الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

أمهات أصحاب الهمم.. ناجحات رغم التحدي

أمهات أصحاب الهمم.. ناجحات رغم التحدي
20 مارس 2018 22:32
أحمد السعداوي (أبوظبي) أمهات أصحاب الهمم من نمط خاص، كونهن قدمن أروع نماذج العطاء والتضحية، واستمرت رحلة كفاحهن سنوات طويلة من أجل تنشئة أبنائهن بطريقة علمية سليمة، ترتقي بإمكاناتهم، وتجعلهن قادرات على الاعتماد على الذات، والتعامل مع المجتمع المحيط بطريقة إيجابية، رغم الصعوبات والتحديات الكبيرة التي واجهتهن هؤلاء الأمهات، منذ مرحلة الصدمة ومعرفة انضمام طفل من أصحاب الهمم إلى الأسرة، مروراً بمراحل عديدة في التأهيل والعلاج، حتى الوصول إلى النتيجة المرجوة التي لعبت فيها الأم دوراً رئيساً، في وصول الأبناء إلى درجة عالية من الاعتمادية، وتكامل الشخصية بفضل المساندة والدعم المستمر من الأم. تتويج معنوي تقول منى طعمة، إن الاحتفالات بيوم الأم تعتبرها تتويجاً معنوياً جميلاً، يشعرها بالسعادة لما قدمته من جهود مع ابنها عبد المجيد بعد مسيرة 21 عاماً، أنهاها بالحصول على شهادة الثانوية العامة وحصوله على قدر كبير من المهارات والمعارف، تساعده على أن يكون شخصاً معتمداً على نفسه إلى حد كبير، وهذا بحد ذاته أفضل تكريم تحصل عليه والدة أي من أصحاب الهمم، بأن ترى ابنها ناجحاً ويتمتع بقدرات تشعره بالاستقلالية وتكامل الشخصية نفسياً واجتماعياً. وتلفت طعمة إلى أن الطريق كان طويلاً وشاقاً ومتعباً بذات الوقت، ومع ذلك تشعر بالتقصير تجاهه مهما أعطته، مبينة أن حالته الصحية كانت شديدة في عمر مبكر، ولكن مع الاهتمام المستمر والخضوع لبرامج تأهيل وعلاج علمية متخصصة، وكذلك الالتحاق بإحدى مدارس الدمج، تحسنت حالته كثيراً، ولم تخف قلقها من أن تتراجع قدراته ومهاراته التي اكتسبها طيلة هذه السنوات لطول فترة بقائه في المنزل، ولذلك تسعى في الفترة المقبلة أن تلحقه بأي من المراكز التي تتيح له ممارسة أنشطة اجتماعية ورياضة ومهارية تحافظ على ما اكتسبه من قدرات طوال السنوات الماضية. وتشير طعمة إلى أن تفكير وأمنية كل أم لأحد أصحاب الهمم، أن تضمن مستقبلاً مضموناً لابنها لا يحتاج فيه إلى مساعدة شخص آخر، ويكون معتمداً على ذاته بشكل كبير، وهو ما تسعى إلى تحقيقه خلال الفترة المقبلة، وتعتبرها مسؤوليتها الشخصية طوال حياتها وحياة والده. نقطة تحول فكرية حجازي، والدة رحمة عبد السلام الحسيني (23 سنة) مصابة بمتلازمة داون، أوضحت أن الأم هي المحور الذي تقوم عليه عمليات التأهيل والعلاج لأصحاب الهمم على اختلاف حالاتهم، لأنها الأكثر اقتراباً منهم بحكم جلوسها في المنزل، وقدرتها على تفهم كافة احتياجاتهم الشخصية والعلاجية، ونوهت إلى أن احتفالات يوم الأم تشعرها بالسعادة، وبأنها بفضل الله لم تقصر في دورها تجاه أبنائها كافة، وتبذل أقصى ما لديها في سبيل إسعادهم، خاصة للأشد احتياجاً وهي ابنتها رحمة، وترى حجازي أن دورها طبيعي لأي أم، ويصعب أن تقوم به لولا الدعم المجتمعي المستمر من كافة الجهات في الدولة، التي لم تقصر في توفير جميع الإمكانات للارتقاء بقدرات أصحاب الهمم، وجعلهم أكثر قدرة في الاعتماد على الذات والعطاء لأنفسهم ومجتمعهم. مراحل التجربة من صاحبات التجارب الملهمة من أمهات أصحاب الهمم، سميرة حرز الله، مديرة مركز تنمية القدرات بأبوظبي، وهي أم لخمسة أبناء، وقالت إن إصابة ابنها بلال، باضطراب التوحد، كان نقطة تحول جوهرية في حياتها وحياة الأسرة، حيث مرت بمراحل عديدة حتى وصلت إلى أن تكسب ابنها مهارات عالية جداً، تجعله يستطيع الاعتماد على نفسه في الكثير من أمور حياته، ولم تكتف بتجربتها على شخصها، وإنما حاولت إفادة أكبر قدر من الأمهات وأولياء أمور أصحاب الهمم، عبر إقامة مركز خاص لتأهيل وعلاج أصحاب الهمم على اختلاف حالاتهم، ودعمت ذلك بدراستها للصحة النفسية، حتى تتعامل مع أصحاب الهمم وذويهم بأكبر قدر من المهنية. ومن واقع تجربتها تروي حرز الله، قائلة: «أهم المراحل التي تمر بها أمهات أصحاب الهمم والواجب التعامل معهم، بقدر كبير من التركيز واتباع الأساليب العلمية، حتى تكسب ابنها أكبر قدر من المهارات والقدرات، التي تجعله شخصاً إيجابياً قادراً على الاعتماد على ذاته بحد كبير». وتضيف: «أولى هذه المراحل التي تمر بها الأم، هي مرحلة الإنكار والعزلة، كون شعور الإنكار وسيلة دفاعية يدافع بها العقل عما يمكن أن يحدث من تأثيرات نتيجة هذا التغير الشديد في حياتك، من ابتلاء شخص اعتدت وجوده بشكل دائم أو إصابة أحد الأبناء باضطراب، كالتوحد قد يودي بحياتك أو حياة من تحب، فعقلك يساعدك بشكل كبير في محاولة إنكار ما حدث، بل ويزيح أي أفكار قد تؤدي إلى ذلك حتى تستوعب ذلك فيما بعد استيعاباً صحياً». وتضيف: «بعد ذلك تأتي مرحلة الغضب والعزلة، حيث يبدأ الواقع وألمه في التدخل في أفكارك، فنحن لسنا مستعدين لاستيعاب ما يحدث بعد، حيث إن الفاجعة التي حدثت تبدأ بالتدريج في الخروج من مناطقنا الأكثر ضعفاً، وتنعكس وتخرج في صورة الغضب الشديد. ثم تأتي مرحلة التفاوض والمساومة وهو الشعور الطبيعي الذي يجتاحنا عند فقدان الأمل أو عدم القدرة على تغيير الواقع، وتلك هي أقسى مراحل الصدمة وأضعف خيط من مراحل الدفاع التي تحمينا من الواقع المؤلم جداً. ثم مرحلة الاكتئاب التي تليها مرحلة التقبل واليقين بأن الوصول لهذه المرحلة نعمة لا يحصدها الكل، وهي مرحلة تتميز بالهدوء ومقاومة الحزن، وبالتالي اختصار فترة العلاج والتأهيل والبدء فيه مبكراً». دور محوري وتؤكد حرز الله، أن دور الأم في عمليات التأهيل والعلاج، يمتد أيضاً لباقي أفراد الأسرة لأنهم يساعدون على نجاح هذه العمليات، عبر شد انتباه الطفل إلى العالم الخارجي، وتقبله للجميع وتقبل الجميع له والسير في عملية التغيير، حيث تعمل الأم على تعريف المشكلة الصحية للأبناء، وأنها ستأخذ وقتاً طويلاً قد يمتد سنوات، وإنها بحاجة لمساعدتهم وحبهم وتقبلهم له، وأن تكثيف تدريبه والاهتمام به سيخرجه من حالته بوقت أسرع، لذلك علينا أن نعمل معاً حتى يستطيع صاحب الهمة أن يعتمد على نفسه ولا يكون عالة على أحد، وكلما تعلمت الأم برنامجاً أو معلومة مهما كانت بسيطة، نخبرهم بها ونطلب منهم اتباع نفس الطريقة، والتأكيد عليهم بأن يتم التعاون وتقسيم الوقت، بحيث يكون معظم الوقت معنا، ليستفيد الطفل مهارياً وسلوكياً. مركز علمي مرموق نيفرت أحمد، والدة آلاء (20 سنة)، ذكرت أن دعمها المستمر لابنتها، جعلها في النهاية تحقق مركزاً علمياً مرموقاً، فكانت من العشرة الأوائل على الثانوية في الدولة سنة 2017 رغم حالتها الصحية، وما كانت تصل إلى هذه النتيجة لولا الاهتمام الكبير من كل أفراد الأسرة، والخضوع لبرامج تأهيل وعلاج متقدمة، وهو ما لم تقصر فيه الدولة أبداً من حيث توفير أرقى الإمكانات والمراكز المتخصصة للارتقاء بقدرات أصحاب الهمم، وهو ما تتمنى إيجاد امتداد له بعد وصولهم إلى سن 18 سنة، حيث إن بعض هذه المراكز لا تقبل بالوافدين بعد هذه السن، رغم أنهم ولدوا وعاشوا طوال أعمارهم هنا، وهو ما تعودنا عليه من دولة الإمارات التي تعتبر واحدة من أولى دول العالم في الاهتمام بأصحاب الهمم ولا تألو جهداً في تقديم كل ما هو مفيد ونافع لهم. وبينت أحمد، إن الاهتمام بأصحاب الهمم يمتد أيضاً إلى أمهاتهم أيضاً، ومن ذلك الحفل الذي أقامته جمعية «الإمارات للتوحد» مؤخراً، واحتفت فيه بالعديد من أمهات أصحاب الهمم، اللائي تلقين هدايا تذكارية في لمحة تقدير لما قدمنه لأبنائهن خلال مسيرتهم التعليمية والتأهيلية، مشيرة إلى أنها واجهت كثيراً من التحديات في رحلة العلاج والتأهيل مع ابنتها حتى وصلت إلى هذه النتيجة، لأن عمرها العقلي كان أقل من عمرها الزمني، بحوالي 7 أو 8 سنوات، وهذا الفارق سبب مشكلة كبيرة في التحصيل الدراسي تم التغلب عليها بتكثيف الجهود داخل الأسرة والالتزام بكافة برامج التأهيل والعلاج التي يتلقونها داخل المراكز المتخصصة، حتى تم الوصول إلى هذه النتيجة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©