الجيش يهدد بقمع أي ظهور مسلح اعتباراً من اليوم

تجددت الاشتباكات بين أنصار الأكثرية والمعارضة في طرابلس شمال لبنان، في حين عاش جبل لبنان يوما من الهدوء الحذر والصدمة بعد المواجهات العنيفة التي شهدها وسط توجيه الوسيط الدرزي المعارض طلال أرسلان ما يشبه إنذارا إلى زعيم ''الحزب التقدمي الاشتراكي'' النائب وليد جنبلاط للالتزام بالتفويض الذي منحه اليه وتسليم جميع مراكزه وأسلحته الثقيلة في جميع المناطق الى الجيش خلال ساعات و''إلا انهار كل شيء''· وأشار مصدر أمني إلى ارتفاع حصيلة أعمال العنف منذ اندلاعها الاربعاء الماضي الى 61 قتيلا ونحو مئتي جريح· في وقت أعلنت قيادة الجيش اللبناني أنها ستمنع أي ظهور مسلح بالقوة ابتداء من صباح اليوم بعد ان عززت انتشارها في جميع مناطق التوتر خاصة في بيروت والجبل، وأضافت في بيان ''انها ستعمل اعتبارا من السادسة صباحا 13 مايو على التأكد من استتباب الأمن وفرض النظام ومنع أي ظهور مسلح أو نشاط أمني من قبل أي من الأفرقاء ولذا ستعمد الوحدات إلى ضبط المخالفات على أنواعها فردية كانت أو جماعية بالوسائل المعتمدة ووفقا للأصول القانونية حتى ولو أدى ذلك الى استعمال القوة''· داعية الجميع للتعاون انسجاما مع دور المؤسسة العسكرية الضامن لأمن الجميع· وتراوحت اشتباكات الشمال بين كر وفر في منطقتي باب التبانة ومنطقة القبة ذات الأغلبية السنية من جهة ومنطقة بعل محسن ذات الاغلبية العلوية من جهة ثانية حيث تراجع الجيش الى مواقع خلفية ثم عاد وانتشر في المنطقة الفاصلة بين المتخاصمين· وأشارت مصادر أمنية الى مقتل شخص وإصابة أربعة آخرين بجروح· وساد الهدوء الحذر المناطق الدرزية في جبل لبنان حيث انتشر الجيش في المناطق التي كانت شهدت اشتباكات دامية بين أنصار جنبلاط وقوات المعارضة بقيادة ''حزب الله'' والتي قالت مصادر أمنية انها أسفرت عن سقوط 36 قتيلا على الاقل بينهم 15 من ''حزب الله'' و12 من ''الحزب التقدمي'' اضافة الى 36 جريحا من الجانبين· وكانت شوارع جبل لبنان شهدت اشتباكات متقطعة حتى الفجر· وامتدت المعارك إلى جبال الشوف مسقط رأس جنبلاط حيث وقعت مواجهات بين مسلحي ''حزب الله'' وأنصار جنبلاط في مناطق جبل الباروك أسفرت عن إصابة سبعة أشخاص على الأقل بجروح· وهدد أرسلان الذي تم تسليمه ملف المفاوضات بين جنبلاط و''حزب الله'' بوقف المفاوضات في حال عدم تسليم أنصار جنبلاط الأسلحة المتوسطة والثقيلة التي بحوزتهم· في وقت أخلى الجيش مركز ''القوات اللبنانية'' في بلدة حمانا وأزال الصور الحزبية بسبب الاشتباه بإيواء بعض العناصر من أنصار جنبلاط· ودعا أرسلان جنبلاط الى تسليم أسلحة حزبه المتوسطة والثقيلة في الجبل الى الجيش اللبناني على الفور لتفادي عودة الاشتباكات· وقال في مؤتمر صحافي ''يجب ان تسلم جميع المراكز العسكرية ومستودعات السلاح الثقيل والمتوسط التابعة للحزب الاشتراكي الى الجيش اليوم قبل الغد لنزع اي فتيل تفجيري وأصر على بدء التنفيذ الفوري لتسليم السلاح الثقيل والمتوسط لنزع أي فتيل في الجبل''· وقال ارسلان ان التفويض الذي حصل عليه من جنبلاط تضمن وقف إطلاق النار ونشر الجيش وتسلم السلاح وقد نفذ البندان الأولان في حين ان البند الثالث لم ينفذ بعد· واعتبر ان سلاح أنصار جنبلاط يشكل مصدر أذى لـ''حزب الله'' عندما قال ''لن أتحول بأي لحظة لأكون حصان طروادة لإبقاء مصادر الأذى على أمن المقاومة في الجبل''· وأضاف ''أن المعارضة التزمت بما هو مطلوب منها واليوم هو يوم فاصل إما أن ينجح رهاننا وإلا فسينهار كل شي''· وبدا سكان المناطق الدرزية في حال من الصدمة والذهول غداة المعارك· وقالت ندى (49 عاما) التي لم تجد وسيلة تحميها من المعارك إلا بأن تختبئ طيلة أربع ساعات تحت درج المنزل ''نحن مخدرون من الخوف والتوتر الذي عشناه البارحة''· أما الموظف في الشويفات عبد الله الخشن فقال ''أعتقد أنهم ضلوا طريقهم إلى تل أبيب، ولكننا مع هذا نسامحهم''· وامتلأت طرقات الشويفات بسيارات متفحمة وزرع الكثير من أبنيتها بآثار الرصاص، في حين فتحت القذائف فجوات كبيرة في جدران أبنية أخرى· وفي بعض المنازل، تم تمزيق صور جنبلاط بضربات سكين· وقالت نيفين نعيم ''لم نعلم ماذا نفعل، ماذا كان بإمكاننا ان نفعل؟··هل ترين يهودا هنا؟ هل يحاول نصر الله تحرير مزارع شبعا انطلاقا من هنا؟''· وأضافت بينما تتفقد الأضرار في منزلها بعينين دامعتين ''كيف سنصدق مجددا ان سلاحهم سيحمينا؟'' وقال فراس (28 عاما) من سكان الشويفات ''لم يكن لدينا إلا سلاحنا الفردي في حين كان المهاجمون يمطروننا برصاص رشاشات ام 16 وبالصواريخ والقذائف··ماذا كان بإمكاننا ان نفعل بلا سلاح؟ ماذا كان بإمكاننا ان نفعل؟ حتى سلاحنا الفردي نفدت ذخيرته ولم تكن لدينا ذخيرة إضافية''· وقال علاء وهو من سكان بيصور ''هناك قول مأثور يقول اكذب، اكذب، لا بد وان يصدق الناس بعضا مما تقول''، وأضاف ''هل يصدقون فعلا اننا عملاء لاسرائيل، لقد وقفنا الى جانبهم عندما اعتدت اسرائيل عليهم هل نسوا؟''· ونفى مفوض الاعلام في ''الحزب التقدمي'' رامي الريس نفياً قاطعاً مغادرة جنبلاط لمنزله في منطقة كليمنصو في بيروت التي سادها هدوء مشوب بالحذر رغم أن المدارس وبعض المحال ظلت مغلقة وسط استمرار بعض الحواجز التي وضعها مقاتلو ''حزب الله''· لكن اللبنانيين العاديين بدوا غير واثقين من استمرار الهدوء، وقالت هدى وهي ربة منزل كانت تبتاع الطعام في بيروت ''نحن نعيش على أعصابنا ومن الواضح ان الوضع خطير جدا ويجب ان نكون حذرين··لا أحد يعرف كم ستطول''· ووقعت مواجهات بين المسلحين الموالين للحزب القومي السوري المعارض مع عناصر من تيار المستقبل في شارع الحمرا قبيل الفجر، وأصيب مصوران تابعان لقناة ''الجزيرة'' بجروح طفيفة خلال تغطية المواجهات هما أيمن خضر المولى وماهر عادل المر· في حين لا يزال مطار بيروت مقفلا، وكذلك المرفأ بسبب مواصلة المعارضة عصيانها المدني وقطع الطرقات الرئيسية· ونفت وزارة الأشغال فتح مطار القليعات، لافتة الى أن الوضع هناك ما زال على حاله وهو يخضع لقرار عسكري من قبل الجيش ولن يتم فتحه أمام الطيران المدني إلا في حال الضرورة القصوى· في وقت أعلنت وزارة الاقتصاد والتجارة ان كميات القمح المتوافرة لديها في مرفأ بيروت والكميات لدى المطاحن في كافة المناطق تكفي استهلاك البلاد من مادة الطحين المخصص لإنتاج الخبز نحو خمسة أو ستة أشهر· وفي البقاع، حصلت مواجهات بين أنصار تيار ''المستقبل'' وأنصار المعارضة في بلدة القبضة قرب راشيا، أسفرت عن سقوط سبعة جرحى قبل ان يتدخل الجيش ويسيطر على الموقف· في حين استمر قطع طريق نقطة المصنع الحدودية مع سوريا أمام حركة المرور·