الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جديد حرب المخدرات... غواصات نصف غاطسة!

جديد حرب المخدرات... غواصات نصف غاطسة!
26 يونيو 2009 23:14
مكث الملازم أول أوسكار كالديرون في البحر مع رجاله طيلة أربعة أيام ينتظرون، ويبحثون عن شيء ما بين الأمواج أثناء قيامهم بدوريات في سواحل كولومبيا على المحيط الهادئ. وفي الليلة الرابعة، تلقت طائرة مراقبة أميركية إشارة تفيد بأن غواصة الكوكايين التي رصدتها تتحرك. وكان كالديرون يبحلق وسط الظلام في محاولة لتحديد موقع السفينة، التي كانت تبحر تحت سطح البحر بقليل. ومن حين لآخر، كان فريق المراقبة يخبر كالديرون عبر الراديو بأحدث موقع للغواصة، ولكن الرجال لم يكونوا يرون أي شيء. لقد صُنعت أحدث وسيلة نقل مفضلة لدى مهربي المخدرات الكولومبيين اليوم، والمعروفة بـ «غواصات المخدرات» أو «الغواصات نصف الغاطسة»، لكي لا تُكتشف. وتحمّل الواحدة منها بما بين أربعة وعشرة أطنان من الكوكايين، ولا يظهر من جسم هذه الغواصة ذات الصنع التقليدي على سطح الماء سوى نحو قدم أثناء رحلة إبحارها التي تدوم خمسة عشر يوماً، وتقطع خلالها 1500 ميل، من السواحل الجنوبية لكولومبيا على المحيط الهادئ إلى سواحل المكسيك. ويستطرد كالديرون قائلاً: «يمكن أن يكون طولها 50 متراً وتبحر أمامي، وحتى مع وسائل الرؤية الليلية وكل المعدات المتطورة، إلا أنني لا أرى شيئاً». ولكن فريق المراقبة قاد كالديرون ورجاله إلى مصب نهر صغير وسط الأدغال جنوب هذه المدينة الساحلية المطلة على المحيط الهادئ، وما اكتشفوه هناك جعل من عملية التعقب التي استغرقت ليلة كاملة أمراً جديراً بالعناء. فعميقاً داخل متاهة من الروافد والطرق المائية، وجد كالديرون ورجاله الغواصة نصف الغاطسة التي كانوا يتعقبونها، وإلى جانبها 1.6 طن من الكوكايين على شكل حزمات ملفوفة بالبلاستيك على نحو محكم حماية لها من الماء، وكانت جاهزة لخوض الرحلة إلى الشمال. وبعد بضعة أيام، عثروا على مرفأ صغير سري لبناء السفن، حيث كانت غواصتان أخريان قيد الإنشاء. ولعل الاكتشاف الذي تم خلال الخريف الماضي كان من أبرز اللحظات في حياة كالديرون المهنية ضمن قوات خفر السواحل الكولومبية، ومع ذلك يقول: «إننا نبذل كل هذه الجهود الجبارة من أجل حجز أربع غواصات. غير أنه حين تنجح واحدة منها في الوصول إلى هدفها، فإن مهربي المخدرات يتمكنون من تعويض خسائرهم بسرعة. وهذا ما يجعلنا نشعر بالإحباط». ومنذ 1993، تم احتجاز اثنتين وأربعين غواصة -وخلال الأسبوع الأول من يونيو فقط تم احتجاز ثلاث أخرى. غير أن القوانين لم تواكب بعد ابتكارات مهربي المخدرات؛ ذلك أنه في كولومبيا ما زال القانون يجيز بناء أو نقل أو امتلاك سفينة نصف غاطسة غير مسجلة. وبالتالي، فإذا لم يتم العثور على مخدرات في عملية تفتيش في البر أو البحر، فإنه لا توجد هناك جريمة. غير أن ثمة مشروع قانون يمنح السلطات الوسائل القانونية لمتابعة قضائية ضد أي شخص على علاقة بالغواصات من المنتظر أن يرى النور قريباً. وتتراوح العقوبات للمدانين في هذا الإطار من 6 إلى 14 عاماً سجناً. ويأتي مشروع القانون هذا بعد تبني قانون جديد الخريف الماضي في الولايات المتحدة يحظر الغواصات غير المسجلة في المياه الدولية، بغض النظر عما إن كانت تنقل مخدرات أم لا. غير أن طواقم الغواصات التي يُكتشف أمرها يعمدون عادة إلى فتح صمام طوارئ بالغواصة من أجل إغراقها مع حمولتها. ومع استقرار دليل الكوكايين في قاع البحر، فإن المسؤولين يجدون أنفسهم ملزمين بموجب القانون الدولي بالتعامل مع المهربين كأفراد طاقم سفينة غارقة. وفي هذا الإطار، يفيد الملازم بريان روبنسون، من قوات خفر السواحل الأميركية، بأن طاقم غواصة اعترضتها قواته في شهر مايو الماضي سيكون هو الثاني الذي يخضع للمحاكمة وفق القانون الجديد. وفي هذه الأثناء، تأمل السلطات الكولومبية والأميركية أن يساهم التهديد بالسجن في ردع الطواقم عن الموافقة على الإقدام على الرحلة البحرية المنهكة لنقل المخدرات من كولومبيا إلى المكسيك. ولكن ميجيل أنخيل مونتويا، وهو مهرب مخدرات سابق يقول إنه قابل أكثر من اثني عشر طاقماً قبل أن ينطلقوا في رحلاتهم، يرى أن تأثير القانون الجديد سيكون محدوداً، حيث يقول مونتويا، وهو طبيب مكسيكي كان متورطاً مع كارتيلات المخدرات الكولومبية والمكسيكية حتى 2004: «لا أعتقد أن شيئاً سيتغير؛ لأن المنظمات تستغل الفقر في كولومبيا لإغراء أفراد الطواقم للقيام بالرحلة مقابل 10 آلاف أو 20 ألف دولار». ويضيف «مونتويا» أن الطواقم التي التقاها في مرفأ بناء السفن السري وسط الأدغال، والمكونة عادة من أربعة أو خمسة رجال، كانت تخضع لطقوس تقليدية عشية الرحلة، حيث «يقومون بأداء الصلوات، وبعد ذلك، تقدَّم لهم وجبة دسمة كما لو أنهم سيواجهون الإعدام»، مضيفاً أنه ليس سراً أن العديد من أفراد الأطقم لا يعودون أبداً. ومن جانبه، يقول الملازم كالديرون من على ظهر الغواصة التي احتجزها الخريف الماضي: «لا بد أن أفراد الطواقم يائسون إلى درجة كبيرة جداً حتى يوافقوا على الصعود إلى واحد من تلك النعوش». سيبيلا برودزينسكي - كولومبيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©