السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

موسى عباس يقيّم التجربة بأسلوب علمي:

موسى عباس يقيّم التجربة بأسلوب علمي:
24 يونيو 2009 02:10
دبي - من حق الدكتور موسى عباس مدير مركز إعداد القادة أن نستمع إليه عندما يتحدث عن الاحتراف، فهو صاحب المؤلفين الوحيدين حتى الآن عن الاحتراف وأحدهما كان بمثابة تمهيد لدخولنا هذا العالم المثير. والدكتور موسى يقول دائماً إن الاحتراف ليس تجربة حتى تصرف النظر عنها إذا لم تحقق النجاح الكامل في أول موسم مثلاً، وإنما هو واقع يفرض نفسه على اللعبة سواء شئنا أم أبينا. كما أنه يقول أيضاً إن الصورة لا تبدو مخيفة بعد انتهاء سنة أولى احتراف.. فهناك محظورات وقعنا فيها وتقع فيها أيضاً دول عريقة تمارس الاحتراف منذ أكثر من 50 سنة! وعندما بدأنا الحوار كان كمن يبشر بـ «بروسترويكا» رياضية فهو يريد أن يعدل الهرم المقلوب على طريقته الخاصة بعد أن اكتسب خبرة ميدانية من خلال العمل في الهيئة العامة لرعاية الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية الوطنية التي كان مديراً لها حتى وقت قريب. يقول الدكتور موسى عباس: إننا في حاجة ماسة لقرار سيادي يتبناه أحد المسؤولين الكبار أو تقدمه جهة مسؤولة كالمجلس الوطني مثلاً إلى مجلس الوزراء، والقرار يمس تغيير التركيبة الرياضية في الإمارات بحيث تكتسب اللجنة الأولمبية الوطنية صلاحيات جديدة وقوية تعطيها حق أن تكون اللاعب رقم واحد في رياضة الإمارات، فالمستقبل للحركة الأولمبية ولا مستقبل بدونها، واللجنة الأولمبية في حاجة ماسة لكي يكون لها دور طليعي في كافة الرياضات التنافسية والأولمبية. يضيف: الفكر السائد حالياً في قطاع الرياضة ونظم الإعداد الكلاسيكية التي تعتمد على معسكر خارجي وبرنامج تدريبي لمدة شهر أو شهرين أو حتى ثلاثة لن يؤكلنا خبزاً.. ولا أبالغ إذا قلت إن هذا الفكر السائد وهذا الأسلوب الكلاسيكي في إعداد الفرق والأبطال لن يطورنا ولو بعد 50 سنة، ويتساءل: هل تعلم أن الدول العربية مجتمعة من سنة 1912 وحتى عام 2004 لم تحقق سوى 75 ميدالية أولمبية منها 20 ذهبية و19 فضية و36 برونزية؟. ويستطرد: المدقق في النظام الرياضي عندنا سيجد أن هناك رأسين وجسد واحد، والرأسان هما هيئة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية والجسد الواحد هو رياضة الإمارات.. فإلى متى هذه الازدواجية التي تضرنا أكثر مما تفيدنا! ويطالب بضرورة الحد من صلاحيات الهيئة العامة لرعاية الشباب وزيادة الصلاحيات الممنوحة للجنة الأولمبية حتى تستطيع الأخيرة رعاية شؤون الرياضة بحق وتكون هي الجهة المسؤولة باعتبارها جهة أولمبية وأهلية وليست جهة حكومية فكما هو معروف فهناك تحذيرات مستمرة من كافة الاتحادات الدولية من التدخل السياسي والحكومي في الرياضة، ومن ثمار ذلك أن اتحاد كرة القدم عندنا أصبح مستقلاً تماماً وليس للهيئة العامة أي سلطان عليه.. فأمره كله يرجع إلى الجمعية العمومية حسب لوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، والهيئة يجب أن يقتصر عملها على رعاية شؤون الشباب وحمايتهم وتنميتهم .. أما الرياضة فيجب أن تكون أو تتحول إلى اللجنة الأولمبية وحدها. ويقترح الدكتور موسى عباس أن تتحول إدارة الرياضة من الهيئة إلى اللجنة الأولمبية وأن تتحول الموازنات المالية الممنوحة للاتحادات الوطنية من الهيئة إلى اللجنة الأولمبية، مؤكدا أن الهيئة لن تتغير مفاهيم العمل فيها حتى لو تحولت إلى وزارة.. لأن طبيعة المهام ستكون واحدة تقريباً مع تغير التسمية، ومعنى الكلام أن أحوالنا لن تتقدم خطوة واحدة بتغير المسميات بقدر تغيير مفاهيم وأسس العمل. ويقول: الرياضة في الإمارات ليست فقط مجرد استضافة بطولات، وإنما مفهومها يتركز في إحراز البطولات وحصد الميداليات، وبالمناسبة فإن ميدالية الشيخ أحمد بن حشر الأولمبية لن تتكرر في ظل المفاهيم السائدة، لأن أحمد بن حشر حققها بعد سنوات وسنوات من العمل المضني ومن الاحتكاك مع أبطال العالم. أضاف: صناعة بطل ليست بالأمر الهين، فهذا لن يأتي أبداً بالشكل التقليدي للإعداد الذي نتّبعه حالياً، لكنه يحتاج إلى إعداد خاص جداً.. وهذا لن نستطيع الوقوف عنده أو المطالبة به واللجنة الأولمبية - وهي المسؤولة - بعيدة وضعيفة، وما نطالب ليس بدعة بل هو معمول به في أماكن كثيرة من العالم وفي أماكن كثيرة من بلداننا الرياضية، فاللجنة الأولمبية مسؤولة مسؤولية كاملة عن الرياضة والهيئة أو الوزارة أو المجلس مسؤول عن الحركة الشبابية وإعداد الكوادر وما شابه ذلك. وعن نظرية الهرم المقلوب التي تعاني منها رياضة الإمارات، أكد الدكتور موسى عباس أن الهرم لن ينعدل كما يظن الناس لمجرد إعطاء الدور للرياضة المدرسية، لأن دور الرياضة المدرسية الحكومية انتهى ولم يعد له وجود، وهي الآن من أجل تنمية صحة الطالب وصحة المجتمع ومن أجل اكتشاف المواهب بحكم التجمع العددي للطلاب لكنها أبداً لا تصقل ولا تعد المواهب، وفي ألمانيا الشرقية ومنذ الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي اكتشفوا الحل، والذي يكمن في خلق مدارس رياضية تعليمية متخصصة في المجال الرياضي يكون دورها اكتشاف وصقل وصناعة المواهب وتوجيهها. ويؤكد أن هذا النموذج الألماني يصلح جداً كنموذج للرياضة الإماراتية التي تعاني من ضعف البنية السكانية ويجب أن تتجه نحو الكيف قبل الكم، مشيرا إلى أن المدارس الحكومية لم تصبح في الزمن الحديث ذات شأن حتى تصلح قاعدة الهرم المقلوب ومن يريد التصحيح عليه أن يتجه نحو المدارس التعليمية المتخصصة في الرياضة التي هي أشبه بنموذج لصناعة الأبطال وتأهيلهم وبخاصة للدورات الأولمبية في شتى الألعاب الرياضية. ميداليات بالكلام ويؤكد الدكتور موسى عباس أننا نحتاج من أجل الفوز بالميداليات الآسيوية والأولمبية إلى خطط وجهود وآلية علمية.. فنحن على سبيل المثال لا يوجد لدينا ولا مختبر علمي واحد لاكتشاف اللاعبين والمواهب، وليس لدينا ولا مركز بحوث واحد يساعدنا على التطور، ويقول: نحن «شطّار» في الكلام فقط.. نأتي بالميداليات بالكلام.. نقول كل الحكاية شهرين أو ثلاثة في معسكر خارجي ثم نذهب لحصد الميداليات ومن الطبيعي أن نعود في كل مرة بخفي حنين، والحقيقة أن الميداليات في حاجة لميزانيات ضخمة، وليس فقط 500 ألف درهم أو 600 ألف كما يحدث حالياً. أضاف: الاحتراف أبداً ليس تجربة كما هو حادث في تجربة اللاعبين الأجانب مثلاً، وإنما هو واقع نعيشه ويعيشه العالم من حولنا منذ أكثر من 50 سنة، وهذا الواقع انخرطنا فيه ولا عودة عنه شئنا أم أبينا، ولكي نكون موضوعيين نأتي بعد 5 سنوات مثلاً من أجل تقييم مشروع الاحتراف الإماراتي ونرصد سلبياته وإيجابياته. ويقول: إننا نتحدث دائماً عن المشاكل ولا نتحدث عن الحلول.. والحلول في أيدينا وهي أن نبدأ من الصفر من حيث مدارس الكرة .. وأنا شخصياً، اجتهدت جداً في هذا الطرح ووضعت منهجاً علمياً من أجل التأسيس الأمثل للناشئين والصغار لأنني من 15 سنة مهموم بهذا الجانب ولي فيه إطلاعات ودراسات بعد حضور دائم لمؤتمرات ودراسة معمقة في مناهج الاحتراف، مشيرا إلى أن اللوم دائماً في سنة احتراف لا يقع على اللاعب فهو لا زال حديث العهد.. ولكن اللوم يقع على الأندية .. فهي المسؤولة في المقام الأول عن اللاعب وعن نظامه وعن تعليمه وعن وعيه.. وأيضاً يشارك اتحاد كرة القدم في المسؤولية إلى جانب الرابطة، لأن الوعي الاحترافي هو أهم ما في القضية برمتها. خطف الناشئين وينتقل موسى عباس إلى ظاهرة خطف الناشئين من الأندية من خلال تحرير عقود لهؤلاء اللاعبين من أندية أخرى ليفاجأ ناديه الأصلي بعد فترة من الزمن بأنه يربي ناشئا من أجل نادٍ آخر، ويقول إن هذه الظاهرة لابد وأن تواجه اليوم قبل الغد من اتحاد كرة القدم بوضع معايير لمهاجمة هذه الظاهرة، التي هي للأسف إماراتية بنسبة 100 في المائة.. لأنها غير موجودة في أي مكان آخر لا في السعودية، ولا في قطر، ولا في مصر، حيث إن اللاعبين الصغار هناك وحتى سن 18 سنة لا يسمح لهم بالانتقال إلا من خلال الحصول على استغناء من النادي الأصلي، أما عندنا «فالعملية «سايبة» ليس لها ضوابط. ويؤكد أن السبب الحقيقي في عزوف اللاعبين عن الاحتراف الخارجي هو الأندية، فالأندية عندنا في الإمارات لها نفوذ قوي.. وهذا النفوذ يحول بين اللاعبين وبين التفكير في الاحتراف الخارجي.. إضافة إلى قلة العروض الخارجية. ويطرح الدكتور موسى عباس فكرة بديلة عن الاحتراف الخارجي يهديها إلى محمد خلفان الرميثي رئيس مجلس إدارة اتحاد كرة القدم. وحول هذه الفكرة، يقول: فترة الصيف من حق الاتحاد وليست من حق الأندية في المقام الأول ويجب أن نستغل شهرين في الصيف على الأقل لإرسال نخبة من لاعبينا المتميزين الناشئين والشباب لكي يتدربوا ويحتكوا بالأندية الكبيرة في أوروبا وأميركا اللاتينية، وهذه الفكرة سيكون لها مردود إيجابي يوازي الاحتراف الخارجي. وقال: علينا أن ننظر إلى البحرين التي تشارك للمرة الثانية على التوالي في ملحق كأس العالم والحال نفسه ينطبق على المنتخب العُماني الذي أصبح له شأن بسبب احتراف لاعبيه خارج الحدود، ونحن الآن أمام شيئان لا ثالث لهما من أجل المنتخبات الوطنية إما السماح للاعبين بالاحتراف الخارجي دون قيود بتشجيع من الأندية وإما إرسال اللاعبين الناشئين والشباب إلى أندية أوروبية في وقت الصيف. هذا ما نحتاجه! أوضح موسى عباس أننا في حاجة ماسة لأن نسير في اتجاهين في وقت واحد، الاتجاه الأول هو وضع خطة طموحة تنمي جوانب اللعبة لتحقيق أهداف كبرى، ويقول: على سبيل المثال وليس الحصر، علينا أن نعمل على تحقيق ميداليات في أولمبياد 2018 والاستفادة التامة من منتخبي الناشئين والشباب في صناعة مستقبل كرة القدم. أما الاتجاه الثاني فهو تحسين وتطوير ما هو قائم الآن على المدى القصير، وبالتكامل بين هذين الاتجاهين بامكاننا أن نحقق ما نصبو إليه من تطور للرياضة الإماراتية. الأندية تتحمل مسؤولية عزوف الجماهير أكد الدكتور موسى أن غياب الجماهير عن المدرجات ظاهرة خطيرة ومقلقة وبحاجة إلى تحد للانتصار عليها، مشيرا إلى أن المسؤولية فيها تقع على الأندية في المقام الأول، فالاجتماعات الآن في كل الأندية لسببين، أولهما المدرب وثانيهما اللاعبون الأجانب، ولم نسمع يوما عن اجتماع أو عن تشكيل لجنة من أجل كيفية جذب الجماهير؟! ويقول: في كل ناد يجب أن يتم تشكيل لجنة تبحث في كيفية عودة الجماهير مرة أخرى، ويجب أن يتم تدارس خيارات كثيرة أهمها على الإطلاق ربط العضوية باعتبارات داخل النادي كاستخدام حمام السباحة والحديقة الاجتماعية وصالة الجيمانيزيوم إلى آخره، ويجب إعداد المدرجات وتحسين مستوى الخدمات من كافة النواحي، بحيث يكون الذهاب إلى النادي متعة. عاهة مستديمة يقول موسى عباس إن البنية الأساسية في رياضة الإمارات تعاني من عاهة مستديمة، وهذه العاهة ليست وليدة اليوم، ولكنها نتاج تراكمات سنتين من الفكر السائد الذي لا يقدمنا خطوة للأمام! أضاف: يجب أن نضع في اعتبارنا الحلول وليس رصد المشاكل فقط، ولابد أن نزرع ونخطط ونحاضر ونعلم، مؤكدا أنه ليس لدينا أي منهج علمي ولا أي أدوات علمية تقيس تطورنا وتطور لاعبينا. ويقول: نحن في سبات عميق، فقد أصبحنا نفكر بشكل تقليدي ثم نحزن أننا لم نذهب لكأس العالم أو لم نصل لنهائيات هذه البطولة أو تلك!! الفعل ورد الفعل! يقول الدكتور موسى عباس: دائماً وأبداً نحن نعمل بأسلوب الفعل ورد الفعل. وعلى سبيل المثال ولأننا جميعاً في الهم شرق.. فعندما خسرت مصر من الجزائر علقوا المشانق للكابتن حسن شحاتة، وعندما فازت على إيطاليا في بطولة القارات حملوه بطلا فوق الأعناق.. نحن هكذا .. مباراة ترفعنا في السماء ومباراة تهوي بنا إلى الأرض، نعمل دائماً بأسلوب المسكنات ولا نواجه مشاكلنا ولا نخطط خططاً طويلة الأجل ولا نعمل بأسلوب حل المشاكل بصفة جذرية. الميداليات لا تعرف ساكني الفنادق! يؤكد موسى عباس أن الميداليات الآسيوية والأولمبية لا تأتي للفرق التي تعكسر في الفنادق من خلال إعداد الشهر والشهرين، وإنما الميداليات تأتي بالخبراء والعلماء في المجال، تأتي بالمختبرات العلمية، وتأتي بالأموال التي يجب أن نعرف كيف نصرفها من أجل تحقيق الإنجازات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©