الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

إدريس خان.. الإشراق الخفيّ

إدريس خان.. الإشراق الخفيّ
11 ابريل 2017 02:08
إبراهيم الملا (أبوظبي) تكرم قمة القيادات الثقافية في أبوظبي الفنان العالمي إدريس خان، لإسهاماته المتميزة في عالم الفن التشكيلي، باعتباره واحداً من الفنانين البريطانيين الأكثر حضوراً وتأثيراً وسط جيله من الفنانين الشباب. انطلقت وتطورت أعماله بشكل لافت، بدءاً من اشتغاله بالفن المتقشف «المينيمال»، وصولاً إلى أعمال الفيديو آرت والنحت والأعمال المفاهيمية. يرى خان، أن الاشتغال على العمل الفني يعدّ ضرباً من التأمل والانقياد للحدس العميق تجاه اللون، وما يقبع خلفه من أحاسيس مكثفة، فيما يمكن نعته بالإشراق غير المرئي، خصوصاً في تدرّجات اللون الأسود وما تنطوي عليه هذه التدرّجات من ظلال وذكريات شاحبة وتجوال ذهني في ممرات الليل وقرب الحواف الأخيرة ليقظة غير متحققة. بحثاً عن المدهش يستفيد خان في أعماله من مصادر ثقافية متنوعة، مثل الأدب والتاريخ والفن والموسيقى والدين، ومن قراءاته الشعرية والفلسفية، وبالتحديد أعمال الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه، ليستقي منها أفكاراً تغذّي أعماله بالمدهش والمغاير والجامح، انطلاقاً من التفسير الطوباوي للفن، ووصولاً للمكون المادي الصرف في البنية التركيبية للعمل الفني. كما يعمل على تطوير أعماله وصياغة أسلوب سردي متفرّد يتضمن صوراً ذات طبقات كثيفة تسكن فضاء العمل الفني، وتتراوح بين التجريد والتشخيص، واستدعاء مواضيع التاريخ والخبرة التراكمية، والانهيار الميتافيزيقي للوقت في لحظة الإنتاج الفني. ويستمتع خان أيضاً بالإيقاعات والأصوات المتكررة لأداة الرسم عندما يشرع في طباعة الألوان على اللوحة، والتي تعود في الأصل لعبارات وحكم وأقوال مشهورة، أعجب بها وقرر تجسيدها على جداريات ضخمة، بحيث تتحول الكلمات إلى جزء أصيل من العمل الفني، وفي الوقت ذاته هناك انفصال مخادع، والتباس مقصود بين الكلمة والصورة، كي يبقى المشاهد حائراً في توصيف العلاقة بين الشكل والمحتوى، وبين الشذرة الأولى والأساسية في العمل، وبين العلاقات الهندسية والجمالية الناشئة من تداخل وتكرار وتوزيع هذه الشذرات المتماثلة. ورغم أن جلّ أعمال إدريس خان تنتمي إلى الرسم وليس للتصوير الفوتوغرافي، فإنه غالباً ما يوظف أدوات الاستنساخ الضوئي الآلي لخلق عمله، وبالتالي فهو يعتبر التصوير الفوتوغرافي، أو المسح الضوئي من المصادر الثانوية لأعماله، أما المصادر الأساسية فتعتمد على عناصر قد يعتبرها البعض هامشية، مثل ورقة النوتات الموسيقية، أو كلمات لشاعر أو فيلسوف، أو نسخ من لوحات كارافاجيو في سنوات حياته الأخيرة، ثم يبني طبقات من المسح الضوئي رقمياً، ما يسمح له بالتحكم بدقة في الفروق والتناقضات بين السطوع والتعتيم، وبين الإشراقة والخفوت. وتكون الصور الناتجة عن هذا المزيج المضاد، عبارة عن جداريات كبيرة، ورغم اتساعها أمام أفق الرؤية، فإنها تنطوي على كثافة بصرية ملحوظة. طبقات بصرية هذه الطبقات البصرية نراها أيضاً في أعمال الفيديو آرت التي ينفذها خان، ومن أهمها عمله المعنون بــ«آخر سوناتات البيانو لفرانز شوبرت»، حيث يعتمد تركيب الفيديو على ثلاث شاشات وبزوايا كاميرا مختلفة لكل شاشة كي تمنح تفسيرات متعددة لهذه السوناتات التي كتبها شوبرت على فراش الموت، وكما يشرح خان: «إن السوناتات الثلاث الأخيرة تشكل نوعاً من الدورة، وبالتالي تضيء بعضها البعض عند تنفيذها»، مضيفاً: «إن الروابط الموضوعية والإيقاعية والتوافقية واضحة بين حركة كل سوناتا، كما أنها تحمل فكرة أن كل معزوفة تأتي من وحي غريب ومتفرع». وبالنسبة لأعماله النحتية، يستخدم خان مواد متنوعة، مثل ألواح الصلب والمكعبات والألواح الحجرية الأفقية، كما أنه يملأ سطح المنحوتة بقوالب من الدرجات الموسيقية أو الأدعية والصلوات، مستلهماً في الوقت ذاته الذكريات الثقافية والبصرية والسينمائية والزمنية في إطار ذاتي وعاطفي. في عام 2012، تم تكليف خان من قبل المتحف البريطاني في لندن لإنشاء رسم جداري جديد للمعرض بعنوان: «الحج: رحلة إلى قلب الإسلام». وفي عام 2016 قام بتصميم منحوتة «يوم الشهيد» في ساحة الكرامة في أبوظبي وفي الجهة المقابلة لجامع الشيخ زايد، وتميز النصب بقيمته الفنية العالية، والتي تفصح عن الشموخ والتوازن وتجاوز الألم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©