الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«ستورجيون» تقدم الترياق للترامبية

9 ابريل 2017 22:37
في جولتها في الولايات المتحدة، تقدم رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستورجيون دعاوى مختلفة تماماً لفكرة احتمال استقلال بلادها عما قدمه سلفها «أليكس سالموند» في عام 2014، فإذا كانت رسالته تتعلق أساساً بتولي مسؤولية موارد البلاد، فإن ستورجيون تؤكد على خيار حضاري: «الرغبة في الانفتاح وفي مقاومة موجة عالمية جارفة من الانعزالية وكراهية الأجانب!». ربما لا يخدم هذا كثيراً فرصها في الاستفتاء من أجل الاستقلال: «فهذه الرسالة من السهل أن تقنع بها الناخبين الأصغر سناً، ومعظمهم أيد الاستقلال في استفتاء 18 سبتمبر 2014، على أي حال، وإعادة تأطير القضية الأساسية لمحرك دعاوى الانفصال من الممكن أن تكون مفيدة، فهي تنقل المناقشة بعيداً عن المعاناة الاقتصادية الحتمية الناتجة عن الانفصال بعيداً عن المملكة المتحدة، كما أنها أيضاً تعيد تشكيل الحزب الوطني الاسكتلندي بزعامة ستورجيون باعتباره قوة أكثر استساغة لدى الوسطيين على أي حال. وفي عام 2014، على سبيل المثال، حصل الحزب الوطني الاسكتلندي «إس إن بي» بزعامة ستورجيون على تغطية متعاطفة من وسائل الإعلام الدعائية الروسية، باعتباره قوة شعبوية وطنية، ولكن إذا سمعت حديث ستورجيون الآن، ستجد أن الحزب الوطني الاسكتلندي هو الترياق المضاد لهذا السم! وإذا عقدنا مقارنة بين كلمة ستورجيون في ستانفورد هذا الأسبوع وخطاب «سالموند» في مؤتمر «إس إن بي» في أبريل 2014، فسنجد أن الفرق واضح. فستورجيون ما زالت تستخدم بعض نقاط الحديث حول الإنجازات الاسكتلندية. وكررت، تقريباً ما قاله «سالموند» كلمة، كلمة، من أن اسكتلندا فيها «من أبرز الجامعات ما هو أكثر من أي دولة أخرى»، وكما فعل «سالموند»، فقد سلطت ستورجيون الضوء على عدم وجود التمثيل الكافي لاستكلندا في البرلمان البريطاني. ويشير الخطابان إلى تطلعات اسكتلندا لأن تكون دولة رفاه أقوى من تلك التي تقدمها المملكة المتحدة، وحكومة أكثر عدلاً وأكثر تعاطفاً. ومع ذلك، فقد ولت وعود «سالموند» فيما يتعلق بالسيطرة على الهجرة ومنح الشركات الاسكتلندية «ميزة تنافسية في الضرائب»، فنقاط الحديث هذه تنتمي الآن إلى خط مؤيدي «البريكست». وقالت ستورجيون في مستهل حديثها: «إننا في الأساس نسلك منهجاً مفاده أنه إذا كنت تريد أن تكون اسكتلندياً، يمكنك ذلك. إننا نود فعلاً أن نرى مزيداً من تدفق الهجرة على اسكتلندا». كما تراجعت أيضاً في خطابها إشارات «سالموند» إلى الثروة الاسكتلندية التي لا يسمح للبلاد بأن تديرها لصالحها وحدها، وولى أيضاً تفاخره بأن اسكتلندا تحتل المركز «الرابع عشر كأغنى دولة في العالم المتقدم»، وأنها أكثر ثراء من المملكة المتحدة، وبدلاً من ذلك، تتحدث ستورجيون عن مستويات السعادة وفقاً لقياسات مجموعة من خبراء الاقتصاد الأميركيين بقيادة «جيفري ساكس» و«ريتشارد لايارد» و«جون هيليويل»، وقالت إن «المراكز الخمسة الأولى احتلتها دول أوروبية صغيرة - النرويج والدنمارك وأيسلندا وفنلندا وسويسرا. واثنتان من هذه الدول عضوتان في الاتحاد الأوروبي، وكلها أعضاء في السوق الأوروبية الموحدة». وكما هو الحال مع الدول الاسكندنافية، بحسب ما تقول ستورجيون، فإن اسكتلندا ستعطي أولوية للمساواة الاقتصادية. ونموذجها الاقتصادي سيتبع النموذج الألماني أكثر من النموذج الإنجليزي، وقد أعربت ستورجيون أكثر من مرة عن إعجابها بـ«رأسمالية الراين»، التي تستند على شعور قوي بالمشاركة بين العمال والنقابات العمالية والشركات والقطاع العام. وربما يبدو للمستمع أن اسكتلندا كانت جزيرة منفصلة في مكان ما بالقرب من الشواطئ الألمانية أو الدنماركية - أو أنها على الأقل تطفو بسرعة في هذا الاتجاه. أما فيما يتعلق بالاتحادات، فإن ستورجيون تحب الاتحاد الأوروبي أكثر من المملكة المتحدة، فالاتحاد الأوروبي، بالنسبة لها، هو «المنظمة الأقل سلبيات التي تم إنشاؤها حتى الآن». وفي هذا الصدد، كان «البريكست» بمثابة هدية للحزب الوطني الاسكتلندي. وخلال حملة 2014، كان من بين أقوى الحجج للمعارضين للاستقلال أن اسكتلندا ربما تترك خارج الاتحاد الأوروبي - إما لأنها لن تكون قادرة على الوفاء بالمعايير الاقتصادية، أو لأن إسبانيا ستعوق عضويتها، خوفاً من تشجيع الانفصاليين في إقليم كتالونيا الإسباني. والآن، فالاستقلال هو الفرصة الوحيدة لاسكتلندا للبقاء في الاتحاد الأوروبي، وقد وعدت إسبانيا بأن تسمح لها بذلك. وعلى العكس من «سالموند»، فإن ستورجيون تتبنى خطاب الاتحاد الأوروبي للاندماج، الذي لا يزال قوياً وإن كان قد عفَّى عليه الزمن في نظر المنتقدين. وقد واجهت رحلة ستورجيون، التي كانت نفقاتها على حساب دافعي الضرائب، انتقادات حادة في المملكة المتحدة. ويحمل دفاعها - بأنها تهدف إلى الترويج للتجارة وليس لاستقلال اسكتلندا- لمسة من الخداع، نظراً لأن خطاب الانفصال قد سيطر على رسالتها في النهاية. * كاتب روسي مقيم في برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©