الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

هل يمكن لعمل فني أن يغيّر إرهابياً؟

هل يمكن لعمل فني أن يغيّر إرهابياً؟
11 ابريل 2017 16:36
نوف الموسى (أبوظبي) شهدت القمة الثقافية في العاصمة أبوظبي صباح أمس، اجتماعاً استثنائياً ونوعياً، أكد فيه المشاركون أن الثقافة والفنون هما القوة الأهم في العالم، لإرساء قواعد التجربة الإنسانية نحو التنامي الأفضل، بعد الفشل الذريع الذي تسببت به السياسات غير الواعية في عدة دول حول العالم، وأُنتجت على أثرها أزمة هوية وتطرف فكري، يكاد يؤزم مشروع الفرد، باعتباره مُنتجاً للحياة. لذلك فإن جلسة «العالمية: ماذا تخبرنا الفنون عن كيفية اتحادنا سوياً»، طرحت المحور العالمي وهو القدرة على سرد القصص، والنفاذ إلى أنفسنا عبر الفنون، وتحديداً تجربة إشراك اللاجئين، في الفضاءات الفنية، كونهم لا يشكلون عبئاً، بل مساحة من التنوع الإبداعي. تحدث في الجلسة كل من: سابين شقير المدير الفني في «كلاون مي إن»، والسفيرة الأميركية السابقة د. سينثيا شنايدر أستاذ الممارسات الدبلوماسية في جامعة جورج تاون للخدمة العامة، وداستن يلين مؤسس بايونير ووركس، وريتشارد أرمسترونغ، مدير متحف مؤسسة سولومون آر. جوجنهايم، الذين ألهموا الحضور أثناء حديثهم عن القدرة الخلاقة للعرض الفني، أن يضع كل فرد نفسه أمام تساؤلات ضخمة، مثل: هل يستطيع المهرج وهو يقدم عرضاً ترفيهياً وفنياً ومعرفياً، أن يُلهي المتطرفين أو الإرهابين، تجاه ما يودون إقحام أنفسهم فيه، ومن وجهة نظر أخرى، هل يمكنه أن يُلهمهم، لاكتشاف أنفسهم من جديد، بمجرد أن يحضروا عرضاً عابراً، ويمارسوا الضحك، لمجرد الضحك؟! لم يتوقف موضوع المتطرفين عند حيز دراسة مدى استجابتهم الفعلية للفنون، ولكن ما نتج عن الحروب، من ما يسمى بـ «اللاجئين»، حيث رفض المشاركون في جلسة: «العولمة والآخر.. الدروس المستفادة من اللاجئين والنازحين»، هذه التسمية، حيث وُصفت بأنها تبث طاقة سلبية، لمفهوم خاطئ، تناقش حولها كل من: فرياد رواندزي وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقي، وشيري ويستن نائب الرئيس التنفيذي والتأثير العالمي والعمل الخيري في ورشة سمسم، وأوكتوبيتز المؤسس والمدير التنفيذي في مؤسسة أوكتوبيتز، منوهين إلى أن فكرة «اللجوء» تحتاج إلى عملية تغير عبر تفعيل دور اللاجئ الفردي، وقدراته الإبداعية والمعرفية. متفقين في جوانب عدة مع المشاركين في جلسة «العالمية: ماذا تخبرنا الفنون عن كيفية اتحادنا سوياً» أن مسألة الثقافة والفنون تحتم علينا جميعاً مسؤولية تبادلية في خلق بانوراما من الكيانات المشتركة، الهادفة إلى خلق مسارات من التواصل الحضاري، وإشراك الأفراد في مسيرة إدراكهم لبوصلتهم الداخلية وإبداعهم المتفرد الذي يؤسس لنقلة وتحول في البشرية ككل. وعرضت سابين شقير لمسيرتها الفنية بين مخيمات اللاجئين، موضحة أنها تذهب لتلك المجتمعات المهمشة، وتعرض فقرات ترفيهية مضحكة عبر شخصية المهرج، محاولةً إحداث بيئة من التواصل والاتصال، ليستعيد الفرد الإنساني جمالية علاقته بالحياة، معتبرة أن لدى كل منا قصصه، ومع الوقت أيضاً، نكتشف أكثر كم أن قصصنا تتشابه. أما ريتشارد أرمسترونغ، فيعتقد أن الثقافة والفنون فرصة جبارة، تتيح لنا عدم التعصب لفكر معين، وتكشف لنا ذواتنا وطبيعة علاقتنا مع الآخرين، حيث تسمح لنا أن نقدم أنفسنا بشكل مختلف، وبالنسبة للمتاحف فإن دورها يقوم أيضاً على قص القصص، فهي مخزن فعلي للحضارات، ويتجسد دورها في تجسير العلاقة بين الشباب والمعرفة الفنية. فيما ركزت د. سينثيا شنايدر، حول قوة التلفزيون في المشاركة لتأصيل ممارسات الثقافة والفنون في حياة الأفراد، فهي ترى الثقافة قوة تغير، لأنها تمتلك القدرة على التأثير الشعوري، وهذا ما نحتاجه للتطوير، وهو أن نكتشف المحرك الفعلي لتفكيرنا. وتأتي صناعة الأفلام، انعكاساً مهماً للقوة والهمينة الفذة، في ما يمكن أن نقول عنه، القدرة على «الحكي»، ونقل القصص، فبالنسبة لتجربتها، فإنها شهدت تعاونات عديدة، في مجال عملها مع الإنتاجات التلفزيونية والاستعراضية في منطقة الشرق الأوسط، الذي يرون بأن لهم قصصهم، ولا يريدون أن يستوردوا قصصاً من الخارج، ولكنهم يسعون إلى إنتاجها بأفضل التقنيات الممكنة. أما المتحدث داستن يلي، فقد رأى أن الحضارة إنما هي قطعة من النحت الإنساني المتواصل، يسهم في اكتشاف مواقع جديدة، بشكل مستمر، وسرد «الحكاية» عادة ترتبط بمختلف العوامل منها الثقافة والأديان وغيرها، ولكل منها طريقة في فهم الحياة، مبيناً أنه يجب أن نرى العلوم التطبيقية، كجزء من الثقافة، وتعميق العلاقة بين تلك الثقافات التطبيقية والفنية، سيمثل ازدهارا نوعيا، في التجربة الإنسانية، مع الدعم البيئي الذي نشهده اليوم. من العراق، يوضح فرياد رواندزي، أنه لا يمكن التعامل مع التطرف، والمنهج الإيدلوجي، دون تواصل حقيقي مع الثقافة، وهذا لا ينطبق على أزمة العراق فقط، وإنما في كل دول العالم، مؤكداً أن علينا أن نخلق طريقة توجهنا نحو كيفية استخدام الثقافة، فالعولمة جعلت منا قرى صغيرة، وتأمين الأفراد اليوم، لا يكتفي بالجانب العسكري، وإنما في البحث المستمر لكيفية تأمين فكرهم، وذلك بخلق رؤى جديدة، تؤسس لثقافة جديدة. وتوجه الفنان أوكتوبيتز، برسالة إلى الفنانين، بأنهم يتحملون المسؤولية الأسمى في تفعيل دور الفنون والنهوض بالمسيرة الإنسانية، متسائلاً خلال تجربته بمعسكرين في كينيا، كيف يمكن أن يخرج الأفراد الموجودون هناك إلى الحياة، ولديهم فعلاً ما يؤمنون أن عليهم فعله، فاللاجئ، بالنسبة لأوكتوبيتز، إنسان له تجربته، وهو ليس شخصاً هامشياً، كما يتصور البعض، وهو يستطيع لعب كرة القدم وعزف الموسيقى والرقص، وحان الوقت للتوقف عن اعتباره أزمة. ورأت شيري ويست المشغولة بآثار تعرض الأطفال إلى أزمات غير واعية، أن الأزمة في الطفولة تخلق تأثيراً على المدى البعيد، والبحث في مشروع ورشة سمسم، إنما هو منصة تفاعلية لإثراء المخيلة، ترجح كفة الثقافة الفنية والترفيهية والتعليمية للطفل، في ظل تلك الاضطرابات. والهدف بشكل رئيسي، في الإنتاج للطفل، هو عملية إشراك الكبار، في الحوار المتكامل للمعرفة الترفيهية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©