الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عصافير الجنة داخل الطائرة يرسمون ويكتشفون عالمهم بأنفسهم

عصافير الجنة داخل الطائرة يرسمون ويكتشفون عالمهم بأنفسهم
24 يونيو 2009 01:32
الأطفال زهرة الدنيا وبهجة الحياة، ومنهم نتعلم الكثير حتى في لهوهم العفوي ولعبهم البريء وحركاتهم النشيطة. إنهم من عشاق الطيران واكتشاف الآفاق البعيدة، ونراهم في الحدائق يحركون أيديهم كأجنحة العصافير وكأنهم يريدون أن يطيروا ويحلقوا في الأجواء. وهم يفرحون ويستمتعون كثيراً بالمراجيح وربما يشعرون أنها تطير بهم في الهواء. ولكن كيف يتصرفون داخل الطائرة السابحة في الأجواء؟ ماذا يقولون وكيف يعبرون عن مشاعرهم وأحلامهم؟ رحلات داخل الرحلة هذا ما دفعني للقيام بأكثر من جولة بين مقاعد الطائرة في أكثر من رحلة، أتأمل هؤلاء المسافرين الصغار وهم يتراكضون في الممرات وكأنهم في روضة أطفال أو في حديقة مدرسة، أسألهم وأصورهم وأتحدث معهم ومع أهلهم وأستمع إليهم حتى أنسى نفسي وأعود إلى سنهم الغضة وعالمهم الضاحك الجميل. ورغم أن بعضاً من هؤلاء الأطفال كانوا غير مرتاحين لأنهم لم يجدوا وجبات الطعام والحلوى التي يحبونها. هذا ما قاله لي السيد محمد أبو يوسف بأن فاطمة (5 سنوات) زعلانة تريد ألواناً من الطعام والحلوى مثلما اعتادت أن توفر لها أمها في البيت. بينما كان السيد راشد المحيربي مشغولاً في تساؤل أطفاله حارب، ومحمد، ومريم عن الوقت الباقي لوصولهم ليروا جدتهم التي تنتظرهم، وكان قد ظهر عليهم التعب، ولكن بعد أن سمح لي بالتصوير ورأوا الكاميرا تسارعوا إلى المقعد، وحضروا أنفسهم لالتقاط الصورة. وفي رحلة ثانية شدت انتباهي سيدة مستغرقة في القراءة، بينما أطفالها الثلاثة يجلسون جنبها: الولد لا يزيد عمره عن عشر سنوات وأخته في حدود الثامنة، بينما الصغيرة لا يتجاوز عمرها أربع سنوات. صغار في مهام الكبار كما تجري العادة أثناء التنبيه لوضع الأحزمة وتعديل وضع المقاعد بالإضافة إلى توزيع أجهزة الموسيقى، كان بعض الأطفال على مقربة مني بحاجة إلى الإرشاد والمساعدة، وقد ظهر عليهم عدم معرفتهم بتشغيل شاشات العرض وتوجهوا إلى الأم أكثر من مرة بالسؤال، لكن دون جدوى! كان الانسجام بالقراءة لا يسمح لها حتى بالتفاتة للطفلة الصغيرة، مما جعلني أشير لهم عن كيفية وضع الأشرطة ورؤية الشاشات، وهنا تولت الطفلة التي قالت إن اسمها جود، بنت الثامنة المسؤولية الكاملة بتشغيل شاشة العرض ووضع الأحزمة عند الإعلان عن مطبات، إضافة إلى أنها تجولت بالطائرة وأحضرت لأختها مجلة «ماجد» ودفتر رسم، وأخذت تسليها في الرسم. وحين جاء الطعام تركت السيدة القراءة، لكن الغريب أنها لم تلتفت لمساعدة الصغار في تناول طعامهم، ولكن تلك الصغيرة جود أخذت مهمة الإشراف على طعام أختها. هنا لاحظت أنَّ بعض الأطفال يحاولون تدبير أمورهم وتحمل المسؤولية حسب ما تقتضي الحاجة التي تفرض عليهم، إن عالمهم جميل ونقي وبريء، وقد تظهر ملامح الذكاء على البعض مثل ما ظهرت على سراب سالم وطالبة سالم، وهما توأمان لكن سراب تظهر بأنها أكبر من أختها، وهي أسرع في الحديث، وكانت تتحرك في ممر الطائرة لتأخذ دفتر الرسم والقصص، وتقول: أحب الرسم وقد حصلت على جائزة، بينما كانت تريني يديها مزينتين برسوم الحناء الجميلة، وهي تضيف: أنا أحب الحناء، جدتي تقول إنَّ الحناء مفيد وجميل، بينما أختها طالبة يظهر عليها الهدوء وحسن الاستماع، وحين توجهت إليها بالسؤال قالت: أنا أحب الرسم وأنا أخذت الجائزة! هنا شعرت أنَّ ثمة شيئاً غير مفهوم، فتوجهت بالسؤال إلى والدة سراب وطالبة فقالت: إنَّ سراب تحب الرسم والألوان وقد حصلت على ثاني مركز في الدولة في أبوظبي وفي حفلة التكريم سنة 2007 في مدينة العين حصلت على جائزة الشيخ حمدان بن محمد، وتشرح أم سراب بأنه في يوم التكريم حصل خطأ في تسليم جواز السفر فجاءت الجائزة باسم طالبة، ومن وقتها تعتقد أنها هي التي نالت الجائزة. تضيف أم سراب، وقت أخذت الجائزة كانت مع أختها طالبة في روضة النصر كان عمرها خمس سنوات، وهي تحاول أن ترسم ولكنها عادية في الرسم بينما متفوقة في المواد الأخرى، بعكس أختها طالبة التي حصلت فعلا على الجائزة في الرسم، وهي عادية في باقي المواد، ونحن والمدرسة نتابع هواية وحب الرسم عند طالبة، وأنا أعتقد أن كل طفل يختلف عن أخيه أو أخته حتى ولو كانا توأمين. بانتظار الحكايا الرحلات الجوية جميلة وممتعة، ولكن الأطفال زهرة الحياة يزيدونها متعة وجمالا، وكانت الألوان في أيديهم ترسم بلمسات وخطوط بسيطة أحلامهم وتطلعاتهم في عالم غامض بالنسبة لهم ويحاولون اكتشافه، وهم متلهفون للوصول لكي يلاقوا جداتهم وحكاياتهن التي تنتظرهم عندما يسافرون مع أهلهم في الإجازة
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©