الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المرأة بصفتها غواية وفتنة

المرأة بصفتها غواية وفتنة
14 ابريل 2010 19:57
“انطلاقاً من الاعتقادات التي ترى في المرأة أحد جنود الشيطان أو هي شيطان الإنس اعتبر الجسد الأنثوي فتنة تحل معه اللعنة أينما حل ويستهدف طهارة الإنسان/ الرجل ونزاهته واستقامته. جسد يثير الرغبة وإثارته تؤدي غالباً إلى توريط الرجل في خطايا لم يكن ليرتكبها فينظر إليه كضحية لسلاح شيطاني هو جسد المرأة. الجسد/ الفتنة”. تكاد الفقرة السابقة أن تلخص في كل عباراتها ومفرداتها الإشكالية التي شغلت عمل الباحثة التونسية صوفية السحيري بن حتيرة في كتابها “الجسد والمجتمع: دراسة أنتروبولوجية لبعض الاعتقادات والتصورات حول الجسد”. في الكتاب، الصادر عن دار الانتشار العربي في بيروت ودار محمد علي في تونس، تتجلى، حسب قول مقدمة الكتاب منيرة شابوطو الرمادي، الأهمية “التي يحظى بها الجسد الأنثوي في الثقافة الإسلامية. فالجسد الذي شغل الناس وبهرهم أكثر من غيره هو دون شك الجسد النسائي، وما حرص الفقهاء هنا وهناك على مجابهته بقانون إلا دليل على أهمية الرهان”. تنطلق الباحثة من اعتبار أن “الجسد نظام من العلامات الدالة والمنتجة للمعاني، واعتبار حركاته إنتاجاً ثقافياً إنما تخضع لطبيعة الحضارة ونظام الثقافة”. وبما أن الجسد الأنثوي هو حدود البحث فإن الباحثة تتقصى المعتقدات الأولى للمرأة الغواية والفتنة وصولاً إلى المرأة العار والشرف والعيب والعورة. ومن خلال تجليات الثقافة الجمعية تُحاصر حركات الجسد في حيز ثقافي وسلوكي واجتماعي تحدده تعاليم دينية ذات مرجعية متحولة قد تصل إلى شكل من الخرافة وضرب من الوهم؛ حتى أن موت المرأة/ جسدها بقي من المكرمات التي تناسلت من العصور القديمة، وما زالت راسخة حتى الآن “فالجسد في الفقهيات مدعو إلى أن ينضبط وفق معايير تدمجه في الجماعة وتسمو به إلى الإيمان والطهارة، ولذلك وجب ترويضه وكبته بواسطة أنظمة طقوسية: طقوس المنع وطقوس التقنين وطقوس السيطرة، السيطرة على تعبيرات الجسد: سعي متواصل لمغادرة الجسد، مصدر أخطائنا ومزالقنا الأخلاقية”. في كتابها هذا تنجز صوفية بن حتيرة عملاّ لافتاً من خلال تتبعها لتاريخية الجسد الأنثوي في المجتمعات الإسلامية، لكل ما يتعلّق به من عذابات معاشة: الخوف، الألم، الحصار، الخديعة، المرض والموت؛ ولكل ما يزين مبتغاه وفتنته في المراوغة: الحيلة، الملابس، العطر، الكحول الحناء، والوشم. وترصد ما يحاك حوله من أسلاك شابكتها الثقافة التي نظرت إليه كخطر فأنتجت تعاليم ضبطه ومنعه وإقصائه، على الرغم أن ذلك بدا مستحيلاَ مع ما تنتجه المرأة من مراوغة وحيلة تؤكد فيهما قدرتها على الحياة. كتاب مهم في سعة بحثه وجهده المرجعي وجرأته في تلمس عذابات الجسد المكبوتة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©