الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

متحف قصر البديع شاهد على تاريخ الممالك في المغرب

متحف قصر البديع شاهد على تاريخ الممالك في المغرب
1 مارس 2013 20:59
افتتح متحف قصر البديع لزوار المدينة في هذا القصر التاريخي، الذي يعد متحفا معماريا وفنيا ناهيك عن بعض المقتنيات التاريخية التي وضعت في عدد من قاعاته الفسيحة. وتعود قصة هذا القصر الذي ربما عرف بذلك الاسم تيمنا بقصر أندلسي قديم أو حسب بعض المؤرخين باسم زوجة مشيده إلى عهد السلطان أحمد المنصور الذهبي، الذي تولى حكم دولة السعديين بالمغرب من عام 1578م إلى عام 1603م. وهو بفن عمارته وما يضمه من مقتنيات تاريخية يعد شاهدا على تاريخ الممالك في المغرب. أحمد الصاوي (القاهرة) - استمر العمل في بناء قصر البديع الذي خصص لإقامة الحفلات وتنظيم الاستقبالات الرسمية ستة عشر عاما كاملة بلا انقطاع بدءا من عام 1578 م، واستدعي للعمل في تصميمه وتشييده وزخرفته وتنسيق حدائقه أفضل الفنيين المهرة بالإضافة لمعماريين أجانب أيضا حتى عد القصر بعد تمامه من روائع الهندسة ببلاد المغرب، وأحد أجمل القصور في العالم. أذى ودمار يمكن لزوار القصر أن يلاحظوا رغم ما لحق به من أذى ودمار جزئي بقايا هذا المجد التليد للقصر الذي استحق تسميته البديع ومما يؤسف له أن المولى إسماعيل الذي تولى الحكم بين عامي 1645 و 1727 م انتزع في عام 1696 م بعض زخارفه من البلاطات الخزفية والأخشاب والجص لإعادة استخدامها في تزيين عمائره التي شيدها في عاصمته الجديدة مكناس. والمؤكد أن مهندسا برتغاليا هو الذي وضع تصميم هذا القصر مستوحيا فيه تصاميم قصور الحمراء بغرناطة حيث جعل بوسط أجنحته ساحة مركزية مكشوفة بوسطها بركة ماء كبيرة بها فوارة، وعلى جانبيها روضتان مغروستان بالأشجار والزهور، مع توفير صهاريج مائية أصغر لري الحديقة الغناء. وفي الضلعين الأقصر من الفناء كان يوجد جناحان متشابهان لم يتبق منهما سوى واحد فقط وكان مغطى بقبة ضخمة محمولة على 12 عامودا تشبه قبة القاعة الكبرى لقبور السعديين بمراكش. وأرضية القاعة المربعة كانت من البلاطات الخزفية المعروفة ببلاد المغرب باسم الزليج وتتخللها برك ماء صغيرة تزود بالمياه بواسطة قواديس من أجل تلطيف أجواء القاعة. أما على الضلعين الآخرين وهما الأطول فتوجد عدة أجنحة مستطيلة تفتح ببوائك على الفناء، وقد تعرضت قاعاتها لدمار جزئي ومنها قاعات الذهب والبللور والخيزران، فيما نجت القاعة الخمسينية التي كانت قاعة الاستقبالات الرئيسة في القصر من مصير سابقاتها، وهي قائمة بالقرب من المدخل الرئيسي للقصر وفيها تعرض بعض التحف الأثرية. وكان قصر البديع محاطا بسور ضخم في أركانه الأربعة أبراج دفاعية بينما تقع بوابته الرئيسة بالضلع الجنوبي الغربي. قاعة الاستقبال تشهد قاعة الاستقبال بما كان عليه القصر من رونق فني وخاصة في زخارف وألوان الزليج التي تغشي الأرضية وتغطي الأعمدة أيضا فضلا عن النافورات المرمرية والثرية النحاسية الهائلة بسقف تلك القاعة. وتمتزج في واجهات العقود بالقاعة كافة الفنون، التي اشتهرت بها بلاد المغرب والأندلس، وبهاء أعمال الزخرفة فيها من كتابات نسخية وعناصر نباتية وهندسية يقطع بصدق أقوال المؤرخين، الذين أشاروا إلى أن السلطان أحمد المنصور الذهبي استعان في تنفيذها بأفضل الصناع في بلاده. فبواجهة البوائك أطر من زخارف الجص التي نقشت بها كتابات بخط النسخ المغربي على مهاد من الزخارف النباتية نلمح فيها بشكل متكرر عبارة «العافية الباقية»، ويلي المقرنصات المنفذة بالجص في الأركان أسقف خشبية تمتد لتشمل واجهات العقود، وهي جميعا مليئة بزخرفة كثيفة تمتزج فيها الرسوم الهندسية بالألوان والأصباغ، التي نفذت بها وهي تجمع بشكل خاص بين اللونين الأحمر والأخضر في تكوينات زخرفيه بديعة تأخذ بألباب زوار مراكش. والروح الزخرفية التي تغمر الأرضيات والجدران والأسقف تبث شعورا طاغيا بالانعزال عن ضوضاء المدينة والاندماج بالمقابل في عالم الأساطير الشرقية بما يتضمنه من ترف وغنى وحس جمالي مرهف. قطع فنية من القطع الفنية النادرة التي يستطيع قصاد متحف قصر البديع مشاهدتها المنبر الخشبي الذي كان في جامع الكتبية بمراكش، وحمل إلى القصر حماية له من الحركة الكثيفة التي تعم الجامع ليومنا هذا. وهذا المنبر، الذي يبلغ ارتفاعه 3,86م ويصل طوله إلى 3,46م، مزود بنظام آلي للحركة يمكن الفراشين من تحريكه من مكان إلى آخر، وقد صنع في مدينة قرطبة الأندلسية في بداية القرن السادس الهجري «12م» بأمر من الأمير المرابطي علي بن يوسف بن تاشفين ليوضع في جامعه المشيد في مراكش، وقد نقل إلى جامع الكتبية في عام 1150م. والمنبر، الذي يعد من روائع فن النجارة الإسلامية يتميز بريشتين مدرجتين بحسب درجات المرقى فيه، وقد ازدانت الحشوات بأشكال نجمية متداخلة وفق تصميم هندسي شديد التعقيد، واستخدمت الأخشاب الجيدة في عملها مع تطعيم بالعاج وبخشب الأبنوس الأسود يغمر الأطر العريضة، التي تحكم وضع تلك الحشوات، وتحدد في ذات الوقت أشكالها النجمية الثمانية الأضلاع. وتمتلئ الأشكال النجمية بزخارف محفورة ببراعة في الخشب قوامها زخارف من أوراق نباتية من المراوح النخيلية وأنصافها التي تمتزج بأفرع نباتية حلزونية. وللمنبر جانبان يتقدمان المرقى وهما على هيئة عقود تنتهي بأشكال قباب بصلية صغيرة، بينما يزدان الدرج بزخارف على هيئة بوائك لها عقود دقيقة على هيئة حذوة الفرس الشائعة في عمارة مسجد قرطبة الجامع، وهي منفذة بأسلوب التطعيم، واستخدم النجار فيها عدة أنواع من الأخشاب المختلفة الألوان منها خشب الجوز والأرو والأبنوس الأسود، فضلا عن العاج وتجمع الزخرفة الدقيقة ببراعة بين زخارف التوريق العربية «الأرابيسك» والزخارف الهندسية التي لا تكاد ترى بالعين المجردة لشدة دقة أحجامها. وما يستحق الإعجاب في صناعة هذا المنبر أن النجار لم يغفل زخرفة الجانب الخلفي غير الظاهر للعيان من جلسة الخطيب بل منحه لمسة فنية رائعة تمثلت في صف من أشكال الشرافات المسننة، التي كانت تتوج هامات الجدران الخارجية للمساجد مع مناطق من الزخارف النباتية الدقيقة، وكلها نفذت بأسلوبي الحفر والتطعيم. نشوة الانتصار نشوة انتصار السلطان في موقعة وادي المخازن الشهيرة كانت وراء قراره بإنشاء القصر ذلك أن السلطان السعدي المتوكل السابق عليه مباشرة كان قد افتتح حكمه بقتل اثنين من إخوته، ونفي الثالث فلما عاداه أمراء الدولة سعى لقتل عميه عبد المالك وأحمد ما اضطر الأخيرين للاستعانة بالأتراك العثمانيين في الجزائر لعزل المتوكل فما كان من السلطان الدموي إلا أن استعان بملك البرتغال سابستيان وقواته لدحر عبد المالك وأحمد، ودارت بين تلك الأطراف معركة وادي المخازن بهزيمة نكراء لتحالف قوات المتوكل وسابستيان في عام 1578 م، بعد أن قتل في المعركة عبد المالك والمتوكل وسابستيان ولذا عرفت الموقعة في المصادر المغربية باسم معركة الملوك الثلاثة. وتعد مراكش، التي تحتضن القصر، ثالث أكبر مدن المملكة المغربية وتقع جنوب وسط البلاد، وعرفت المدينة التي شيدها المرابطون في عام 1062م بهذا الاسم اشتقاقا من كلمتين هما أمور وأكوش وتعنيان بلغة البربر الأمازيغ بلاد الله.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©