الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهند: عالم السكك نحو الحداثة!

28 فبراير 2015 22:15
من المقرر أن يعرض وزير السكك الحديدية في الهند موازنته لهذا العام أمام البرلمان خلال هذا الأسبوع، ليكون بذلك قد اتبع طقساً جديداً بدأ أصلاً خلال الحقبة الاستعمارية البريطانية، عندما كانت نفقات وإيرادات السكك الحديدية أكثر أهمية من الشؤون المالية للمستعمرة نفسها. ولم تكن أي وزارة أو إدارة هندية أخرى تحصل على نفس الامتيازات. ولذا فإن النقاش يدور حول ما إذا كان ينبغي أن تظل السكك الحديدية على هذا الحال بعد الآن. وقد وضع رئيس الوزراء ناريندرا مودي إصلاح نظام السكك الحديدية في الهند في محور أجندته الإصلاحية لسبب وجيه، هو أن حالة القطارات المتهالكة في البلاد تمس حياة كل المواطنين تقريباً. ولذا، فإن تأمين خدمات أسرع وأرخص وأنظف سيكون ذا أهمية قصوى للمواطنين. وبنفس الأهمية، فإن خدمات نقل البضائع الأكثر كفاءة تعد حاسمة بالنسبة لرؤيته لتحويل الهند إلى قوة تصنيعية كبيرة. وتعد شبكة سكك حديد الهند، التي تمتد بطول 65000 كلم، وهي رابع أطول شبكة على مستوى العالم، مثيرة للإعجاب وربما التعجب أيضاً. ولكن بالنظر إلى أن بريطانيا قد أقامت مساراً بطول 53000 كلم قبل مغادرتها في 1947، فإن بلوغ هذا الرقم يصبح مفهوماً. وعلى النقيض، فإن الصين كان لديها 22000 كلم من المسارات في أواخر أربعينيات القرن الماضي، وقد امتدت لتصبح 100000 كلم اليوم. ولعل هذا التناقض بين العملاقين الآسيويين يعتبر مؤشراً إرشادياً بطرق أخرى. فقطارات الهند تحمل أربعة أضعاف عدد المسافرين الذين تحملهم قطارات الصين، غير أن حركة الشحن أصبحت أكثر بطئاً. وقد نقلت القطارات الهندية 44 مليار طن من البضائع في 1950. وبحلول 2011، ارتفع اجمالي البضائع التي نقلتها الهند إلى 600 مليار طن، في حين زاد حجم البضائع التي نقلتها الصين إلى 3 تريليونات طن. وعادة ما كانت الهند ترفع نفقات النقل من أجل دعم الركاب الفقراء، ما دفع الشركات إلى شحن البضائع عن طريق البر بدلًا من السكك الحديدية. ولم يؤدّ ذلك فقط إلى تباطؤ حركة التجارة، ولكنه أيضاً ساهم في تلوث الهواء. ولا تزال خدمات الركاب تخسر المال -بقيمة ربما وصلت إلى 7 مليارات دولار في 2014. وهذا التردد في رفع الأجرة للركاب يعني أن الحكومة لديها القليل من المال للإنفاق على تطوير البنية التحتية، وتحسين معايير السلامة وتسريع القطارات نفسها. (يقال إن القطارات السريعة «إكسبريس» تسير بمتوسط سرعة 50 كلم/الساعة، بينما تسير قطارات النقل بمعدل 30 كلم/ الساعة فقط). ومعظم الإيرادات يتم توزيعها على أكثر من مليون موظف، أو إنفاقها على إضافة قطارات جديدة دون زيادة قدرة المسار. وربما ستكون لدى وزير السكك الحديدية «سوريش بارباهو» الجرأة الكافية لرفع التعريفة بنسبة كبيرة، وتقليل الإجراءات الروتينية والاستثمار في بناء مسارات سكك جديدة وتحسين الخدمات. وكل هذا من شأنه أن يجعل الموازنة معقولة وذات اتجاهات إصلاحية. ولكن لإصلاح السكك الحديدية، ينبغي أن تفكر الحكومة أيضاً بطريقة أكثر جوهرية. وأول ما ينبغي على الوزارة القيام به هو فصل المسؤولية بالنسبة للعمليات -التأكد من انتظام حركة القطارات- والبنية التحتية. والسكك الحديدية مقسمة بالفعل إلى 16 منطقة إقليمية. ويجب أن تستقل هذه عن الوزارة وتدمج في أربعة أو خمسة كيانات مؤسسية، كل منها لديه رئيس تنفيذى ومجلس إدارة. ويجب أن يُسمح لهذه الشركات المملوكة للدولة بالتنافس مع بعضها بعضاً من خلال خفض التعريفة وتحسين الخدمات داخل المناطق التي تعمل فيها، سواء في القطارات أو في المحطات. كما يتعين إنشاء كيان مملوك للحكومة للتركيز حصرياً على البنية التحتية في البلاد -كوضع مسارات جديدة، ورفع مستوى النظام القائم، وكذلك مقاييس الإشارات والسلامة. وبإمكان هذه الشركة أن ترفع الإيرادات عن طريق فرض رسوم لقاء استخدام بنيتها التحتية، بدلاً من أن تطرق أسواق المال من أجل الحصول على تمويل إضافي. وفي الواقع، فإن كل هذه الكيانات ستكون قادرة على جذب استثمارات خاصة، سواء كانت محلية أم أجنبية. وبالطبع، سيتعين إنشاء هيئة تنظيمية مستقلة للإشراف على كل هذه الكيانات لضمان عدم الإساءة إلى المستهلكين، وضمان قضايا السلامة والبنية التحتية. وعلى رغم ذلك، فإن الهند في الواقع ليست بحاجة إلى وزارة منفصلة للسكك الحديدية، بل إلى وزارة نقل توحد سياسات الطرق والسكك الحديدية. وبالنظر إلى المبالغ التي تعهدت بها وزارة «مودي» لتطوير الطرق والسكك الحديدية والموانئ في البلاد، فإن تنسيق الخطط في كل ذلك سيكون ضرورياً أيضاً. ديراج نايار صحفي في نيودلهي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©