الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سياسة «دوتيرتي».. وحقوق الإنسان

20 مايو 2016 22:24
في مايو 2015، كتب الفائز في الانتخابات الرئاسية الفلبينية الأخيرة رودريجو دوتيرتي في بيان: «إلى كل القلوب الدامية في منظمة هيومن رايتس ووتش التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً... هل تريدون تذوق العدل على طريقتي؟ تعالوا إلى مدينة دافاو في الفلبين وتعاطوا المخدرات في مدينتي وسأعدمكم علناً». ومدينة «دافاو» تقع في جنوب الفلبين، وقد ظل دويترتي يرأس بلديتها لنحو 30 عاماً. وهذا التهديد جاء رداً على انتقاد المنظمة لدعم دوتيرتي المفترض لعمليات القتل المستهدف كوسيلة للسيطرة على الجريمة. وحقق تقرير صادر عن المنظمة في حالات مئات الأشخاص من بينهم أطفال لم تتجاوز أعمارهم 14 عاماً قتلوا في «دافاو» ومدن أخرى في الفلبين. وعلى رغم عدم توافر أدلة دامغة على إصدار دوتيرتي أوامر القتل مباشرة، فقد وجدت المنظمة المعنية بحقوق الإنسان أدلة على أن بعض مسؤولي «دافاو سيتي» والشرطة متورطون مباشرة. ونعتقد أن رد دوتيرتي على المنظمة لم يكن زلة لسان عابرة، بل كان تجسيداً للعناصر الأساسية في خطابه السياسي الذي يجمع بين جماعات الجريمة وأنصار حقوق الإنسان العالمية باعتبارهم ثنائياً مسمماً يهدد المجتمع الفلبيني. وقد نقل دوتيرتي البالغ من العمر 71 عاماً هذه الرسالة في لغة متحدية وشديدة الحدة ودون ندم عليها على رغم قساوتها. وقد قال دوتيرتي عشية الانتخابات الرئاسية يوم التاسع من مايو الجاري التي حقق فيها فوزاً كبيراً: «انسوا قوانين حقوق الإنسان.. إذا وصلت إلى القصر الرئاسي.. سأفعل ما فعلته كرئيس للبلدية. أنتم يا تجار المخدرات المتبطّلون من الأفضل لكم الخروج لأنني سأقتلكم». وكانت الحملة الانتخابية الرئاسية الناجحة لدوتيرتي ضد أربعة مرشحين آخرين قامت على تبني مواقف سياسية متحدية ونتهمها نحن بأنها غير قانونية. وقد استطاع إقناع أكثرية الناخبين الفلبينيين بأنه «سيحل مشكلات المخدرات والجريمة والفساد في فترة ما بين ثلاثة إلى ستة أشهر» مهما استلزم الأمر. ومن أجل كتابة تقريرها، أجرت المنظمة مقابلات مع أشخاص ممن يوصفون بـ«فرق الموت» ومع أقارب وأصدقاء بعض أفراد هذه الفرق، وأيضاً مع صحفيين ونشطاء في المجتمع، ومسؤولين من الحكومة. وثارت شكوك حول تواطؤ محتمل لبعض مسؤولي الحكومة مع «فرق الموت»! ولم يبذل دوتيرتي الكثير من الجهد لينأى بنفسه عن مزاعم عدم الشدة في مواجهة «فرق الموت»! ففي مايو عام 2015 ربما اعترف ضمناً بتواطئه المحتمل. وأعلن: «هل أنا كتيبة الموت؟ هذا صحيح!». ثم تراجع عن اعترافه بعد ذلك بأيام. وعلى مدار العقود القليلة الماضية، أدلى دوتيرتي بعدد من التصريحات التي حاول فيها تبرير قتل المشتبه في أنهم مجرمون. وبين عامي 2001 و2002 أعلن دوتيرتي أسماء «المجرمين» في التلفزيون والراديو المحليين. وبعض هؤلاء كانوا ضمن ضحايا «فرق الموت». وفي كلمة أمام الصحفيين في فبراير عام 2009، صرح دوتيرتي قائلاً: «ما أريده هو بث الخوف.. فإذا كنت تقوم بنشاط غير قانوني في مدينتي، وإذا كنت مجرماً أو جزءاً من عصابة تستأسد على الناس الأبرياء في المدينة، وما دمت أنا رئيس البلدية، فإنك هدف مشروع للاغتيال»! وقد وسع هذه الاستراتيجية في حملته الرئاسية! وعسى هذا الوعد يكون مجرد رطانة انتخابية. والانتصار الانتخابي الذي حققه دوتيرتي يلزمه بعد توليه المنصب في يونيو المقبل بتوسع عمليات حماية حقوق الإنسان الواردة في الدستور لكل أفراد الشعب الفلبيني. والجمع بين الافتقار إلى الإرادة السياسية لإجراء تحقيقات مع قوات الأمن وعرض انتهاكاتها أمام القضاء وبين نظام قضائي جنائي يتهم بالفساد ومسيس وإرث من «سياسة المحسوبية» أضر بحقوق كثير من الفلبينيين. وهذه المشكلات تقع على عاتق إدارة دوتيرتي معالجتها عند توليه السلطة. * نائب مدير قسم آسيا من منظمة «هيومن رايتس ووتش» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©