الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

التطوع الثقافي.. وعي مجتمعي لاستدامة الحراك المعرفي

التطوع الثقافي.. وعي مجتمعي لاستدامة الحراك المعرفي
20 مارس 2018 22:17
نوف الموسى (الرياض) تجربة التفاعل المباشر مع معرض الرياض الدولي للكتاب، تقدم للمتابع رؤية قريبة للحراك المجتمعي، عبر الانضمام إلى أحاديث موسعة عن مبادرات ثقافية ومجتمعية وتطوعية، بادر فيها الأفراد بصفة شخصية، نابعة من اهتمامهم الإنساني والفكري، والذي يشكل بحد ذاته مؤشراً نوعياً لما يمكن أن تحظى به المملكة العربية السعودية، من قوة واعية، يديرها الفرد من الداخل، وصولاً إلى الإدراك الهادف إلى استدامة التنامي المعرفي وأثره في تطوير جّل مجالات الحياة الحيوية. واللافت في الممر المتصل بين جميع البوابات الرئيسة لأجنحة الكتب في المعرض، هو الاصطفاف المتعدد لمجموعة كبيرة من الشباب، كل منهم في ركنه الخاص، يعبر عن شغفه المتفرد عبر مشروعه ومبادرته التطوعية، ذات الأثر الثقافي المتعدد. والعمق في الحراك ككل يتشكل في الآلية التي يتبناها الشباب، من خلال تأسيس مشاريعهم، بناءً على منظومة المشاركة وتوسيع أفقها بتمريرها عبر مجموعات متصلة، حيث تنوعت طبيعة تلك المبادرة بين مكتبات للطفل ومواقع استثمارية لتدويل حركة الكتب المستعملة وأندية قراءة وإنشاء منصة للتعليم المفتوح ومبادرات تسجيل كتب مسموعة يشارك فيها عامة الناس لدعم المكفوفين. المشاريع الثقافية في العالم، غالباً ما تدعمها الحكومات، باعتبارها محركاً تنموياً يوازي القوى التعليمية والاقتصادية لكل بلد، لذلك فإن مبادرات الدولة، تُلهم بطبيعة الحال الأفراد نحو ابتكار وسائل المشاركة المجتمعية، منها ما أقدمت عليه وزارة الثقافة والإعلام في السعودية، من خلال مبادرة «المؤلفون السعوديون»، وهو جناح مشارك في المعرض، ويقدم دعماً تسويقياً لكتب سعودية، لا تمتلك دار نشر، حيث اعتمد فيها المؤلف على نفسه، في التقديم لفسحه من قبل وزارة الثقافة وطباعته على نفقته الخاصة، ليقوم بعدها بالتسجيل عن طريق موقع الوزارة، لعرضه للبيع في المعرض بشكل سنوي. وأوضح محمد سلمان، عضو لجنة جناح «المؤلفون السعوديون» في الوزارة، أن المبادرة تمثل حاضنة للمؤلفين الشباب، تدفع بتجاه تسهيل مرور الإنتاجات الإبداعية وتسويقها بين القراء، مضيفاً أن الجناح يشهد زيادة ملحوظة سنوياً، ويشارك هذا العام بما يفوق الـ250 عنواناً، وهناك حركة كبيرة لشراء الكتب، خاصة الروايات. السؤال عن أي مبادرة مجتمعية معينة، تتجاوز فكرة المشروع وآليته، وصولاً إلى خلفية الفكر الواعي الذي يتبناه صاحب المبادرة الشخصية، فعلى سبيل المثال حديث جيهان الحربي عن مبادرة «رفوف»، وإتاحة منصة لبيع وشراء الكتب المستعملة، اتسمت بأهدافها أبرزها: المحافظة على عمر الكتاب، سهولة تدويره بطرق احترافية تستثمر الفضاء الإلكتروني، والعناية بالمستوى الاقتصادي للفرد، وجميعها تأتي ضمن سلسلة تسويقية من لحظة عرض الكتاب في الموقع حتى وصوله للمقتني، والعكس كذلك. بالنسبة لجيهان الحربي، فإن فكرة المبادرة انبثقت من مشاريعها البحثية، فهي تعمل بشكل أساسي في مجال بحوث الكتب. بالمقابل فإن الدكتور سامي حصين وفؤاد الفرحان أسسا المنصة العربية للتعليم المفتوح، التي تحوي أكثر من 330 مقرراً ضمن 10 تخصصات، انضم لها أكثر من مليوني طالب، 70%، منهم شباب، شاهد فيها الطلاب أكثر من 37 مليون دقيقة من المحاضرات، منذ انطلاقته في عام 2013، مساهماً بذلك بنسبة نحو 2.36% من حركة التعليم المفتوح في العالم. فتيات سعوديات لا يزلن يدرسن في الجامعة، يؤسسن مكتبة أطلقنا عليها مكتبة «القارئ الصغير»، الجميل أن كل شيء بدأ بالتطوع، حتى أصبح للمكتبة مقر، وحيز فيزيائي يتشارك فيها الأطفال قصصهم، تمر على الركن الصغير، الذي وضعت فيه بوسترات توحي برسالة مكتبة القارئ الصغير، تقف فيها الفتيات بكل حماسة، منطلقة للحديث عن ما يودون تقديمه للطفل، بين ورش عمل إبداعية وتعليمية وتثقيفية، إلى جانب جولات ثقافية في المعرض حول أهم دور النشر المتخصصة في أدب الطفل، تتبنى المكتبة مسؤولية تنظيمها. اللافت أن لغة الفتيات بدأت أكثر نضجاً، واندفاعاً لطرح أسئلة نحو كيفية توسيع عملهم في المجال. وفي الخط التطوعي نفسه، عبر محمد المحمد من نادي القراءة في جامعة الملك سعود، عن مبادرة «تدوير الكتاب»، قائلاً: «المبادرة دعوة للقراء، الذين يملكون كتباً تم قراءتها أو لا تتناسب مع ميول أو اهتمام مقتنيها، أن يأتوا إلينا ويستبدلوا كتبهم مع كتب أخرى، أحضرها شخص آخر، يحركه الدافع نفسه، وهو البحث عن كتاب مختلف أو جديد، بشرط أن يكون الكتاب ليس تخصصياً بحتاً، وأن يكون في حالة جيدة. في الحقيقية أنجزنا في العام الماضي تدوير قرابة الـ12 ألف كتاب، أما مجموع تدوير الكتب منذ التأسيس في عام 2008 تخطى الـ50 ألف كتاب، ونطمح إلى أن تنتشر المبادرة بشكل أكبر، وعبر أزمنة متفاوتة طول العام».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©