الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ألمانيا - اليونان.. حرية تحت المراقبة!

28 فبراير 2015 22:18
خلافاً لكل ما يقال عن موقف ألمانيا المتصلب من مساعدة اليونان، إلا أن برلين أظهرت يوم الثلاثاء أنها ترغب في منح حكومة أليكسس تسيبراس اليسارية فرصة. ذلك أنه كل ما كان على الزعيم اليوناني الجديد فعله هو التأكيد على أنه لن يتخذ أي خطوات اقتصادية قبل التشاور مع دائني بلاده. وعلى رغم من أن الغموض ما زال يلف بقية مخططات تسيبراس زعيم حزب «سيريزا»، إلا أن ألمانيا تبدو مستعدة لتقديم الدعم لحكومته -مع استمرارها في المراقبة. وبموجب اتفاق مؤقت عقد بين اليونان ومجموعة منطقة «اليورو» يوم الجمعة الماضي، فقد كان من المفترض أن تقدم اليونان تفاصيل مقترحاتها السياسية من أجل تأمين تمديد برنامج الإنقاذ المالي الحالي للبلاد بأربعة أشهر. وهكذا، وضع وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس المقترحات ضمن رسالة بعثها عبر البريد الإلكتروني إلى رئيس مجموعة منطقة «اليورو» يورن ديسلبلوم ولم تصل إلى صندوق بريد هذا الأخير إلا في الساعة الحادية عشرة وخمس عشرة دقيقة مساء الاثنين، أي قبل 45 دقيقة على انتهاء المهلة. وضمن «سحابة كلمات» تمثل الكلمات الأكثر استعمالًا وتكراراً في الوثيقة، يلاحظ طغيان عبارات من قبيل «تشجيع»، و«تنظيم»، و«تعزيز»، و«تحسين»، و«الشفافية» وغيرها من الكلمات المشابهة التي أصبح استعمالها شائعاً، ولكن ليس بنفس القوة مثل كلمات من قبيل «الضريبة» و«العموم». والجدير بالذكر هنا أن حكومة حزب «سيريزا» تعتزم الاعتماد على قطاع عام قوي ونظام ضريبي فعال. والرسالة كما وصلت إلى ديسلبلوم تمثل انتصاراً لوزير المالية الألماني وولفجانج شوبل الذي كان يرغب في أن تسعى اليونان للحصول على تمديد لبرنامج الإنقاذ المالي الحالي مع كل الشروط الملحقة به -الأهداف السياسية، ومراقبة المؤسسات الدولية، والالتزام بالمسؤولية المالية، بدلًا من «القرض- الجسر» الذي كانت تريده اليونان في البداية، وذاك بالضبط ما حصل الوزير الألماني عليه. ورسالة «فاروفاكيس» هي عبارة عن وعد بالتصرف على نحو ما كانت تفعله الحكومة اليونانية السابقة بشكل عام، وذلك من خلال الحرص على إطلاع الدائنين على كل الأمور بشكل مستمر والتشديد على أنها تنوي الحفاظ على الأموال الألمانية -80 مليار يورو- التي استُثمرت في الجهود الرامية إلى إعادة إحياء اقتصاد بلادها. وهكذا، استسلم «متمردو» أثينا بعد شهر فقط، والآن من المنتظر أن يستمر الحديث عن السياسات والشروط خاصة مثلما كان عليه الحال من قبل. والواقع أنه عندما يطلب «طفل مشاغب» الصفح، فبإمكان المرء أن يتوقع أن يكون كلامه عاماً وفضفاضاً حفاظاً على الكرامة وماء الوجه. ومن الخطأ أن يطالب المرءُ بالمزيد في تلك المرحلة -لأن الوقت هو وقت إظهار الكرم ومسح رأس ذلك «الطفل». ولهذا، فإن مخطط «تسيبراس» يستحق موافقة أوروبا، على رغم عموميته وغموضه. وعلى أي حال، فإنه ما زال يتعين على «تسيبراس» أن يناقش كل هذه الأمور مع ناخبيه، وهو في حاجة لأن يُمنح قدراً من المرونة للقيام بذلك. وبينما أكتبُ هذه السطور، لم تكن الرسالة اليونانية قد حصلت على موافقة نهائية بعد، غير أنها تبدو مرجحة جداً لذلك نظراً لأن المفوضية الأوروبية تدعم الوثيقة. وكانت صحيفة «هاندلزبلات» الألمانية قد أفادت يوم الثلاثاء بأن «شوبل» طلب من البرلمان الألماني «البوندستاج» دعم المقترحات اليونانية حتى قبل أن يراها. وبالطبع، فإن موافقته مرهونة بموافقة مجموعة منطقة «اليورو»، غير أن وزير المالية الحذر ما كان ليتصل بالبرلمان الألماني ويطلب منه ذلك لو أنه لم يكن يعتبر الاتفاق نهائياً. وتأسيساً على ما تقدم، يمكن القول إن قواعد اللعبة قد حُددت للأشهر القليلة المقبلة: فألمانيا ستسمح للحكومة اليونانية ببعض الحرية، ولكنها ستظل تراقبها عن كثب. وعليه، فإذا استطاع «تسيبراس» الإبقاء على اليونانيين سعداء تحت مثل هذه المراقبة، فإنه سيكون قد أكد مهارته السياسية للجميع. ليونيد بيرشيدسكي كاتب ومحلل سياسي مقيم في برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©