الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

موت مدينة الأحذية ينهي عصر السلع الصينية الرخيصة

موت مدينة الأحذية ينهي عصر السلع الصينية الرخيصة
14 مايو 2008 00:19
عندما احتشد حوالي 400 من العمال الغاضبين واندفعوا يحطمون الحواجز الحديدية خارج أحد المصانع في جنوب الصين ليشقوا طريقهم إلى الداخل، وقف عشرات من رجال الأمن عاجزين عن فعل أي شيء· وكان بعض العمال يصرخ وبعضهم يبكي بإحباط عندما تجمعوا داخل المصنع الخالي من أي نشاط وهم يركلون سيارة رئيس المصنع الخالية· وبعد ذلك انطلقوا يتجولون بين المكاتب وورش التصنيع وغرف إيواء العمال وكأنهم يحاولون إعادة الروح إلى المصنع الذي توقفت ماكيناته عن العمل، وبعد نصف ساعة من هذا المشهد بدأ العمال يغادرون المصنع وهو المكان الذي أمضى فيه بعضهم سنوات طويلة داخله وهم يحملون الشيء الوحيد الذي يستطيعون حمله وهو مجموعة من الأحذية· وقال رجل الأمن كان دون يي: ''ماذا عساي أن أفعل وأنا رجل عجوز في مواجهة حشود العمال·· بالطبع لم أحاول إيقافهم· على أي حال من حقهم أن يغضبوا، وأنا أشعر بالحزن من أجلهم''· فقبل يومين كان العمال مشغولين في العمل داخل خطوط الإنتاج بمصنع دينج فو للأحذية في مدينة هوجي الذي ينتج الأحذية لصالح متاجر كبرى مثل: زارا وناين ويست وسام أند ليبي، وقد أعلن مسؤولون حكوميون في المدينة إفلاس هذا المصنع· وقد وجد مئات العمال في هذا المصنع أنفسهم بلا مورد رزق بعد إعلان إفلاس المصنع نتيجة تراكم الديون على أصحابه من التايوانيين، في حين أنهم يدينون الشركة التي تمتلك المصنع بأجور 4 أشهر، بعد دقائق من اقتحام العمال لبوابات المصنع أدركوا أنه لا يوجد عمل ولا يوجد داخل المصنع من يمكنه مساعدتهم للحصول على مستحقاتهم فإنهم قرروا أخذ أي شيء يمكنهم أخذه مقابل هذه المستحقات· وكان سيناريو إغلاق هذا المصنع في نوفمبر الماضي هو السيناريو الذي تكرر في مختلف أنحاء جنوب الصين، حيث يوجد أكثر من 1000 مصنع أحذية أغلق نحو 20% منها خلال العام الماضي، وتعرف مدينة دونجوان باسم ''مدينة الأحذية'' الصينية· وتقول جيني شان مدير التنسيق في منظمة ''دراسون وباحثون ضد استغلال الشركات'' التي تتولى التحقيق في ظروف العمل بالمصانع في جنوب الصين ''في الماضي كان العمال يقبلون كل الاعتداءات والانتهاكات أما الآن فإنهم يقاومون ذلك''· وأضافت أن العمال بدأوا ''يجمعون الأموال والتوقيعات، وهم يستخدمون أرضية الورش والإيواء لحشد القوى لكي يحسنوا موقفهم التفاوضي مع أصحاب المصانع والمديرين''، وقد جعلت التكنولوجيا حشد قوى العمال ممكناً، حيث يستخدم العمال هواتفهم المحمولة للحصول على الأخبار وإرسال الرسائل· وتقول شان: ''مقاهي الإنترنت أصبحت مهمة جداً أيضاً، فالعمال يتبادلون الأخبار عما يحدث في المدن الأخرى والمصانع الأخرى ويقومون بحشد أنفسهم''، وتضيف أنه نتيجة لذلك تشهد المصانع عمليات تحول واسعة النطاق للعمال· وفي مصنع هوجي ومصانع أخرى تمت زيادة الأجور خلال الفترة الماضية بنسبة 200% ومع ذلك تعاني المصانع من وجود أكثر من 100 وظيفة تحتاج إلى من يشغلها، وهذا المصنع ينتج أحذية الأطفال للتصدير إلى أوروبا· ويعترف المدير العام تود كسينج بأن النقص في العمال أصبح شديداً وأن تكاليف التشغيل أصبحت مرتفعة بسبب ارتفاع قيمة العملة الصينية أمام العملات الأخرى والرسوم التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على الأحذية الصينية مما أدى إلى إغلاق المصنع· ويضيف أن العمالة المهاجرة الكثيفة لم تعد متاحة اليوم وأنه في الماضي كان العمال يصطفون في صفوف أمام المصنع للحصول على عمل أما اليوم فإن الشركة تضطر إلى نشر إعلانات عن الوظائف الخالية من أجل جذب العمال· ويقول: ''لدينا 500 عامل هنا ولدينا 700 وظيفة تحتاج إلى من يشغلها ولكننا لن نجد أي قدرة على ملئها''، ويشير إلى أن الحل المتاح حالياً أمام الشركة هو ترك هذه المدينة الصينية التي شهدت بدايات انطلاق الثورة الاقتصادية في الصين أوائل ثمانينات القرن العشرين والبحث عن مكان آخر أقل تكلفة سواء داخل الصين أو خارجها· ويرى نشطاء حقوق العمال أن انتهاء ظاهرة العمالة الرخيصة أمر جيد بالنسبة للعمال في الصين ولكن الأمر ينطوي على تحولات كبيرة بالنسبة للاقتصاد الصيني ككل الذي سيشهد تحولاً واضحاً مع تغيير صورة الصين باعتبارها مصنع المنتجات الرخيصة في العالم·
المصدر: دونجوان-الصين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©