الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انتخابات السـودان

26 يونيو 2009 23:15
أمران أساسيان هما ما يشغل بال الرأي العام السوداني حالياً، ويطغيان على كل ما عداهما. أولهما السؤال: هل ستُجرى انتخابات عامة تطبيقاً للاتفاقية في موعد مناسب؟ والسؤال الثاني هو: إذا أُجريت تلك الانتخابات في الظروف الماثلة، فهل ستكون حرة نزيهة تعبر عن رأي أغلبية أهل السودان؟ وفي الرد على السؤال الأول، نقول إن العوامل التي تعزز احتمالات عدم إجراء الانتخابات في موعدها، أي قبل نهاية العام المقبل، هي الأكثر والأقوى، فهناك استحالة إجرائها في كل أنحاء السودان طالما استمر النزاع المسلح في دارفور وطالما ظل الأمن مضطرباً في الجنوب. وأية انتخابات لا تشمل السودان كله ستكون غير معبرة، ويمكن أن تفتح نتائجها الباب لنزاعات أخرى. وعلى الصعيد العملي، نلاحظ أن مفوضية الانتخابات تتحدث الآن عن احتمالات تأجيل موعد الانتخابات بعض الوقت لأسباب فنية، وكان هناك تأجيل سابق حدد شهر فبراير من العام المقبل موعداً للبدء في إجراء الانتخابات. وهناك من العوائق ما هو أهم من كل هذا، وهو اعتراض الحركة الشعبية لتحرير السودان «الجنوب» وعدم اعترافها بنتائج التعداد السكاني. وما كان من المتوقع أن تقبل الحركة بإحصاء يحدد عدد أهل الجنوب بنحو 21% من جملة عدد سكان السودان، في حين أن الحركة الشعبية تشارك في الحكم على أساس أن الجنوبيين يساوون نحو ثلث سكان السودان، وهذا ما بنت عليه اتفاقية السلام بنودها. ونأتي للرد على السؤال الثاني، وهو: هل يمكن أن تكون الانتخابات حرة ونزيهة إذا ما أُجريت في الأجواء الحالية، وبالتغلب على ما طرحناه في السؤال الأول، بصورة أو بأخرى؟ إن الجو الحر والمحايد يتطلب أن تسبقه حرية التعبير وحرية النشاط السياسي وحرية الحركة بدرجة متساوية بين الجميع. وكل هذا مفقود الآن وإطاره القانوني ليس موجوداً. على امتداد كل السنوات التي أعقبت توقيع اتفاقية السلام ظلت القوى السياسية المعارضة لنظام «الإنقاذ» تطالب وتلح في الطلب لإلغاء القوانين المقيدة للحريات واستبدالها بقوانين تكفل تلك الحريات وتمهد الطريق لإجراء انتخابات عامة ونزيهة بحق. واعتمدت هذه القوى في مطالبها على وثيقتين هما الدستور المؤقت واتفاقية «نيفاشا»- رغم أنه من المفترض أن يلتزم نظام «الإنقاذ» بما جاء في هاتين الوثيقتين، إلا أن نظام «الإنقاذ» أبى أن يتراجع عن موقفه وظل متمسكاً ببعض القوانين، إضافة إلى تمسكه بأن يظل جهاز الأمن القومي يمتلك سلطات واسعة، رغم أن اتفاقية «نيفاشا» نصت على أن يكون جهاز الأمن القومي جهازاً لجمع المعلومات فقط وليس صاحب سلطة تنفيذية، كما هي الحال الآن. إن قادة «الإنقاذ» يتعللون بأنهم لن يسمحوا بإطلاق الحريات كاملة، ولن يسمحوا كذلك بأن يكون جهاز الأمن جهازاً بلا أنياب ومخالب طالما كان هناك تهديد من خارج السودان... وبالطبع، فإن هذا المنطق غير مقبول؛ لأن كفالة الحريات من شأنه أن يدعم ويقوي الجبهة الداخلية وليس العكس. والآن، فإنه قد بقيت سبعة أشهر فقط على التاريخ الذي حددته مفوضية الانتخابات كموعد لإجراء الاقتراع. وليس من الميسور أن نقدر أن كل تلك العوائق سيمكن التغلب عليها فيما تبقى من زمن، كما لا يمكن الجزم بأن الانتخابات لو أُجريت ستكون حرة ونزيهة. محجـوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©