الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«عمر وسلمى 2» خلطة تجارية ناجحة بإفيهات فجة

«عمر وسلمى 2» خلطة تجارية ناجحة بإفيهات فجة
25 يونيو 2009 01:02
مي عز الدين وتامر حسني في فيلم «عمر وسلمى 2» رغم أن تيمة الفيلم السينمائي الجديد «عمر وسلمى 2» ليست جديدة من حيث الفكرة وطريقة المعالجة فإن الفيلم يتميز بخفة ظل ممزوجة بإفيهات لاذعة وأداء مميز لمي عز الدين وديكور ومناظر ساحرة وتركيز على تامر حسني الذي حقق 32 مليون جنيه في «عمر وسلمى» الأول وكتب قصته بنفسه ويبدو أنه يعرف جيداً كيف يصنع توليفة فنية تجذب جماهير السينما خاصة الشباب. يحمل فيلم «عمر وسلمى 2» اسم تامر حسني مؤلفاً للقصة وبطلاً والسيناريو لأحمد عبدالفتاح وإخراج احمد البدري وبطولة مي عزالدين وعزت ابوعوف وميسرة وضياء الميرغني وتدور الأحداث حول «عمر» و»سلمى» بعد زواجهما ومرور نحو 6 سنوات تقريباً مما يستدعي للذاكرة سلسلة طويلة من الأفلام العالمية والعربية التي كان أشهرها الفيلم العالمي «هرشة السنة السابعة» وعلى نفس التيمة قدمت السينما المصرية «صباح الخير يا زوجتي العزيزة» و»دقة قلب» وغيرها ونتابع الأحداث من خلال نسخة صاغها تامر حسني تحمل تنويعة جديدة بملامح مصرية وعصرية نجد فيها البواب أفراد اسرته يمارسون البلاي ستيشين والزوجة تكتشف خيانة زوجها من خلال رسائل المحمول وغيرها من الأجهزة العصرية. اعتمد المخرج أحمد البدري على كوميديا الفارس منذ المشهد الأول حيث نجد «عمر» تامر حسني و»سلمى» مي عز الدين يتسوقان في أحد المتاجر وتفاجأ «سلمى» بآلام الوضع ولا يجد الزوج أمامه غير وضعها في عربة التسوق والإسراع بها الى المستشفى ويتكرر المشهد لنعرف ان «عمر» مازال يسيطر عليه الفكر التقليدي رغم كونه ينتمي لكل المظاهر العصرية فهو يقف في كل مرة أمام حجرة الولادة ويصارح والده الفنان عزت أبوعوف برغبته في ان يكون المولود ولداً وليس بنتاً. وتنجب «سلمى» بنتين جميلتين وتمضي الأيام ويبدأ الفتور والروتين يتسلل الى حياتهما لان الزوج سئم إهمال زوجته العناية بنفسها وبه وانشغالها في تربية الأبناء ومتابعة مدارسهم والاعباء المنزلية وهي تشعر بانه لا يمنحها الوقت والاهتمام الكافي وكذلك المشاجرات الزوجية وفي كل مرة تطلب «سلمى» الطلاق ويفكر «عمر» في خيانتها لكن المياه تعود بمجرد ان تتلاقى العيون ويستعيد الزوجان ذكرى أيام الحب الدافئة ويقدم الاب عزت ابوعوف نصائحه لابنه وكأنه رجل خبير ناجح في حياته الزوجية مؤكداً ان المرأة يهمها التفاصيل الصغيرة واللمسات التي تجعلها تشعر بأهميتها مثل تواريخ المناسبات السعيدة ويحذره من ان ينسى مثلاً يوم زواجهما لان ذلك سيجعل حياته جحيماً ولا تمضى سوى لحظات ويتابع «عمر» مكالمة بين ابيه وزوجته التي تذكره بموعد الاحتفال بالفالنتين ويثور والده ويهدد زوجته وينسى تماماً تلك النصائح الغالية التي كان يسديها الى ابنه. وتقرر «سلمى» أن تلقن زوجها المفتون بنفسه والمغرم بالنساء درساً وذلك بعد أن شاهدته في موقف غير لائق مع جارته ميسرة وتترك المنزل وتغلق التليفون المحمول الخاص بها ويضطر «عمر» الى ان يمارس كل المهام التي تقوم بها زوجته من تنظيف وطهو للطعام ومتابعة دروس البنات ولمدة أسبوع كامل مما يجعله يشعر بالإرهاق الشديد وبمدى معاناة زوجته التي كانت تواجه المشاكل بمفردها ويحاول «عمر» الاتصال بـ»سلمى» ومعرفة مكانها ويكتشف أنها كانت مقيمة عند جارتها ميسرة وانهما اتفقا على تلقينه درساً وشاركت ابنتاه في المؤامرة ولكن «سلمى» تعود للشجار من جديد مما يجعل «عمر» يستسلم للسكرتيرة الحسناء التي كانت تطارده ويدعوها للقائه في منزله القديم وفي ذلك الوقت تقرر «سلمى» ان تنصت لنصائح جارتها وألا تبالغ في غضبها لان كل رجل خلفه اكثر من امرأة تطارده وترسل «سلمى» الى «عمر» رسالة تعترف فيها باخطائها وانها تريد لقاءه في منزلهما القديم ولكن الرسالة لا تصل لان التليفون المحمول قد فصل شحن وهناك ترى الخيانة بنفسها ويسرع «عمر» ويحاول الاتصال بـ»سلمى» من تليفون سكرتيرته ويكتشف ان اسم زوجته مسجل على محمول السكرتيرة وانها كانت توالي زوجته برسائل مسممة بكلمات مثل «زوجك يخونك».. «اتركيه قبل أن يتركك».. وينهال بالضرب على السكرتيرة. وأمام المأذون يقف «عمر» و»سلمى»، «عمر» يبكي ويتوسل ان تسامحه وهي تصر على الطلاق وفي النهاية يؤكد لها انه لن يطلقها لانها روحه ولا يمكنه الحياة بلا روح.. ولشدة تمسكه تغفر وتسامح وتعود الحياة بين الزوجين لسيرتها. القصة التي كتبها تامر حسني تعتمد في المقام الاول على التفاصيل وقدرة فريق العمل على تقديم لوحات كوميدية مبالغ فيها أما السيناريو فقد تميز بانه استثمر الفكرة وقدم تنويعات تجارية مضمونة واستطاع المخرج احمد البدري ان يحافظ على توازن الايقاع بين المشاهد الرومانسية والكوميديا التي حفلت بها الاحداث فزج بالأغاني الشعبية التي تم توظيفها لتكون بمثابة عناصر مفجرة للضحك خاصة في اللقطات التي جمعت بين تامر حسني وبناته في الفيلم أثناء غياب الزوجة. أداء مي عزالدين تميز بالتنوع وسمحت لها شخصية «سلمى» أن تقدم اداء كوميديا ورومانسيا لولا التحولات والنقلات السريعة ورغبة المخرج في الابتعاد عن الاستغراق في اي مشاعر مؤلمة حتى لو كانت صادقة.. اما تامر حسني فقد حلق كعادته بادائه وأسلوبه المرح ويبدو انه اكتسب مزيداً من الثقة واحتلت اغنياته وكلماته مساحة كبيرة وجاءت اللمسات الفنية لمهندس الديكور سامر الجمال لتعكس المستوى الاجتماعي المرفه الذي تدور فيه الاحداث كذلك استطاع مدير التصوير رؤوف عبدالعزيز ان يترك بصمة من خلال اختيار اللقطات المناسبة مع إيقاع الفيلم واللافت تلك الجرعة الزائدة من الايفيهات والتعليقات الفجة التي يصعب ان نترك الاطفال والشباب وهم الجمهور الاساسي للفيلم يتعرضون لها. السينما الفنية تقدم ثقافة رفيعة.. ويهملها أصحاب النظرة التجارية ضيف غير مرغوب به في الصالات الإماراتية في القاعة الخارجية لصالات السينما بمجمع «أبوظبي مول» التجاري تصادف مجموعة من الشبان والمراهقين وهم يحدقون في ملصق إعلاني لفيلم أمريكي يلخص ما يحتويه الفيلم من عنف ومطاردات وإثارة صارخة. بحيث تكاد طلقات الرصاص المتناثرة في الملصق أن تنفلت من مكانها وتصيب رواد السينما! يسارع الشبان نحو شباك التذاكر ويحجزون تذاكر الفيلم قبل أن يبدأ الزحام، فلا يجدون موطئ قدم في الصالة. إبراهيم الملا يتكرر هذا المشهد في معظم صالات السينما في الدولة والتي عادة ما تكتظ بالجمهور من فئة الشباب أيام العطل والإجازات، وهذا الازدحام قد لا يبرر انتشار الثقافة السينمائية الحقيقية وسط هؤلاء الشباب لأن خيارات أصحاب الصالات السينمائية ما زالت محصورة في أفلام الأكشن والكوميديا والرعب الأشبه بالوجبات البصرية السريعة التي تحقق أرباحا كبيرة ومضمونة تستند على الترفيه والإثارة وإشباع حاجة الشباب المنصبة على الإبهار والتنفيس عن طاقات ورغبات مستترة وغير متحققة. هذا المنحى التجاري الصرف الذي يسلكه ملاّك الصالات وضع الفيلم الفني والمستقل في خانة الإهمال والتجاهل المقصود، ما أصاب عشاق «النوع» أو النخبة من المشاهدين بحالة من الإحباط والأسى على وضع «السينما المختلفة» أو «الرصينة» التي يمكن أن تحقق الأهداف الثقافية والإنسانية العميقة للفن السابع، كما أن هذا التغييب المقصود للفيلم الجاد جعل التعاطي مع فن السينما في الإمارات أقرب ما يكون إلى النمط الاستهلاكي الفجّ، بدل أن يتحول طقس مشاهدة الفيلم إلى حالة من التواصل الروحي والجمالي المثير للأسئلة الوجودية والمعرفية والإنسانية بشكل عام. في التحقيق التالي نحاول رصد آراء عينة من السينمائيين الإماراتيين والجمهور العادي وكذلك المسؤولين عن توزيع الأفلام لتشريح هذه الحالة الفنية والإشكالية الطاغية على المشهد السينمائي في الإمارات. بهارات سينمائية ويقول المخرج الإماراتي الشاب خالد المحمود الذي درس فن السينما في الولايات المتحدة: «من يحضر إلى صالات العرض في الإمارات يعتقد أن السينما هي اختراع أميركي أو هوليوودي، وأن المتعة السينمائية لا تتحقق إلا من خلال البهارات العاطفية للفيلم الهندي والقفشات الكوميدية في الفيلم العربي، وتعميم هذا المفهوم خطير جدا، لأن السينما خرجت من معطف فنون عريقة مثل التشكيل والمسرح والأدب الروائي والقصصي وهناك تجارب سينمائية جميلة وعميقة جدا في السينما الأوروبية والآسيوية وفي دول أمريكا الجنوبية ويكون لها حضور باهر وحقيقي في المهرجانات السينمائية الرصينة مثل كان وبرلين وفينيسيا ولكنها للأسف لا تصل إلينا، لأن أصحاب الصالات والموزعين لا يملكون الثقافة السينمائية الواسعة، ولأنهم في النهاية تجار ومحكومين بعقلية الربح وبمردود شباك التذاكر، وهذا الاتجاه الثقافي الخاطئ والمدمر بحاجة لتدخل الجهات الثقافية الحكومية لتصحيح الوضع وخلق نوع من التوازن بين الفيلم الفني والآخر التجاري». غياب فني ويقول المخرج السينمائي الإماراتي سعيد سالمين صاحب الجوائز العديدة في مهرجانات الفيلم القصير في الإمارات وخارجها: «يعود غياب الفيلم الفني عن صالات السينما المحلية إلى سبب مهم وهو أن الشباب يمثلون النسبة الغالبة من جمهور السينما، وهذه الشريحة الكبيرة من المشاهدين لا تميل لمشاهدة الأفلام الفنية التي تعتمد على القصص الإنسانية وتخاطب الجانب الأدبي والتأملي لدى المشاهد، ولكن هذا التفسير لا يبرر خيارات أصحاب الصالات والتي تركز في غالبها الأعم على الفيلم التجاري والمثير للغرائز النفسية والجسدية لدى الشباب، فما يقوم به ملاك الصالات أشبه «بالتغييب الثقافي» الذي يساهم تشويه النظرة إلى جماليات السينما، وتكريس النمط الاستهلاكي الذي لا يبشر بولادة مبدعين وفنانين حقيقيين وسط الأجيال القادمة». جشع تجاري أما المخرج الإماراتي وليد الشحي الذي شارك بأفلامه القصيرة في مهرجانات محلية ودولية عديدة فيرى أن الجشع المبالغ فيه من قبل ملاك الصالات هو الذي غيب الفيلم الفني عن هذه الصالات، ويضيف الشحي: «وبالتالي غابت عنا المتعة السردية والأبعاد الروحية التي يوفرها هذا النوع من الأفلام، وأقترح هنا أن يتنازل أصحاب الصالات وموزعو الأفلام عن جشعهم قليلا وأن يخصصوا صالات صغيرة في مجمعاتهم السينمائية الضخمة من أجل عرض فيلم أوروبي أو كوري أو ياباني أو أي فيلم آخر يختلف عن السائد التجاري، فعرض مثل هذه الأفلام كل أسبوع أو كل شهر لن يؤثر على مداخيلهم المالية، كما أن هناك جمهورا خفيا ونوعيا سوف يعتاد على حضور هذه الصالات الصغيرة والمتخصصة». حاجة الجمهور والتقينا في المجمع السينمائي بأبوظبي مول بمجموعة من الشباب الذين خرجوا متحمسين من أحد العروض التجارية فسألنا محمد العبيدلي (19 عاما) عن نوعية الفيلم الذي شاهده فقال: «هو فيلم يدور في عالم الجاسوسية وفيه الكثير من الأكشن والمطاردات ومشاهد العنف»، وسألته عن رأيه في الفيلم الفني وهل سيذهب لمشاهدته إذا عرض في السينما فاستغرب من المصطلح وأجاب: «لا أعرف ماذا تقصد بالفيلم الفني» وعندما ذكرت له بعض خصائص هذه النوعية من الأفلام قال: «يكفي ما ندرسه في الجامعة، أنا هنا كي أرفه عن نفسي وأنسى هموم الدراسة، ولا أظن أنني سوف أصمد طويلا لمشاهدة هذا الفيلم المختلف الذي تصفه»، ويعلق زميله ماجد الرميثي (20 عاما ): «هذه أفلام مهرجانات، نحن نأتي هنا للفرجة وتضييع الوقت، الأفلام الفنية موجهة للمتخصصين ولا أعتقد أنها تنجح في استقطاب الجمهور». أما راشد خميس (24 عاما) فيعلق: «أنا مدمن على أفلام الرعب، ولا يخلو أسبوع من عرض فيلم رعب جديد، وعدد الحضور كبير كما ترى، أما الفيلم الفني الذي تتحدث عنه فلن يحضره أحد وسوف يؤدي إلى إفلاس أصحاب السينما إذا تم عرضه»! وعلى عكس الآراء السابقة يقول أحمد الحوسني (25 عاما): «أنا أحب الأفلام التي تتوفر على قصص إنسانية مؤثرة، كما أنني أملك ثقافة سينمائية بسيطة من خلال قراءاتي ومتابعاتي، وهي تعينني على معرفة المخرجين الجيدين، والأفلام المهمة والفائزة بجوائز عالمية ولكن المشكلة أن هذه الأفلام نادرا ما تعرض في صالات السينما، وبالتالي أضطر أحيانا لمشاهدة أي فيلم معروض بغض النظر عن مستواه الفني، لأنني لا أمتلك خيارات أوسع». رأي الموزع وأخيرا توجهنا بهذه الآراء والملاحظات إلى سليم راميا من شركة «جلف» الموزعة للأفلام السينمائية في دبي وباقي إمارات الدولة، فقال مدافعا عن توجه الشركة لتوزيع الأفلام التجارية: «عندما نتحدث عن غياب الفيلم الفني يجب ألا نهمل عنصري التكلفة والربح، فتكاليف شراء وترجمة وشحن هذه الأفلام ليست بالهينة، وبالتالي أنا أحتاج لجمهور كبير يغطي هذه التكاليف، وحتى إذا أردت أن أزيد من سعر التذكرة فإن قوانين ولوائح وزارة الاقتصاد تمنعني من ذلك، فماذا أفعل؟». وعن تخصيص صالات صغيرة لعرض هذه الأفلام في مجمعات السينما قال راميا: «هذه الصالات لها كلفة تشغيل أيضا، فإذا حضر خمسة أو عشرة أشخاص لمشاهدة الفيلم فسوف أتكبد خسائر كبيرة» ويضيف: «وحتى الأفلام الأمريكية أو المصرية التي تحمل مضامين سياسية أو جادة ورغم وجود نجوم لامعين ومعروفين فيها فإنها تعاني من غياب الجمهور وبالتالي فهي تسبب لي خسائر، فما بالك بالفيلم الفني القادم من أوروبا مثلا والذي يتضمن الكثير من المشاهد الممنوعة رقابيا والتي يساهم مقص الرقيب في تشويهها وإرباك المشاهد والتأثير على مجريات القصة». وعن البدائل المقترحة للخروج بحل وسط على الأقل يقول راميا: «نحن لا نغلق الباب نهائيا أمام الفيلم الفني، وبين فترة وأخرى نقوم بعرض أفلام فائزة في مهرجانات عالمية كما نقوم بعرض أفلام من دول مختلفة مثل إيران وكوريا وفرنسا، وسوف نعرض قريبا الفيلم الفائز بمهرجان كان في دورته الأخيرة، ولكن استمرار هذه العروض رهن بالحضور الجماهيري والذي نتمنى أن يتزايد في الأعوام المقبلة، حتى يكون للفيلم الفني فرصة لتحقيق ربح ولو بسيط وبالتالي يمكن له التواصل مع جمهور السينما في الإمارات»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©