورها الشخصية على موقع «الفيس بوك» ودعت الآخرين للدخول والتفرج عليها، فهي حرة في خياراتها، ولم يجبرها أحد على ذلك، فما ذنب الموقع إذا استخدمه البعض بشكل غير لائق، هي في النهاية قناعات واختيارات». أهل.. ولكن أصدقاء تتدخل والدتها (44 عاماً) في الحديث، فتقول « أنا أعرف أن ولديَّ دينا وأحمد يدخلان على «الفيس بوك» منذ مدة، ولم أفهم في البداية ما الذي يتحدثان عنه، لكني كنت أسمع منهما بعض التعليقات والقصص عن ما يحدث في الموقع، ولأني حريصة على متابعة كل شيء يتعلق بأبنائي، فقد طلبت منهما أكثر من مرة تعريفي بهذه التقنية، وإشراكي معهما في هذا النشاط، وهما في الواقع لم يتحمسا للفكرة، واعتبراها تدخلاً مني في حياتهما الخاصة، ولكني لم أستسلم فعلمت نفسي بنفسي، وأنشأت صفحتي وبريدي الإلكتروني، الذي مكنني من الدخول إلى موقع «الفيس بوك». وتتابع أم دينا فتقول «لقد طلبت من أبنائي إضافتي على صفحتهم حتى نتواصل، وهم ترددوا في البداية، ولكني وعدتهم بأني لن أتدخل في خصوصياتهم ووعدت نفسي بأني لن أفعل ذلك حقاً إلا عند اللزوم، وبالفعل حصرت دوري في أضيق الحدود، حتى لا أفقد ثقتهم وصداقتهم، وأنا الآن مطمئنة أكثر لأني أعرف ماذا يحدث مع أولادي ومع من يلتقون، كما أنَّ «الفيس بوك» فتح لي شخصياً آفاقا واسعة، وأتاح لي فرصة لقاء زميلات وزملاء انقطعت عني أخبارهم منذ زمن طويل، وقد تعرفت على أشياء جديدة وممتعة واقتربت من مجموعات وشخصيات مثقفة من عدة بلدان، تربط بيننا الاهتمامات الثقافية والاجتماعية والسياسية، بالنتيجة أنا أجده موقعاً مفيداً جداً، إذا لم يساء استخدامه من قبل البعض». يروي لنا فهد (18 عاماً) وهو طالب في الثانوية العامة، قصته مع «الفيس بوك»، فيقول «قبل شهور وصلتني دعوة على «الهوت ميل» من صديقي في المدرسة يطلب مني الانضمام للموقع، ولم أكن أعرف عنه شيئاً، يومها دخلت وكونت لي اسماً مستعاراً (نك نيم) وصفحة، وبدأت أتعرف وأفهم ماهية «الفيس بوك»، ووجدت عليه الكثير من زملائي وأصدقائي من المدرسة والفريج، وأحلى شيء في الموضوع هو أني تعرفت بواسطته على الكثير من البنات، والآن يوجد على صفحتي حوالي 95 صديقاً وصديقة، نتكلم ونضحك ونمرح ونتسلى كل يوم، وأحياناً نتبادل الصور والرسائل الخاصة، ولا أخفي عليكم، فأنا أمضي معظم أوقات فراغي على «الفيس بوك»، ولا أخرج كثيراً من غرفتي بعد أن أعود من المدرسة، فكل أصحابي وخصوصاً «البنات الحلوات أشوفهم هناك». عالم بلا أبواب ربما تعود ظاهرة انتشار هذا الموقع بين جيل الشباب على وجه الخصوص ، وقد وجد فيه الكثير من الشباب متنفساً لهم ليعبروا فيه عن معتقداتهم وآرائهم . ويقارب رئيس قسم علم الاجتماع في جامعة الشارقة، الدكتور أحمد العموش، هذه الظاهرة بالقول: «الفيس بوك مجتمع افتراضي خلقته ظروف عصرنا الحديث، وقد يستخدمه بعض المراهقين بشكل سلبي، وقد يُستغلون أيضاً ويُستدرجون من خلاله، ولعل هنا يأتي دور الرقابة الأسرية لتصبح ضرورة حتمية، فلا يجوز فتح المجال بلا حدود أمام شباب مندفعين في عمر يافع للاختلاط الحر، وفعل كل ما يحلو لهم، ولا شك أن التربية السليمة والتوجيه والتثقيف تشكل عوامل أساسية في تحجيم المشكلة وسد الثغرات، فلا أحد اليوم يستطيع أن يقف في وجه التكنولوجيا والانفتاح والتطور، أو أن يمنع أي وسيلة عصرية للتواصل بين الأفراد، ولكن يمكننا بالتأكيد أن نوجه أولادنا للأسلوب الأمثل للتعامل مع هذه التقنيات وترشيد استخدامهم لها». ويضيف: «للأسف نحن نرى دائماً الجزء الخالي من الكوب، ولا أنكر هنا وجود مشكلة حقيقية وأزمة وعي وأخلاق باستخدام «الفيس بوك» أو الإنترنت بشكل عام، وقد ظهرت بالفعل مشكلات كبيرة وفضائح بل فظائع بسبب الاختلاط و فوضى العلاقات بين الجنسين، ولكن هنالك أيضاً نواحي مفيدة لهذا الموقع لا يجب تجاهلها»
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©