الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التغييرات الضرورية في بلوشستان

التغييرات الضرورية في بلوشستان
12 مايو 2008 02:40
يوشك أخطر مكان على ظهر الأرض وهو حزام قبائل البشتون الذي يمتد على جانبي الحدود مع أفغانستان، أن يصبح أكثر خطورة· فنظراً لبدء هجوم الصيف الذي تشنه ''القاعدة'' و''طالبان'' ضد قوات الولايات المتحدة و''الناتو'' في أفغانستان، والتهديدات التي وجهتها الجماعات المسلحة باستئناف هجماتها ضد الجيش الباكستاني، فإن الحكومة المنتخبة حديثاً في إسلام أباد تحتاج إلى دعم إدارة بوش وصبرها، لا إلى إصرارها العنيد على الحلول العسكرية· لقد تمت إثارة كثير من الضجيج في الولايات المتحدة حول احتمال إقدام الحكومة الائتلافية الباكستانية على عقد صفقة مع ''بيت الله محسود'' قائد حركة ''طالبان'' الباكستانية التي تحكم جزءاً كبيراً من ''المناطق المدارة فيدرالياً''، لأن هذه الصفقة إذا ما تمت، فستؤدي إلى تخفيف الضغط على مقاتلي ''طالبان'' وتجعلهم بالتالي يتفرغون للمشاركة في هجوم الصيف· وقد تبين أن كل مؤامرة عالمية تم تنفيذها أو إحباطها منذ عام ،2004 كانت ترتبط بتنظيم ''القاعدة'' الذي يتخذ من تلك المناطق ملاذاً ومنطلقاً له، سواء من حيث التدريب أو التمويل أو الدعم المادي· وفي رأيي أن المفتاح لتغيير الوضع القائم في تلك المناطق القبلية، هو إجراء عملية تغيير سياسي كبير· فبدلاً من القوانين العتيقة التي تعود لعصر الاستعمار، فإن تلك المناطق تحتاج إلى رؤية استراتيجية، وإلى تغييرات سياسية تقوم على التشاور مع الناس الذين يعيشون هناك· يجب منح القبائل البشتونية في المنطقة القبلية الفرص السياسية والاجتماعية الممنوحة للباكستانيين، على أن تكون سلطة الدولة هي السائدة في تلك المناطق· وفي نهاية المطاف، يجب أن تؤدي مثل هذه الإصلاحات إلى جعل ممثلي الشعب قادرين على اتخاذ القرار الديمقراطي بشأن وضعهم، سواء تمثل ذلك القرار في تأسيس ولاية مستقلة، أو تشكيل جزء من المقاطعة الحدودية الشمالية الغربية المجاورة، ذات الأغلبية البشتونية· ويشار في هذا السياق إلى أن''بينظير بوتو'' كانت قد تحدثت عن الحاجة العاجلة لإجراء مثل هذه الإصلاحات، وإلى أن ''حزب عوامي الوطني''، وهو حزب بشتوني علماني يرأسه ''اصفنديار والي'' ويشارك ''حزب الشعب الباكستاني'' في الحكومة الائتلافية الحالية، قد عبر على لسان رئيسه عن رأي مشابه لرأي بوتو إلى حد كبير· ويمكن للحكومة الائتلافية في المدى القصير، فتح حوار مع جميع القبائل، ومع المجتمع المدني البشتوني، بل ومع أعضاء حركة ''طالبان'' الذين سيوافقون على إلقاء السلاح· وإذا ما اقترح هذا الحوار مستقبلاً سياسياً للمناطق القبلية، فإنه سيساهم بشكل أكثر فعالية في عزل العناصر المتطرفة· بيد أن ما نراه أمامنا بالفعل هو أن الحكومة الباكستانية تتراجع عن السير في طريق الإصلاح الطويل الأمد، وأن الأحزاب تتعرض للضغط من قبل الجيش الذي يريد التوصل إلى اتفاقية سلام سريعة تسري في مناطق محددة مع ''طالبان'' الباكستانية، وأن إدارة بوش التي تتشكك في البرامج السياسية الطويلة الأمد، تريد التوصل لترتيبات تتيح للقوات الأميركية فرصة تعقب المتطرفين في المناطق القبلية· المتطرفون فقط هم من لديهم رؤية واضحة للمناطق القبلية في الوقت الراهن، فهم يريدون دولة محكومة بالشريعة الإسلامية، مستقلة عن باكستان، يمكن لـ''القاعدة'' والجماعات المتطرفة أن يحتشدا معاً فيها· والصفقة موضوع النقاش، ليست كافية حيث تنص على وقف ''طالبان'' الباكستانية لهجماتها على الجيش الأفغاني، وتحرير عدة مئات من الرهائن الذين تحتجزهم، لكنها لا تتضمن أي وعود بشأن تخفيف الهجمات في أفغانستان· علاوة على ذلك فإن تلك الصفقة تتضمن تسليم الحكومة لمساحات رئيسية من المناطق القبلية، وتحرير قادة ''طالبان'' المعتقلين لديها· ويشار في هذا السياق إلى أن الجيش الباكستاني كان قد أبرم من قبل عدة صفقات من هذا النوع -أثنى عليها بوش في حينها- لكنها فشلت وأدت إلى تعزيز أوضاع المتطرفين· ومفتاح الحل في النهاية هو في أيدي الجيش الباكستاني· فرغم أن قائده الجنرال ''إشفاق كياني''، قد أعرب عن استعداده للسير وراء الحكومة المدنية، إلا أن الجيش هو الذي يملك زمام الأمر في المناطق القبلية في حقيقة الأمر، لدرجة يمكن معها القول إن الحكومة الباكستانية لا يمكن أن تنجز أي تغيير هناك بدون دعم الجيش ومساندته· ورغم أن ''كياني'' يريد من القادة السياسيين تولي زمام الحرب على الإرهاب فإن الجيش يحتاج قبل ذلك إلى إجراء تغييرات استراتيجية بما يتفق مع مصلحة المنطقة ومصلحة البلاد· التغيير الأول: تقليص قدرة قيادة ''طالبان'' الأفغانية التي تستقطب المجندين والإمدادات والدعم من بعض العناصر داخل باكستان· فـ''طالبان'' الأفغانية هي التي ترشد ''طالبان'' الباكستانية في المناطق القبلية، وفي المناطق الواقعة إلى الجنوب من ولاية ''بلوشستان'' التي يتمركز فيها الجزء الأكبر من قيادة ''طالبان'' الأفغانية· التغيير الثاني: يجب على الجيش القبول بحقيقة أن أي عملية سياسية أو أي برامج تنموية، لا يمكـــن أن تنجــــح في المناطق القبلية ما لم تكن مرتبطة بجهود مماثلة في المقاطعات الأفغانية التي تعيش فيها نفس قبائل البشتون· التغيير الثالث: يجب على الجيش أن يوضح بجلاء أنه يساند الإصلاح السياسي في المناطق القبلية، وأنه سيعمل على حماية الزعماء القبليين والمدنيين البشتون الذين يعيشون في تلك المناطق· وإذا ما أخذنا في الاعتبار الدعم العسكري الضخم الذي تمنحه إدارة بوش لباكستان، فإن تلك الإدارة هي القادرة على اتخاذ مثل تلك الخطوات، وعلى تشجيع الجيش والحكومة على الترويج لخطة فعالة للمناطق القبلية· بدلاً من ذلك، فإن ما يحدث هو أن الولايات المتحدة تدفع -مرة أخرى- للعمل العسكري، وهو مسار سوف يؤدي إلى مزيد من الإقصاء للبشتون، ومزيد من الإضعاف للحكومة المدنية الهشة، وإلى إعفاء الجيش من المسؤولية عن التغيرات التي يتعين عليه أن يضطلع بها· أحمد رشيد صحافي باكستاني ومؤلف كتاب: طالبان والجهاد ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©