السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التخفي وراء المظاهر!

20 مارس 2018 22:07
«أستحي من حالي، وأخجل من وضعي الاجتماعي، لا نملك البيوت ولا العقارات ولا الأموال الطائلة، ووضعي المعيشي والبيئي بسيط، وتنتمي عائلتي إلى طبقة متوسطة، ولكننا مستورون، ولله الحمد، لكنني أستحي من وضعي، وعندما أذهب إلى جامعتي، أو أتقابل مع صديقاتي لا أحسسهن بهذا، بل أحرص على اقتناء أرقى الملابس، ولو تطلب الأمر أن آخذ من أمي وأضغط عليها بمصاريفي، أو أن أستعير من غيري، كل هذا من أجل ألا أظهر أقل شأناً من أحد، فكما تعلمون الدنيا مظاهر، ولابد من أن نواكب الدنيا!». قابلت في حياتي العديدين ممن همهم المظاهر فقط، فيستحون من ذكر أن أباها قليل الراتب وصاحب مهنة بسيطة، ويستحون من قول، إن أمهم أمية اهتماماتها خارج أمور الموضة، ناهيك عن آخرين همهم كسر ظهور آبائهم وأمهاتهم بطلبات لا تعد ولا تحصى، كل هذا من أجل المظاهر، وأن يكونوا بأفضل صورة، فيستحون من حالهم، ويخافون خسارة من حولهم بسبب معيشتهم، هؤلاء أسميهم «الجاهلين»، فهم لا يعلمون بأن الله سبحانه وتعالى قد خلقنا شعوباً وقبائل لنتعارف، وأكرمنا عند الله هو الأتقى، لا بالنسب ولا بالمال ولا بالشهرة ولا بالنسب ولا بالزينة، ولا بأي شيء آخر، فاختار - سبحانه وتعالى - العملة النادرة والكنز الثمين، وهو كنز التقوى والعمل الصالح حتى يقسمنا إلى مرتبات في الآخرة. كلمة أخيرة لهذه الفئة: أقول لهم، بأن الله تعالى لن يدخل أحداً الجنة بنسبه، بل بعمله الصالح لقوله تعالى: (فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون)، وإن كنتم تتخفون وراء ستار المظاهر الخداعة فأعلموا أنه ستار شفاف سوف يكشف عاجلاً أم آجلاً، فاستيقظوا من سباتكم، وافتخروا بما أنتم فيه، ومن ليس له ماض، ليس له حاضر ولا مستقبل، ولا تكلفوا أهاليكم فوق طاقتهم، فأنتم مجبرون على طاعتهم والإحسان إليهم لا تكليفهم بما لا يطيقون، وإن كان نصيبكم أن تعيشوا بسطاء وفقراء فافرحوا، لأن الفقر رسالة حب من رب العالمين لكم، يبين لكم فيها بأن الله إذا أحب عبداً ابتلاه، وبأن المساكين هم أول الداخلين إلى الجنة، فاحرصوا على أن تغتنموا هذه النعمة العظيمة، واشكروه في السراء والضراء، وافخروا على ما أنتم عليه، يرزقكم الله من خزائن رحمته من دون أن تحتسبوا، إنه على كل شيء قدير.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©