السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شكراً لترامب على تفعيل «الخط الأحمر»

10 ابريل 2017 23:35
على «سامنثا باور» إرسال مذكرة شكر للرئيس دونالد ترامب. لقد اكتسبت «باور» سمعتها باعتبارها مؤلفة كتاب «مشكلة من الجحيم: أميركا وعصر الإبادة الجماعية». وهي تقول بشكل مقنع إن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية خاصة عن حماية الضحايا المحتملين للإبادة الجماعية. وقد أحب باراك أوباما ذلك الكتاب كثيراً، واتخذ مؤلفته معلمة له في السياسة الخارجية عندما كان لا يزال سيناتوراً. وعندما فاز بالرئاسة جلبها إلى البيت الأبيض وعينها في منصب سفيرته في الأمم المتحدة أثناء فترة رئاسته الثانية. وفي سخرية قاسية، قوبلت تحذيرات «باور» بالتجاهل من قبل تلميذها السابق عندما بادر ديكتاتور سوريا، بشار الأسد، بذبح مئات الآلاف من مواطنيه. ومع ذلك ظلت «باور» في عملها. وكانت تدلي بخطابات قوية. وفي الداخل كانت تضغط على الرئيس للقيام بشيء حيال عمليات القتل الجماعي. بيد أن أوباما رفض. ولم يقم بتفعيل «الخط الأحمر» الذي أعلن عنه في عام 2012، بشأن الأسلحة الكيماوية في سوريا. وفي يوم الخميس الماضي، كان ترامب هو من فعل ذلك. فقد أمر بإطلاق 59 صاروخاً من طراز «توماهوك» على قاعدة الشعيرات الجوية في سوريا، وهي القاعدة التي شن النظام منها هجوم غاز السارين المرعب في وقت سابق من ذلك الأسبوع. وبالفعل، بدأ مؤيدو ومعارضو التدخل في سوريا بسرد وجهات نظرهم، ولكن الأمر يستحق التوقف للحظة. فمن المهم أن ترامب غير وجهات نظره بشأن سوريا عقب هجوم الغاز. وتفيد التقارير الأولى بأن بعض الطائرات والممرات قد تم تدميرها بالفعل. ولكن بالنسبة للآن، فهذا العمل يبقى في الأساس عملاً رمزياً، فهو يبعث برسالة ولكنه لن يغير كثيراً في موازين القوى في ساحة المعركة. وفي تسعينيات القرن الماضي، كان هذا النوع من الإجراءات يعرف بـ«دبلوماسية صواريخ الكروز». فبعد أن ضرب تنظيم «القاعدة» سفارتين للولايات المتحدة في أفريقيا، أطلق كلينتون صواريخ باتجاه معسكرات التدريب في أفغانستان ومصنع للأدوية في السودان. كما أطلق صواريخ ضد صدام حسين بعد أن طرد مفتشي الأسلحة. وبحلول نهاية العقد، ولاسيما بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، أصبح هذا التكتيك رمزاً للتدابير التي تعد إلى حد ما غير فعالة. وبعد حكم أوباما الذي استمر ثماني سنوات، أصبحت «دبلوماسية صواريخ الكروز» تبدو أكثر قوة. ولم يهاجم أوباما نظام الأسد حتى مع الفظائع التي كان يرتكبها عاماً تلو الآخر. وهذا لا يعني طبعاً القول إن أوباما لم يتدخل في سوريا. فقد بدأ اعتباراً من بداية عام 2014 في شن ضربات جوية ضد أهداف تابعة لتنظيم «داعش». كما أرسل أيضاً قوات العمليات الخاصة للمساعدة على تدريب المقاتلين المحليين، وقام كذلك بتسليح الميليشيات الكردية إلى حد كبير للقتال ضد «الجهاديين». إن أوباما ليس هو المسؤول في المقام الأول عن الناس الذين قتلهم وشردهم الأسد ومن يساعدونه كروسيا وإيران. ولكن فشله في تنفيذ تحذيره بشأن الأسلحة الكيماوية أضعف النظام الدولي. وهناك معايير مثل الحظر على استخدام الأسلحة الكيماوية ليست ذاتية النفاذ. إنها تتطلب قوة عظمى مثل أميركا لردع الديكتاتوريين الآخرين عن القيام بأي انتهاكات في المستقبل. وعندما تتخلى الولايات المتحدة عن مسؤوليتها فيما يتعلق بتفعيل الخط الأحمر بشأن الأسلحة الكيماوية، فهي تترك المجال لتفشي التجاوزات الخطيرة في جميع أنحاء العالم. ولذا، فليس من المستغرب أن تصرفات الصين في بحر الصين الجنوبي، وغزو روسيا لأوكرانيا وتدخل إيران في اليمن، قد حدث كله بعد أن قامر أوباما بشأن الخط الأحمر في سوريا. والحقيقة هي أن استجابة ترامب السريعة لأحدث فظائع نظام الأسد تعتبر خطوة أولى جيدة لاستعادة الردع. بيد أن الأمر سيحتاج لما هو أكثر من «دبلوماسية صواريخ الكروز» لاستعادة النظام الدولي الذي كان ينهار في سنوات أوباما. يجب أن يخطط ترامب لما هو أكبر من ذلك بكثير. عند هذه النقطة، سيكون من الجيد لترامب أن يضغط على فريق الأمن القومي لديه لوضع خطة لتدمير القوات الجوية الخاصة بنظام الأسد بالكامل. إنه يستخدم طائراته لإسقاط قنابل الكلور والسارين، مثلما فعل الأسبوع الماضي، كما أنه سبق أن أسقط أيضاً البراميل المتفجرة التي دمرت مناطق كثيرة من بلاده منذ عام 2011. وسيكون العالم مكاناً أفضل مع تدمير هذه الأسلحة. والحجة غير المقنعة التي تساق ضد مثل هذا التصعيد هي أنه ربما يفيد تنظيمي «داعش» و«القاعدة». وكانت هذه هي الحجة التي قدمها قادة الجيش الأميركي لأوباما في عام 2013 عندما قامر بشأن الخط الأحمر في الكونجرس. * محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©