السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا وكوريا الشمالية··· والدبلوماسية المُرتبكة!

أميركا وكوريا الشمالية··· والدبلوماسية المُرتبكة!
12 مايو 2008 02:39
تقترب إدارة الرئيس بوش من التوقيع على اتفاق مع كوريا الشمالية تقول إنه كفيل بجعل شبه الجزيرة الكورية خالية من السلاح النووي· لكن عملياً من المرجح أن يقود الاتفاق إلى استمرار كوريا الشمالية في برنامجها النووي، وإلى نشر التكنولوجيا النووية حول العالم· والحقيقة أن مقاربة الإدارة الأميركية في التعاطي مع ملف كوريا الشمالية تعطي درساً في الدبلوماسية المرتبكة والتعامل غير السليم مع الدول المارقة· فقبل ست سنوات ألغت إدارة الرئيس بوش اتفاق إطار وقعته إدارة كلينتون مع كوريا الشمالية، موقفة بذلك حزمة سخية من المساعدات تشمل تقديم مفاعلات نووية تعمل بالماء الخفيف للطرف الكوري مقابل تخليه عن برنامجه النووي الذي يستخدم البلوتونيوم· وفي ذلك الوقت اتهمت إدارة الرئيس بوش كوريا الشمالية بالالتفاف على اتفاق الإطار والسعي إلى إقامة برنامج سري لتخصيب اليورانيوم، وقد أكدت الاستخبارات الأميركية، كما الكوريون الشماليون بأنفسهم هذه التهم· ومنذ أن وقعت كوريا الشمالية على اتفاقية الإطار الأصلية في عام 1994 أجرت اختبارات على الأسلحة النووية، وصدَّرت مفاعلاً نووياً إلى سوريا، كما ساعدت ليبيا في الحصول على مواد لبرنامجها النووي، فضلاً عن مساعدتها لـ''حزب الله'' في بناء أنفاق وتحصينات، ثم تزويد دول مثل سوريا ومصر واليمن وليبيا بالصواريخ المتطورة، ناهيك عن تزويرها للعملة الأميركية، وتبييضها لأموال المساعدات الأممية فيما يتعرض مئات الآلاف من الكوريين الشماليين للمجاعة· وقد ردت الولايات المتحدة على مدى السنوات الماضية بفرض عقوبات على كوريا الشمالية سواء بموجب القانون، أو بمقتضى تعليمات رئاسية الهدف منها هو الحيلولة دون وصول مساعدات خارجية والاستفادة من التجارة الدولية التي تنتفع بها الدول في الحالة الطبيعية· ومعظم تلك الحالات من العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية يحق للرئيس إلغاؤها تحت ظروف خاصة، لكن بموجب القانون أيضاً لابد من تدخل الكونجرس الأميركي لرفع العقوبات، وهو بالذات ما تسعى إليه وزارة الخارجية الآن عبر ضغوطها على الكونجرس· والواقع أن إدارة بوش اليوم لا تسعى فقط إلى التخفيف من حدة العقوبات لتسهيل عملية التحقق من تسلح كوريا الشمالية والتزامها بتعهداتها في هذا الإطار، بل تحاول إعادة تأهيل كوريا الشمالية بإلغاء شامل للعقوبات· وأكثر من ذلك أبدى المسؤولون الأميركيون استعدادهم لشطب اسم كوريا الشمالية من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ورفع جميع القيود التي تحد من أنشطتها التجارية، فضلاً عن استخدام صلاحيات الرئيس الأميركي لإلغاء العقوبات التي تدخل في اختصاصه· وبعبارة أخرى فإن الإدارة الأميركية الحالية بعد أن كانت سباقة إلى تجميد العمل باتفاقية الإطار بسبب ما قالته ''كوندوليزا رايس'' وقتها من أن بيونج يانج لم تحترم التزاماتها واستمرت في طريق تخصيب اليورانيوم، وبعد أن أطلقت المحادثات السداسية بنية دفع كوريا الشمالية إلى التفكيك الكلي والنهائي لبرنامجها النووي وعلى نحو يمكن التحقق منه، كما أوحى الرئيس بوش بنفسه، ستنهي فترتها الرئاسية بمكافأة بيونج يانج على سلوكها الذي لا يرقى إلى الاستجابة للمطالب التي وضعها بوش· وهكذا انتهى الأمر بنا من المطالبة بتفكيك البرنامج النووي لكوريا الشمالية إلى مجرد ''تعطيل'' هذا البرنامج، وبعد أن طالبنا ''بالإفصاح عن جميع تفاصيل البرنامج النووي'' قبلنا باتفاقية تسمح لكوريا الشمالية بتفادي كشف تفاصيل برنامج التخصيب، ومساعدتها لسوريا وإيران وليبيا ومصر والعديد من الدول، والمنظمات الإرهابية في العالم· وهنا تبرز ثلاثة أسئلة: كيف حصل كل ذلك؟ وهل سيرضخ الكونجرس الأميركي لخطط الإدارة؟ وما هي التداعيات الممكن توقعها؟ فيما يتعلق بالسؤال الأول فإنه يبدو أن بعض المسؤولين الأميركيين يتوقون إلى التوقيع على اتفاق ما مع كوريا الشمالية، وهم في سبيل ذلك ليسوا فقط مستعدين للتخلي عن مطالب وجيهة، بل لقد قرروا التدخل نيابة عن بيونج يانج لتسويق الاتفاق أمام الكونجرس والرأي العام الأميركي· لكن لماذا هذه السرعة؟ يمكننا التخمين بأن الحرب غير الموفقة في العراق، وفشل جهود احتواء إيران، فضلاً عن تعثر جهود السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، أفرزت رغبة في أروقة وزارة الخارجية الحالية لإنجاز شيء ما تدخل به سجل التاريخ· وفيما يتعلق بالكونجرس وما إذا كان سيوافق على خطط البيت الأبيض، فإنه على رغم القلق الذي أبداه بعض الخبراء وصناع الرأي في اليمين، أو اليسار، يبدو أن البعض في الكونجرس مستعدون للانضمام إلى خطط البيت الأبيض والتوقيع على اتفاق مع كوريا الشمالية· فقد رخصت لجنة الخدمات العسكرية في مجلس الشيوخ باتخاذ إجراءات تدفع في اتجاه رفع العقوبات بدعوى أن الهدف هو المساعدة في تفكيك المفاعل الرئيسي داخل كوريا الشمالية، فيما يقدم هذا الإجراء على أرض الواقع مساعدة كبيرة لنظام ''كيم إيل سونج''· وهنا نصل إلى لب الموضوع: هل يستحق اتفاق مع بيونج يانج لا يحقق سوى تقدم طفيف في مجال نزع السلاح ويسمح بإشراك النظام كل هذا الثمن؟ فلاشك أن هذا الاتفاق سينظر إليه من قبل دول تسعى للحصول على أسلحة نووية مثل إيران وسوريا على أنه النموذج الأفضل، ذلك أن أي نظام قائم على المكافأة دون الحصول على تنازلات، أو إمكانية التحقق من نزع السلاح، مرحب به من قبل أحمدي نجاد· والنتيجة أن بلداناً مثل إيران وسوريا وإلى جانبهما مصر وتركيا ودول أخرى كثيرة ستتحول إلى دول نووية· دانييل بليتكا باحثة في معهد أميركان انتربرايز ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©