الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ذكرى دخول أميركا الحرب العالمية الأولى

10 ابريل 2017 23:40
دخلت الولايات المتحدة الحرب العالمية الأولى قبل 100 عام، وحدثت تغيرات كثيرة بسبب هذه المشاركة الأميركية في الحرب. دعونا هنا نسرد سبعة أوجه لتغير العالم بسبب دخول أميركا الحرب. أولاً: ظهور ليبرالية وعالمية أميركا. وبعد فوزه بفترة ولاية ثانية استناداً على وعد بالابتعاد عن الحرب، دخل الرئيس وودرو ويلسون هذه الحرب ليدشن فعلياً فصلًا جديداً في السياسة الخارجية الأميركية استمر، على رغم ما مر بها من تغيرات، حتى الآن. صحيح أن عصبة الأمم رفضها مجلس الشيوخ الأميركي، وانتهى بها الحال لأن تفشل في منع الحرب العالمية الثانية، ولكن فكرة أن الشؤون الأوروبية تمكن أن تهدد الولايات المتحدة ترسخت، وترسخت معها أيضاً فكرة الأمن الجماعي، مما أدى مباشرة إلى إنشاء منظمة الأمم المتحدة في نهاية الحرب العالمية الثانية. ثانياً: ألمانيا في ثلاثينيات القرن الماضي. إصرار ويلسون على القضاء على النزعة العسكرية البروسية كان يعني ارتباط حكومة ألمانيا الاشتراكية وليس الديكتاتورية العسكرية بالهدنة، وهو ما لم يدعم تماماً سمعة اعتدال حكومة فايمار وأذكى فكرة «طعنة الخيانة» التي ازدهرت لسنوات في ألمانيا. وهذا صاحبه إصرار فرنسا وبريطانيا على أن تدفع ألمانيا ثمناً غالياً للحرب مما حتّم ألا تكون الحرب العظمى الأولى هي نهاية كل الحروب. ثالثاً: ظهور كل هذه «الدول الصغيرة». كان ويلسون يدعم حق تقرير المصير الوطني لكل الشعوب. وقد أحب هذه الفكرة إلى درجة أنه جعلها أحد البنود الأربعة عشر في إعلانه الشهير. ولذا يعتبر الدخول الأميركي إلى الحرب العالمية الأولى هو المسمار الأخير في نعش الامبراطوريات الأوروبية البرية مثل إمبراطورية النمسا والمجر. وهذا غيّر خريطة أوروبا، وسمح بظهور دول أصغر على أساس قومي عرقي على أنقاض إمبراطورية آل هابسبورج مثل النمسا والمجر وتشيكوسلوفاكيا. وهيأ مبدأ تقرير المصير أيضاً المسرح لعداء بين الولايات المتحدة والإمبراطوريات الاستعمارية الأوروبية، وهو ما تجلى بعد ذلك بعقود في أزمة قناة السويس. رابعاً: ظهور أهمية النفط. بعد أيام من إعلان الهدنة أشار وزير الخارجية البريطاني جورج كيرزون إلى أن «الحلفاء حققوا النصر بسبب تدفق النفط». وهذا النفط كان في معظمه أميركياً. فقد سمحت الشاحنات بتفوق جيش الحلفاء على منافسيهم من قوات المحور التي اعتمدت على السكك الحديدية والسير على الأقدام. وهذا التفوق في الشاحنات نفسه هو ما آتى ثماره في الحرب العالمية الثانية أيضاً، وساعد الجيش السوفييتي الأحمر على التقدم. واهتمام الولايات المتحدة بتوفير إمدادات كبيرة من النفط لنفسها ولأصدقائها مثل فكرة محورية بعد الحرب، وما زال قائماً حتى اليوم. خامساً: بداية مطاردة أميركا للجواسيس. بعد شهرين من دخول الولايات المتحدة الحرب، أقر الكونجرس قانون التجسس مما جرم رسمياً التجسس ونقل معلومات الأمن القومي أو عرقلة جهود الحرب الأميركية لصالح قوة أجنبية. وفي العام التالي دشن الكونجرس حملة أشد على التجسس بسنه قانون «التحريض» الذي وضع عقوبات شديدة على حزمة واسعة من الأعمال التخريبية من التجسس إلى التدخل في مسار جهود الحرب إلى مجرد إهانة الحكومة الأميركية والجيش. سادساً: إلقاء بذور الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي. فبينما كانت الحرب العالمية الأولى تضع أوزارها، قرر ويلسون أن القوات الأميركية يتعين عليها التدخل في مناطق أخرى مثل روسيا. وبينما كانت الحرب محتدمة في الجبهة الغربية، أرسل ويلسون قوتين قوامهما معاً 13 ألف جندي إلى شمال روسيا لدعم القوات «الروسية البيضاء» المؤيدة لقيصر روسيا التي تقاتل الثوريين السوفييت. وكانت تلك هي المرة الأولى والوحيدة التي نشرت فيها الولايات المتحدة قوات على الأراضي الروسية. وأثناء مهمة استمرت 19 شهراً، في المناخ القاسي للشمال الروسي، لقي نحو 420 جندياً أميركياً حتفهم. وهذا فصل منسي عادة من التاريخ الأميركي، ولكن القوات الشيوعية المنتصرة لم تنسه. ولم يكن هذا الفصل بداية جيدة للعلاقات السوفييتية والأميركية مما أنذر باستقطاب أميركي سوفييتي لاحق حدد معالم ما بعد الحرب العالمية الثانية. سابعاً: بداية التفوق البحري الأميركي العالمي. كانت الولايات المتحدة ما تزال تقف في وضع المتفرج بينما كانت «قلاع الصلب» الخاصة ببريطانيا وألمانيا تتصارعان في معارك بحرية كبيرة. ولكن ويلسون كان يعلم أن القوة البحرية محورية للأمن الأميركي. ومهد مشروع قانون القوات البحرية لعام 1916، ودخول الولايات المتحدة إلى الحرب ضد الغواصات الألمانية، الطريق لوضع الأساس لتفوق بحري أميركي بلا منازع مازال قائماً حتى اليوم. وحين تم تحذير ويلسون في عام 1916 من أن بناء قوة بحرية كبيرة قد يثير غضب بريطانيا ملكة البحار في ذلك الوقت، رد الرئيس الأميركي «دعونا نبني أسطولاً بحرياً أكبر منها ونفعل ما يروقنا!» وهذا ما فعله الأميركيون في النهاية. * محللان سياسيان أميركيان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©