الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النشاط العسكري الأميركي قرب روسيا

9 مارس 2014 16:00
إذا كانت زيادة النشاط العسكري الأميركي مع شركاء حلف «الناتو»، مثل بولندا وليتوانيا، تبدو مثل رد محدود على الاحتلال العسكري الروسي لشبه جزيرة القرم الأوكرانية، فلذلك سبب واضح. إذ يرى خبراء إقليميون أن المقصود من الاستعراض المحدود للقوة العسكرية من خلال مجموعة من المقاتلات في أجواء أوروبا الشرقية وسفينة حربية واحدة في البحر الأسود هو تهدئة أعصاب الجمهوريات السوفييتية السابقة والدول الحليفة بشأن تحركات موسكو في أوكرانيا، أكثر من أن يكون الغرض هو حمل روسيا نفسها على الانسحاب تجر أذيال الهزيمة. وفي هذا السياق أفاد المدير التنفيذي لمركز «المصلحة الوطنية» لأبحاث العلاقات الأميركية الروسية باول ساوندرز، الذي يتخذ من واشنطن مقراً له، أن هدف الأنشطة العسكرية الأميركية هو طمأنة حلفاء الولايات المتحدة بشأن الالتزام الأميركي تجاههم. وأضاف «هي محاولة حقيقية للتأكيد لأعضاء الحلف الأطلسي، الناتو، الجدد أن الولايات المتحدة تقف إلى جانبهم». ومثلما تشير مديرة البرنامج الأوروبي لدى «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية» في واشنطن هيثر كونلي، فهناك أهداف محددة لما تتطلع الولايات المتحدة لإنجازه بنشاطها المتزايد في المنطقة. وتابعت «إن المقصود الحقيقي هو طمأنة استراتيجية، مثلما يوضحون في أروقة الناتو»، لافتة إلى أنه لا أحد يرغب في تصعيد الموقف، ولا يرى أحد أيضاً حلاً عسكرياً لما يحدث في أوكرانيا، مضيفة «ولكن ما نرغب فيه هو التأكيد لحلفائنا في شرق أوروبا على أن قوات حلف الناتو تذهب إلى هناك من أجلهم». وكانت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاجون» أعلنت الأسبوع الماضي أنها أرسلت ست طائرات مقاتلة من طراز «إف – 15» إلى ليتوانيا لتعزيز مهمة الدوريات الجوية التي يقوم بها حلف «الناتو» فوق دول البلطيق، كما كشفت عن توسيع التدريبات الجوية المشتركة مع بولندا. وفي هذه الأثناء، أعلنت القوات البحرية الأميركية أول من أمس أيضاً أنها قد أرسلت المدمرة الأميركية «يو إس إس تروكستون» التي تحمل صواريخ موجهة إلى البحر الأسود حيث تقع شبه جزيرة القرم. وأفادت «البنتاجون» أن نشر المدمرة، وهي جزء من مجموعة حاملات طائرات هجومية، كان مزمعاً قبل اندلاع أزمة أوكرانيا في فبراير. وظهر قلق الدول الأعضاء الجديدة في «الناتو»، التي انضمت إلى الحلف بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، الأسبوع الجاري، عندما طلبت بولندا «اجتماعاً طارئاً» لمجلس الحلف الأطلسي. واستشهدت بولندا ببند الدفاع المشترك المنصوص عليه في ميثاق تأسيس الحلف، وهو البند نفسه الذي استخدمه «الناتو» في الوقوف مع الولايات المتحدة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، واستغلت تركيا أيضاً البند نفسه العام الماضي عندما سعت لنشر صواريخ «باتريوت» على طول حدودها مع سوريا. وفي الدعوة لعقد اجتماع «الناتو»، صرح الدبلوماسيون البولنديون بأن بلادهم تشعر بالتهديد من جراء «العدوان» الروسي في أوكرانيا، ومن ثم قرروا أنه لم يعد بمقدورهم انتظار فترة أطول لطلب إظهار الدعم من قبل «الناتو». وأشارت بولندا في طلب اجتماع مجلس الحلف إلى أن «النشاط العسكري الروسي غير مقصور على استفزازات سافرة وتدخل غير قانوني في شبه جزيرة القرم، أو تهديد الغزو الشامل للأراضي الخاضعة للسيادة الأوكرانية، وإنما وصل الأمر إلى إجراء روسيا سلسلة من التدريبات العسكرية قرب الحدود الروسية البولندية بحضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه». ومن جانبه، أكد وزير الخارجية الأميركي جون كيري على أهمية الاستجابة للقلق الدائر في أنحاء أوروبا الشرقية عندما قال في مؤتمر صحافي في باريس يوم الأربعاء الماضي إن الإجراءات التي اتخذها «البنتاجون» كانت خطوات ثابتة تهدف إلى طمأنة حلفائنا في «الناتو». ولكن يتفق معظم الخبراء والمراقبين على أن الخطوات العسكرية الأميركية لا تشي بنية تدخل عسكري أميركي في الأزمة الأوكرانية. وفي هذا السياق لفت «ساوندرز» التابع لـ«مركز المصلحة الوطنية» إلى أن الولايات المتحدة قضت فترة الحرب الباردة بأسرها تحاول تفادي المواجهة العسكرية المباشرة مع الاتحاد السوفييتي السابق، ولذا فمن غير المنطقي أن تنزلق في مواجهة عسكرية مع روسيا في هذه الحالة. وأضاف «إن روسيا دولة تمتلك أسلحة نووية، وهو ما يجعل من المستبعد تماماً أن تقوم الولايات المتحدة بعمل عسكري ضدها»، منوّهاً إلى أن الروس يفهمون أن الولايات المتحدة لن تخاطر بتصعيد نووي على جزء من أوكرانيا يعيش فيه مليونا شخص. والجانب السيئ في هذا الواقع هو أنه يترك روسيا تفترض أن أعمالها لن تجد رداً قوياً من العالم الخارجي، بما في ذلك الولايات المتحدة. وعليه، يؤكد «ساوندرز» أن الإدارة الأميركية لديها مشكلة مصداقية حقيقية مع موسكو، وهذه المشكلة تمتد إلى غير روسيا لتشمل كثيراً من حلفاء وشركاء الولايات المتحدة. وبدورها ذكرت «كونلي» من «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية» أن الرسالة الشاملة المقصود إيصالها من وراء الخطوات العسكرية الأميركية في أوروبا الشرقية هي أن الولايات المتحدة قوة هائلة وملتزمة بأن تقف إلى جانب شركائها. والمشكلة بالنسبة لأوباما هي أن هذه الخطوات تجعله يبدو مثل رئيس «رد الفعل» الذي يستجيب للأزمات الدولية عند حدوثها، وفيما عدا ذلك يصب تركيزه على الجبهة الداخلية أساساً. وأوضحت «كونلي» أن تعزيز أنشطة الحلف الأطلسي رد فعل صادق تجاه مقامرة روسيا في أوكرانيا، ولكن ما ينتظر كثير من الناس حول العالم سماعه من أوباما ليس فقط «رد الفعل» ولكن رؤية مواقف الرئيس قوية في السياسات الخارجية والأمنية بشكل خاص. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©