الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«ماي».. ورمزية عدم ارتداء الحجاب!

10 ابريل 2017 23:39
عندما وصلت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إلى الرياض يوم الثلاثاء الماضي، ربما خُيّل إليها أن شعرها المكشوف سيُلهب مشاعر النساء السعوديات. وربما تكون قد نسيت، أو تناست عن عمد، أن العرف السائد هناك فيما يتعلق بلباس النساء، يقتضي منهن جميعاً تغطية شعورهنّ في الأماكن العامة، ولكنها حضرت الاجتماعات وهي سافرة. ورأت الصحافة الغربية في ذلك «بادرة ثورية من ماي»، تماماً مثلما حدث عندما تناولت الصحف أخبار الزيارة التي أدتها ميشيل أوباما إلى المملكة العربية السعودية في عام 2015 وهي سافرة. وقد وصفت بعض الصحف، التي تحدثت عن الموضوع آنذاك، سلوكها هذا بأنه «موقف سياسي جريء»! على أن اختيار «ماي» للباسها الذي ظهرت به في الرياض، لا يمكن اعتباره ضرباً من الشجاعة، ولا سعياً للتفرّد. ومن المؤكد أيضاً أنها لم تكن بصدد تعمّد خرق الأعراف والقوانين النافذة في المملكة. وأما الشيء الذي خلق المشكلة، فيتعلق بأن هذا المظهر تزامن مع إطلاق «ماي» لتصريحاتها الجريئة حول «التحرر الهندامي» odeling liberation للنساء. وقبل أن تبدأ زيارتها إلى الرياض بوقت قصير، قالت إنها ستلعب دور «عارضة الأزياء» للنسوة على أمل أن تتمكن من دفعهن للاهتمام بكل ما يمكن لهن فعله، وتذكيرهن بقدرتهن على تقلّد «المناصب المهمة». وفيما استنكر بعض المعلقين اللباس الذي ظهرت به «ماي»، إلا أن قرارها المتعلق بالتغافل عن ارتداء حجاب الرأس لا يمكن أن يرقى إلى مستوى تحدي الحساسيات الدينية أو الثقافية. ثم إن زيارة «ماي» لم تكن زيارة وفد من المرجعيات الدينية، وإنما هي زيارة سياسية. وفي الوقت الذي تحرص فيه النسوة السعوديات على تغطية رؤوسهن في الأماكن العامة، فإن الكثير من النساء المسلمات حول العالم لا يتقيدن بهذا السلوك وللدرجة التي يبدو معها هذا التقليد ثقافي الطابع بأكثر مما هو ديني. وللحجاب في التقاليد الإسلامية دوره المهم في الحياة المعيشة كرمز للشرف والاحتشام. فهو تعبير عن الحياء والعِفّة، وهو الذي وصفه أحد العلماء البارزين بأنه: «تعبير عن القيَم السيكولوجية الأساسية للإسلام». وفي الوقت الراهن، أصبح النظر إلى ارتداء الحجاب باعتباره شرطاً ضرورياً لتغطية شعر المرأة، يختلف من ثقافة إلى أخرى. ومع انتشار الإسلام، تبنت الحجاب الكثير من الثقافات وفقاً لمفاهيم وأطر مختلفة. وينظر مسلمو جنوب آسيا مثلاً، إلى الحجاب باعتباره نموذجاً شائعاً للتعبير عن العفّة والحشمة بدلاً من كونه انصياعاً للتعاليم التي تفرض ارتداءه، والتي تبيّن من هو الشخص الذي يحقّ له رؤية شعر المرأة. وفي كل الثقافات العالمية التي تدين بالإسلام، ساهم الحجاب في صيانة الأسس الأخلاقية للطريقة التي تظهر بها المرأة على عامة الناس. وحتى في تلك الثقافات التي لا تلتزم فيها النساء بتغطية شعورهن بشكل دائم، فإنهن يحرصن على ارتداء الملابس التي تغطي أجسادهن كلها. وبعد أحداث 11 سبتمبر الإرهابية، أصبح الحجاب أكثر إثارة للشبهات في الغرب! وعندما عمد بعض المتطرفين إلى تسييس صورة الإسلام والمسلمين، وارتفعت أصوات المعادين للشعائر الإسلامية، تعرضت العديد من المسلمات لخطر الاعتداء عليهن لمجرد ظهورهن وهنّ يرتدين الحجاب في الأماكن العامة. وهذا ما دفع بعض علماء الدين للإفتاء بجواز عدم ارتدائه عندما يكون سبباً في تعريضهن للخطر. وفيما يتعلق بالمحظورات الأخرى التي قد تتعرض لها النساء المسلمات، فلا زالت لهن نشاطاتهن لتصحيح الأوضاع. ويتضح من كل ذلك أن النسوة السعوديات ما كنّ ينتظرن من تيريزا ماي أن تقدم لهن المثل الذي يفضلن الاقتداء به. * مديرة قسم الدراسات الاستراتيجية في «مركز الإسلام والحريات الدينية» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©