الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عاملات المنازل.. صداع في رأس الأسرة علاجه التوعية واحتضان الأم لأبنائها

عاملات المنازل.. صداع في رأس الأسرة علاجه التوعية واحتضان الأم لأبنائها
10 مارس 2014 11:20
هناء الحمادي (أبوظبي) - إحصائيات الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي كشفت عن ارتكاب الخدم 2514 جريمة مختلفة، خلال السنوات الثلاث الماضية، 318 جريمة منها ارتكبتها مربيات الأطفال، غالبيتها هتك العرض بالرضا مع الحارس أو صاحب البقالة، فيما بلغ عدد الجرائم التي ارتكبها سائقو المنازل 644 جريمة. وبيَّنت الإحصائيات أن الجرائم التي يتورَّط فيها الخدم، تشمل العمل لدى غير الكفيل، والسرقة من المستخدمين، والتعدي المنزلي، بالإضافة إلى انتهاك حرمة ممتلكات الآخرين، وهتك العرض بالرضا، والحمل غير الشرعي، وحالات سحر وشعوذة، كما تشمل السماح للغرباء بانتهاك حرمة منزل المخدوم، بهدف التمكين من ممارسة أعمال غير أخلاقية من دون علم أصحاب المنزل، فضلاً على جرائم متعددة ترتكبها الخادمات بحق أطفال الأسر التي يعملن لديها. محتوى هذه الإحصائيات، تناولته «الاتحاد» في حلقتها الأولى أمس بطرحها من جديد لموضوع العمالة المنزلية، و«أزمة الثقة» التي تؤدي إلى توتر العلاقة من الأسر، ويتواصل النقاش في الحلقة الثانية «الأخيرة»، حول أهمية التوعية للطرفين، مع التشديد على أهمية ترك «الحبل على الغارب» للعمالة المنزلية مهما تبددت أزمة الثقة وأثبتن جديتهن في الالتزام بتنفيذ المهام الموكلة إليهم، خاصة فيما يتعلق بالأبناء ورعايتهن. حول «المد والجزر» في العلاقة بين الأسرة والعمالة المنزلية، أكد مصبح سعيد بالعجيد الكتبي عضو المجلس الوطني الاتحادي، أن مجتمع الإمارات يتميز بأفضل الثقافات والتقاليد الأصيلة في التعامل مع الآخرين، وإن بدت أي تجاوزات أو أي نوع من المعاملة السيئة، فمن المؤكد أنها حالات استثنائية لا تعبر ولا تمثل ثقافة أبناء الإمارات، مشيراً إلى أن العمل الإجرامي لا يأتي فجأة أو مباشرة نتيجة لمعاملة سيئة مع العمالة المنزلية، إنما يكون متأصلاً غالباً لدى من يقومون بالإجرام، وربما يكونون بعض هؤلاء أصحاب سوابق إجرامية، سواءً في بلادهم أو بلدان أخرى، ويتم ترحيلهم بعد تنفيذ العقوبة. وبالنسبة لتحديث وتعديل قواعد جلب الأيدي العاملة، يشير الكتبي إلى أنه لابد من استحداث بعض القواعد التي تنظم العلاقة ما بين الكفلاء والمخدومين لحماية الطرفين، وذلك تماشياً مع التوجه العالمي وحقوق الإنسان عامة خاصة حقوق العمالة، وقال: هذه النقطة الأخيرة هي الشماعة التي تحاول دائماً بعض الدول أن تكون ورقة الضغط التي تستخدمها على البلدان الأخرى لغرض أو مشروع أو لأهداف معينة. وللحد من الجرائم التي ترتكبها تلك العمالة المنزلية لابد من النظر في تحديد عدد معين من جنسيات الخدم التي يسمح باستقدامها للدولة، وخاصة التي لها ملفات لا يشوبها صحائف إجرامية، ثم بعد ذلك لابد من التوعية الثقافية الكاملة للطرفين، وتركيز الرقابة على العمالة باستمرار وعدم إعطاء الثقة الكاملة لهم، وترك الأبناء معهم وعدم التنبؤ لمخاطرهم وجرائهم المتوقعة، مع تشديد العقوبة والالتزام بالقواعد التي تنظم العمل ما بين الخدم والمخدومين. وفي هذا الصدد من أجل تقليل تلك المشاكل والجرائم اقترح الكتبي دراسة استقدام مربيات للأبناء من جنسيات ترغب بهذا العمل حتى لو كان ذلك بأجر مضاعف، فلا ضير لسبب وحدة اللغة والثقافة وربما الدين والعادات والقومية العربية، ويرى أن هذا المقترح سيجعله يشعر بالاطمئنان على أبنائه أمنياً وثقافياً وعقائدياً وخلقياً وسيكون الصغار بين يدي مربية متدينة في حال غياب الغياب عن البيت بوجود تلك المربية. ضغوط نفسية من واقع عملها كاستشارية أسرية، ترى ظلال الجابري ماجستير جامعة زايد دراسات إسلامية وباحثة أسرية أن مخالفات الخدم قضية ستظل دائمة الطرح كل حين، إذ لا يمكن بأي حال لملمة أوراقها، وطي ملفها، طالما خصصنا في بيوتنا أماكن لهم ليحلوا فيها محلنا في تأدية الواجبات التي من المفترض أن نقوم بها نحن الآباء والأمهات، فإذا كان بعضنا قد تخلى عن التزامه تجاه صغاره، فما له الحق في أن يحزن اليوم على صغاره بسبب الأذى الذي لحق بهم نتيجة إهمال الخادمة. وتطرح الجابري سؤالاً: ما الذي ننتظره من أغراب عن عروبتنا وديننا وعاداتنا وتقاليدنا وهويتنا؟، ونجيب باختصار إلا أمانة ولا إخلاص ولا مصداقية لدى العديد من أبناء وبنات العمالة المنزلية في أداء مهامهم التي يأتي على رأسها رعاية الأطفال والعناية بهم، ومن الطبيعي أن تكون الخادمات كذلك، في ضوء تنازلنا طواعية لهن عن دورنا الأصيل في تسيير أمور بيوتنا وأطفالنا، والشواهد أو الكوارث على ذلك كثيرة. وعن دوافع ارتكاب جرائم قتل وغيرها من مظاهر العنف قالت إن الضغوط النفسية التي يتعرض لها خدم من بعض الأسر هي العامل الرئيسي في القيام بمثل هذه الأعمال، بالإضافة إلى سوء المعاملة، وطمع الخادمات والتغرير بهن من جانب أشخاص يرتبطن بهم بعلاقات عاطفية، وإهمال الزوجات في متابعة سلوكيات تلك الخادمات، لأن هناك أسباباً لزيادة هذه الظاهرة المرتبطة بثقافة وتربية ونفسية الخادمة، والتي قد تدفعها إلى ارتكاب الجرائم. الآثار السلبية وبخصوص وجود الخادمة والمربية، وكيف أصبحت اليوم من الأساسيات التي فرضتها علينا معطيات الحياة الاجتماعية الحديثة، ترى الدكتورة نجوى محمد الحوسني مساعد العميد لشؤون الطلبة ودعم الخريجين بكلية التربية في جامعة الإمارات أن الخادمة والمربية تلعب أدواراً لا غنى عنها تخلت عن تأديتها صاحبة الشأن، الأم، مبينة من خلال مشاهداتها اليومية لدور العمالة المنزلية في الكثير من البيوت، أن الخادمة اليوم تقوم بأدوار متعددة، فهي الأم، والأب، والمعلمة، والصديقة، وجليسة الأطفال، والممرضة، والمعلم الخصوصي. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما الآثار السلبية التي نتجت من وجود الخادمة في المنزل؟ وما تأثيرها على الطفل بالتحديد والذي تقضي معه ساعات أكثر من الساعات التي تقضيها معه أمه الحقيقية، ورداً على ذلك تقول الدكتورة الحوسني: أكدت الكثير من الدراسات العربية والغربية أن وجود المربية والخادمة يؤثر سلبياً على الطفل من الناحية العقلية والمعرفية والنفسية والاجتماعية، فالطفل الذي يقضي وقتاً طويلاً مع الخادمة يكتسب مفردات لغوية «ركيكة» بعيدة عن التراكيب اللغوية الصحيحة للغته الأم، وقد يصل التأثير السلبي على لغة الطفل أن يعاني لثغة في لسانه وينطق الحروف بشكل غير صحيح، أما على الصعيد النفسي والاجتماعي، فقد أكدت بعض الدراسات أن الأطفال الذين يتربون في كنف الخادمات يميلون إلى العزلة والانطواء، كما يتصفون بالميول العدوانية ضد الآخرين، ويعانون أيضاً الخمول والكسل، وتصبح الخادمة والمربية الأجنبية مصدر الطفل للتعرف على منظومته القيمية والتي للأسف ستكون نسخة مطابقة للتقاليد والعادات التي جلبتها خادمته ومربيته من وطنها. وأضافت: من وجهة نظري الشخصية أرى أن وجود الخدم في أي مجتمع ليس ظاهرة مرضية في حد ذاتها، فالأصل من وجود الخدم هو مساعدة الأم وإعانتها على تسهيل وتيسير الأعمال المنزلية، فيجب على الأمهات الوعي بهذا المبدأ وعدم التخلي والتملص من الأدوار الحقيقية التي فطر الله بها الأم في رعاية أبنائها وتربيتهم والتضحية من أجلهم. تأثير الخدم ولا تزال الآثار السلبية المترتبة على استقدام العمالة المنزلية في المجتمع، تثير نقاشاً مستمراً لدى المختصين، وهذا ما تناولته فوزية طارش، مديرة إدارة التنمية الأسرية في وزارة الشؤون الاجتماعية بالشارقة التي أشارت إلى أن الخدم من الظواهر الاجتماعية ومخاطرها تهدد كيان الكثير من الأسر وتأثر على مسيرتها في الحياة اليومية. وتضيف: ما زال هذا الخطر مستمراً لكون أن الكثير من الأسر يعتمدون كلياً على الخادمات في الشؤون المنزلية وتربية الأبناء، خاصة في غياب الأبوين، وبالرغم من أن الجهات المختصة بهذا الأمر، إضافة إلى المؤسسات الإعلامية أبرزت هذه الظواهر على مدى السنوات الماضية، وحذرت من الجرائم التي ارتكبتها فئة الخدم إلا أن الاتكال عليهم مازال الأسلوب المتخذ لدى الكثيرين، حيث تكمن المشكلة في خطورة تأثير السائق أو الخادمة على الطفل في التربية من حيث الأساليب التي يتخذها الأبناء، إضافة إلى اللغة، وبجانب مخاطر السائقين ممن يتركهم الأسر من دون رقابة في الذهاب والإياب مع أبنائهم المراهقين والأطفال. بيئة الخادمات أوضحت الدكتورة نجوى محمد الحوسني مساعد العميد لشؤون الطلبة ودعم الخريجين بكلية التربية في جامعة الإمارات إلى أن الاعتماد على عاملات المنازل أصبح ضرورياً في بعض الحالات، من دون الانتباه إلى الكثير من الخادمات قادمات من بيئات بدائية تفتقر إلى التعليم وتعاني الفقر الشديد وتتبع أساليب غريبة على المجتمع من حيث العادات والتقاليد، وحتى إنهن يختلفن في الديانات، ومن الجانب الآخر فإن بعض الأسر تعامل الخادمات معاملة غير جيدة في حال جهلهن لأداء أعمالهن، بالإضافة إلى العمل ساعات طويلة من دون راحة فتتولد لديهن الرغبة في الانتقام. توازن بين الحقوق والواجبات تعمل لدى أسرة عائشة محمد سيف عاملة إندونيسية منذ 14 عاماً منذ أن ولد ابنها الأكبر، ومن المعروف عن الأسرة معاملتها الجيدة للعاملة التي تشعر في المقابل أنها تخدم أفراد الأسرة بكل رضا ومحبة ولا ترغب في مغادرتهم أبداً، حيث تكتفي كل سنتين أو ثلاث سنوات بزيارة أهلها لشهر والعودة مجدداً. ويذكر الزوج سالم أن العاملة المخلصة توفيق من الله تماماً كأي موظف منتج ومحب لعمله، لافتاً إلى أنه وزوجته وأبناءهما الـ 4 يعاملونها منذ البداية وكأنها فرد منهم. ينتبهون إلى مأكلها وملبسها وحقها في الراحة عند التعب وفي الخروج معهم من وقت لآخر?،? وأهم من ذلك كله أنهم يراعون عملها لأجلهم بعيداً عن بيئتها وناسها. ولا تنكر عائشة تعلقها وأسرتها بهذه العاملة التي تعتبر أنها ما كانت لتبقى معهم كل هذه المدة لو لم تشعر بالأمان والدفء. وهذا برأيها يأتي نتيجة العدل بين الحقوق والواجبات، مع ضرورة النظر إلى العاملة على أنها موظفة بشروط خاصة. ردة فعل إيجابية تجاه أصحاب البيت تحافظ ندى قبيسي على العاملة الفلبينية نفسها منذ 16 عاماً، معتبرة إياها المدبرة المنزلية والمربية في آن، فهي تعرف كل صغيرة وكبيرة في البيت وتعلم جيداً ما يحبه أفراد الأسرة وما عليها القيام به من دون أن تتلقى أي أوامر تذكر. وتوضح ندى أن أكثر ما يريحها في الأمر أنها مع استقدامها كل فترة لعاملة أخرى مساعدة، إلا أنها لا تتكبد عناء التدريب مطلقاً، إذ تترك لـ «مدبرة منزلها» هذه المهمة والكثير سواها، مما يجعلها تتفرغ لعملها والاهتمام بزوجها وأنشطة أبنائها. وتقول: إنّ قرار الإبقاء كل هذه السنوات على العاملة الأساسية نفسها جاء نتيجة للمودة والاحترام المتبادل المفروض كعرف سائد في البيت، لأنه من البديهي عند التفكير بالعاملة على أنها شخص له رغباته واحتياجاته وعزة نفسه، أن تأتي ردة الفعل إيجابية تجاه أصحاب البيت، وتستغرب ندى كيف يمكن أن تتم معاملة العاملة بالسوء والإهانات والشح، وهي التي تقوم على مدار اليوم بالسهر على راحة الأسرة من كبيرها إلى صغيرها. عاملة في بيت واحد 18 عاماً يتحدَّث عدنان حمام عن السر في الإبقاء على العاملة نفسها منذ 18 عاماً بالرغم من تنقله وأسرته بين 3 دول عربية بحكم عمله في شركة للمشاريع الهندسية، فهي من جهة أمينة ومتفانية في عملها وحبها للأبناء، ومن جهة أخرى تحولت مع الوقت إلى جزء فعلي من الكيان العائلي، حيث لم يُعد من السهل استبدالها بأخرى والعودة من جديد إلى نقطة الصفر في التعرف إلى طباعها وتدريبها على مسؤولياتها. ويثني عدنان على زوجته نوال التي برأيه لولا تعاملها الحضاري مع العاملة منذ اليوم الأول لدخولها البيت وتفهم همومها طوال السنوات اللاحقة، لما زرعت فيها مشاعر الإخلاص والرضا، حتى أصبحت تضع مصالح أسرة مستخدميها في أولوياتها، وعلى أساس برامجهم تحدد إجازاتها للسفر، حيث تحمل النية دائماً بالعودة إليهم طالما أن صحتها تسمح لها بالعمل، وهي تبلغ من العمر 52 عاماً، وتعترف بالمعاملة الطيبة والكرم الذي أحيطت به على مدى خدمتها لهذه الأسرة التي تقول: إنه لولاهم لما شيدت بيتها في الفليبين وتمكنت من إنهاء دراسة ولديها في أفضل التخصصات. مصلحة الطرفين يعلِّق يوسف الطويل على مسألة الدونية التي تعيشها بعض العاملات في بيوت مستخدميهن، عدا عن التقصير في حقوقهن كأشخاص لديهن مشاعر الجوع والتعب والضجر. ويرفض بشدة مظاهر الترف التي يتباهى بها أناس لا يحسنون إلى العاملات ولا ينتبهون إلى وجودهم إلا عندما يحتاجون إليهم، وأكثر ما يزعجه أن يرى عاملة تقف جانباً في مقهى أو مطعم، حيث يتلذذ مستخدموها في تناول أطباقهم تاركين لها الفتات لاحقاً، أو غير آبهين بما إذا كانت تشعر بالجوع أو حتى بالرغبة في تذوق طبق لذيذ، وهي تقف على قدميها طوال النهار وتركض خلف أبنائهم وتتكبد حمايتهم. ويرى يوسف أنه في المقابل يراعي وزوجته الأمانة في معاملة العاملة الإثيوبية التي تعمل لديهما منذ 8 أعوام سافرت خلالها 3 مرات إلى بلادها، وهي بالنسبة لهما موظفة تنطبق عليها حقوق العيش بكرامة مع التأكيد على قيامها بكامل واجبتها وبشروط العقد، إذ إن المعاملة الحسنة لا تعني التهاون مع العاملة أو السماح لها بالخروج في أي وقت، وإنما ضمان توفير احتياجاتها بما يتناسب مع مصالح الطرفين. أكد أن ثقافة الطفل وأسلوب تربيته في خطر عبدالله الحمداني: المشرع حدد عقوبات مشددة لحماية الأسرة من الجريمة اتخذ القانون موقفاً مشدداً ضد كل من تسبب بإهماله في الإضرار بمن كلف برعايته، ورغم ذلك تطالعنا الصحف كل يوم بجريمة جديدة من جرائم الخدم والتي يهتز لها وجدان الأسر، وتوضيحاً للوضع القانوني المتعلق بمثل هذه الأحداث اليومية، وما يصل منها إلى أقسام الشرطة وساحات المحاكم، بين المحامي عبد الله الحمداني أنه على الرغم من أن المشرع قد تدخل وفرض أقصى العقوبة الجنائية لمثل تلك الجرائم. تشديد العقوبة ويتابع: المشرع قد فرق بين حالات كثيرة وحدد لكل منها عقوبة معينه، فعلى سبيل المثال نجد أن الجرائم التي تقع على الحدث الذي لا يتجاوز الـ15 سنة تكون العقوبة فيها بالحبس الذي لا تزيد مدة على سنتين، في حين جعل العقوبة إذا وقع الفعل من أصول المجنى عليه، أو من المكلف بحفظه ورعايته بالحبس من دون حد أقصى بما يعنى تشديد العقوبة إذا وقع الفعل المعاقب عليه من أحد هؤلاء السابق ذكرهم، ثم عاد مرة أخرى إلى تشديد عقوبة الفعل، وجعل منه جناية وليس جنحة، وذلك إذا ترتب على الفعل عاهة مستديمة، فجعل العقوبة فيها هي ذات العقوبة المقررة لجريمة الاعتداء المفضي إلى عاهة مستديمة، أو عقوبة الاعتداء المفضي إلى الموت. ومن هنا نجد أن المشرع قد اتجه إلى تشديد العقوبات وفقاً لما ذكره الحمداني إذا وقع الفعل المعاقب عليه من المكلف بحفظ الصغير ورعايته، سواء من أصول المجني عليه أو الخدم القائمين على رعاية الصغار وحفظهم، وانزل بهم أشد العقوبات حتى ينتبه من تسول له نفسه أمراً. ثقافتنا العربية الحمداني لفت إلى ما هو أهم من ذلك وهي المحافظة على ثقافتنا العربية، حيث من الطبيعي أن الخدم مع اختلاف جنسياتهم لا يستطيعون القيام بإعطاء الصغير الموروث العربي الأصيل الذي يجب أن نحافظ عليه ونفتخر به، وهو أمر يبدأ من الأم التي غاب دورها في ذلك الزمان مع كل أسف، وأصبح الصغير يكتسب كل المعرفة اللازمة له من الآخرين، ولا يوجد من يتابع الأمر وإلى أي حد وصلت الأمور، من هنا كان لابد على الجميع التصدي لمثل تلك المشكلة وليس فقط الكلام عن الأخطار التي يتعرض لها الصغار من الخدم وليس معنى ذلك التقليل من أهميتها، ولكن هذا الظاهر ما كان لها أن تظهر لولا انشغال الأم عن دورها الأساسي من تربية وتعليم ورعاية، والأب الذي يعمل ويجتهد للحفاظ على مستوى معيشي لائق للأبناء، لذلك لو اختفى ذلك الدور ضاعت كل المجهودات التي تبذل هباء، وكان الطفل هنا هو الضحية في يد تلك العمالة المنزلية. خليفة المحرزي: هناك أُسر لديها عمالة منزلية أكثر من عدد أفراد البيت في استعراض لبعض التأثيرات السلبية، التي تنجم عن وجود الخادمات في البيوت، قال المستشار الأسري خليفة المحرزي: إن وجود الخدم في المنازل ظاهرة قديمة منذ التاريخ الإنساني ومرتبطة بالنسيج الاجتماعي لأي بلد، وليست من صنع أفراد أو تلبية لمصلحة فئات محدودة في مرحلة معينة، حيث أصبح لدى بعض الأسر عمالة منزلية أكثر من عدد أفرادها، ومن هنا لا يمكن النظر إلى الخدم، باعتبارهم ظاهرة سلبية، كما لا يمكن التأكيد على أن وجودهم في البيوت مصدر خطر محقق في جميع النواحي، إنما ما ينجم عن بعضهم من مخالفات، لا يخرج عن ممارسات فردية، نتيجة إفرازات سلوكية وأخلاقية وتربوية، تتعلق بظروف كل مجتمع وما يعتنقه من قيم ومبادئ ومعتقدات. ولا يختلف المحرزي مع أن وجود الخادمة في المنزل يثير لدى البعض الكثير من المخاوف والمحاذير على مستوى الأسرة والمجتمع، على اعتبار تأثيرها المباشر داخل نطاق المنزل واحتكاكها بأفراد الأسرة بشكل مباشر ومستمر، فضلاً عن اطلاعها على كثير من أسرارها وخصوصياتها، وبنظرة موضوعية حيادية ينبغي ألا ننكر الإيجابيات المتعلقة بوجودها في حياتنا، منها على سبيل المثال؛ التخفيف من أعباء المنزل ومساعدة ربات البيوت على التفرغ للأعمال المهمة، ورعاية الأبناء في غياب الأم العاملة، وقضاء لوازم الأسرة من الأسواق، ورعاية كبار السن والمرضى وذوي العاهات، وتقديم خدمات متنوعة خاصة لهم وغيرها. فوزية طارش: علينا الانتباه بهدف الحفاظ على الهوية وتماسك العائلة أوضحت فوزية طارش، مديرة إدارة التنمية الأسرية في وزارة الشؤون الاجتماعية بالشارقة، أن وجود الخدم في المنازل لا يرتبط بخروج المرأة للعمل أو غياب الأبوين، إنما ارتبط بالمكانة الاجتماعية، وأصبحت الأسرة لديها خادمة أو أكثر. وقالت: لا بد من وضع برامج التوعية والإرشاد للأسرة في الوقت الحالي لضمان سلامة أبناء المستقبل، من خلال الأجهزة الإعلامية أو الملتقيات المؤسسية، خاصة ما يخص الحفاظ على الهوية الوطنية والتماسك الأسري، وعلى رأسه ذلك التمسك بتعاليم الدين الإسلامي في تربية الأبناء، بعيداً عن المؤثرات السلبية فيما يخص الترف الاجتماعي، ومن ضمنها موضوعنا وهو وجود الخدم. كما دعت إلى وضع القواعد واللوائح التي تضمن سلامة الطرفين سواء للأسرة وحقوقها وما تعانيه من تكاليف باهظة لاستجلاب الخدم أو في الخسارة التي تلحق بالأسرة في عدم الحصول على خادمة فيها الصفات المطلوبة، أو الخسارة في حالة الهروب، وكذلك حقوق الخدم الذين يتعرضون للعنف والإساءة قبل أن يرتكبوا الجرائم كنوع من الانتقام، وكذلك المسؤولية مهمة وكبيرة على عاتق الأم والأب في رعاية الأبناء، وعدم تركهم لساعات طويلة في أيدي الخدم دون مراقبة ولا اهتمام، وهذا بحد ذاته جهل وإهمال. وأكدت أهمية القيام بمبادرات مدرسية من قبل المؤسسات المجتمعية، وتدريب الأبناء منذ الصغر على الاعتماد على أنفسهم، وتعلم أساليب الدفاع في حال وجود الخطر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©