الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

في ذكرى يوم المرأة العالمي

في ذكرى يوم المرأة العالمي
3 مارس 2011 21:02
يحتفل العالم في الثامن من شهر مارس، من كل عام بذكرى يوم المرأة العالمي، ومن المعلوم أن الإسلام كرّم المرأة ورفع شأنها وأعلى قدرها، وجعلها أختاً للرجل في الطاعات والعبادات وأعمال الخير {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ منكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى}(سورة آل عمران، الآية 195). وديننا الإسلامي الحنيف سبق الأنظمة الوضعية بقرون عديدة في تكريمه للمرأة، حيث تتلألأ صفحات التاريخ الإسلامي بأسماء النساء اللاتي كُتب تاريخهن بمداد من نور، كأمهات المؤمنين أمثال: خديجة، وعائشة، وزينب - رضي الله عنهن أجمعين-، وكذلك خولة، وأسماء، وسمية، وفاطمة- رضي الله عنهن أجمعين-، وغيرهن كثير، حيث ضربن أروع الأمثلة في نشر العلم والنور، والدفاع عن ديننا الإسلامي الحنيف، فالنساء شقائق الرجال. لقد أعطى الإسلام المرأة حقوقها الاجتماعية والسياسية ، فقد كانت المرأة منذ فجر الدعوة جنباً إلى جنب مع الرجل، آمنت بالله ورسوله- صلى الله عليه وسلم- وتعرضت للتعذيب والإيذاء مثل الرجل، وهاجرت إلى الحبشة فراراً بدينها، وهاجرت إلى المدينة دار الإسلام وحصنه، وجاهدت بكل ما أوتيت من قوة لإقامة الدولة الإسلامية الوليدة في المدينة المنورة. إن المرأة هي الأم التي جعل الإسلام الجنة تحت قدميها، وهي الزوجة ما أكرمها إلا كريم وما أهانها إلا لئيم، وهي البنت من أدبها فأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها كانت له حجاباً من النار، وهي الأخت والعمة والخالة التي جاءت النصوص الشرعية بضرورة الإحسان إليها، فمن وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله. وقد بين ديننا الإسلامي الحنيف أن النساء والرجال سواء في العمل والجزاء، حيث إن جملة العقائد والعبادات والأخلاق والأحكام التي شرعها الله للإنسان، يستوي في التكليف بها والجزاء عليها الرجال والنساء، وقد يسبق الرجل وقد تسبق المرأة، ولا دخل لصفات الذكورة والأنوثة في تقديم أو تأخير ولا في مثوبة أو عقوبة، وربما دخل الرجل النار ودخلت زوجته الجنة. ولا ننسى هنا أن نشيد بدور سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك (أم الإمارات) الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة الاتحاد النسائي العام، حرم المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، فهي التي أطلقت حملة واسعة لمحو الأمية وطالبت بضرورة تعليم البنات، وهي الرمز لنهضة المرأة الإماراتية والنموذج الحي المضيء لقدرة المرأة على العمل والإنجاز، كما أنها المثال على أن المرأة ليست فقط نصف المجتمع بل نصفه الفاعل المنجز، فقد أثبتت أن وراء كل أمة عظيمة نساء عظيمات، حيث حققت المرأة في دولة الإمارات العربية المتحدة خلال السنوات الماضية إنجازات كبيرة وعديدة. كما ولا ننسى أن نشيد بالمرأة الفلسطينية التي سطَّرت صفحات مضيئة في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية، فهي أم الشهيد، وزوجة الأسير، وشقيقة الجريح، وابنة المبعد عن وطنه، كما وأنهن يصبرن على البلاء، ويرضين بالقضاء، ويشكرن في الرخاء. وها هي أم كامل الكرد نموذج من النماذج المشرقة للمرأة الفلسطينية المرابطة، حيث رفضت أم كامل الكرد كل الإغراءات المالية التي تقدر بالملايين من الدولارات، كما ورفضت كل التهديدات والاعتداءات وبقيت متمسكة ببيتها وبحقها، مرابطة في مدينتها المقدسة التي أحبتها وضحت من أجلها. فقد اقتحمت قوة كبيرة من جيش الاحتلال الإسرائيلي في الساعة الرابعة فجر يوم الأحد الموافق 9/11/2008م حي الشيخ جراح بمدينة القدس، وأخلت قوات الاحتلال الإسرائيلي بالقوة، وتحت تهديد السلاح عائلة الكرد من منزلها من أجل استيطان مجموعة يهودية مكانها، حيث أخلت رب العائلة المسن والمقعد (أبو كامل الكرد)، وزوجته (أم كامل الكرد)، وأبناءه، واستقرت فيه، وأعلنت الحي منطقة عسكرية مغلقة، ومنعت المواطنين من الاقتراب أو الوصول إلى منطقة المنزل، ووجدت العائلة نفسها لاجئة على بعد نصف متر من بيتها، كأنها لم تعش فيه منذ عام 1956م. أقامت العائلة بمساعدة الأهالي خيمة اعتصام تقع على مدخل الحي، لتكون علامة مميزة على ممارسات الاحتلال العنصرية، الذي سرعان ما أقدم على هدمها مرتين بحجة أنها بُنيت بدون ترخيص، كما وتم نقل أبو كامل الكرد إلى مستشفى المقاصد بالقدس، وذلك بعد تعرضه للاعتداء من قبل أفراد الشرطة الإسرائيلية، حيث كان في وضع صحي صعب، وقد توفي أبو كامل الكرد مساء يوم السبت الموافق 22/11/2008م في مستشفى المقاصد بالقدس. وبقيت أم كامل الكرد المرأة الفلسطينية المرابطة في خيمة الاعتصام كالطود الأشم، لم تهزها العواصف الهوجاء ولا الرياح العاتية لسلطات الاحتلال الإسرائيلي، وقفت تقول للمتضامنين: «لن نرحل وسنبقى هنا، نحمي القدس والأقصى». بهذه الكلمات رسمت أم كامل الكرد حكاية صمود من نوع آخر، وسط تهديدات إسرائيلية بفرض غرامات باهظة الثمن عليها، على إثر إقامتها خيمة بلا ترخيص حسب ما تدعيه بلدية الاحتلال في مدينة القدس المحتلة. كلمات أم كامل الكرد التي صدحت بصوتها أمام العشرات من المتضامنين والمسؤولين وشخصيات مقدسية، حضرت إلى المكان للتضامن معها عقب احتلال منزلها من قبل قوات الاحتلال في منطقة حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية، جاءت لتثبت بأنه ما زال هناك صمود في الأرض المقدسة والحمد لله. وبنظرات عابرة تطلق أم كامل الكرد مطالباتها للعالم العربي والإسلامي بضرورة التحرك الفوري والعاجل، من أجل إنقاذ مدينة القدس المحتلة من الإجراءات الإسرائيلية التهويدية بحق المقدسيين، وإفشال مخططاتهم الرامية إلى تشريد سكانها، فأم كامل الكرد تقول بلغة الإصرار والتمسك بالأرض» لن نترك هذه الأرض التي ولدنا عليها»، كما ناشدت كافة المواطنين والمسؤولين في الدول العربية والإسلامية بضرورة إنقاذ مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى المبارك. ونحن هنا نضم صوتنا للمرأة المقدسية أم كامل الكرد، وندعو العالم العربي والإسلامي والعالم المسيحي وأحرار العالم وكل المؤسسات الرسمية والأهلية والفعاليات الشعبية التي تعنى بشؤون القدس إلى تحرك عاجل وفاعل بأسرع ما يمكن، من أجل إحباط المشاريع الخطيرة التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي من أجل تهويد المدينة المقدسة. لقد تعرضت هذه العائلة لاعتداءات المستوطنين منذ سنوات عديدة من أجل إجبارها على الرحيل من منزلها، وهذا العمل العدواني يندرج تحت مخطط سياسة تهويد القدس والتطهير العرقي الذي تمارسه إسرائيل لطرد الفلسطينيين المقدسيين من مدينتهم. هذه هي أم كامل الكرد نموذج للمرأة الفلسطينية المتمسكة بأرضها، المدافعة عن عقيدتها وحقوقها، رغم كل وسائل الترغيب والترهيب. هذا نموذج لكل ذي لب، ليتعرف العالم أجمع على مدى تمسك الفلسطينيين المرابطين بأرضهم المباركة المقدسة، وليعلم الجميع بأن الباطل مهما قويت شوكته وكثر أعوانه فلا بد له من يوم يَخرُّ فيه صريعاً أمام قوة الحق والإيمان، {كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ} (سورة الرعد، الآية 17). فألف تحية للنساء المخلصات العاملات لخدمة الوطن والعقيدة، ألف تحية إلى كل أم، وزوجة، وبنت، وأخت، ألف تحية إلى الرجال والنساء العاملين: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ} (سورة التوبة، الآية 71). نسأل الله أن يحفظ رجالنا ونساءنا، وأبناءنا وبناتنا، وشعبنا وأمتنا، ومقدساتنا من كل سوء. الشيخ الدكتور يوسف جمعة سلامة خطيـب المسـجد الأقصـى المبـارك www.yo sefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©