الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ثقافة وزيرستان

14 مايو 2008 01:31
يبدو أن لدى الحكومة الباكستانية الجديدة وجهة نظر مختلفة حول مكافحة الإرهاب، وهو أمر يُفزع واشنطن ويغضبها· لكن لماذا يجب علينا الاهتمام بهذا الموضوع؟ نجد أنفسنا اليوم في حالة مضطربة ثقافياً وعسكرياً وبشكل كارثي في وزيرستان، المنطقة القبلية الملتهبة في شمال غربي باكستان· لم تؤدِّ المطالب الأميركية من الجيش الباكستاني استخدام المزيد من القوة في المنطقة إلى أي نتيجة رغم امتثال الرئيس مشرف· أصبحت الهجمات الانتحارية خارجة عن السيطرة، وانتشر العنف إلى خارج المنطقة القبلية إلى مدن مثل لاهور وإسلام أباد· جرت ترجمة النتائج المزرية على أنها انعكاس للّطف في التصرف، ولكن واقع الأمر هو أن التوجه نفسه هو المعرض للوم· أخبرنا صانعو السياسة في واشنطن أنه يتوجب علينا الاختيار ما بين الاستسلام أو النصر في المناطق القبلية· إذا أخذنا الاستسلام فستحكم ''طالبان'' في خلافة جديدة، ومع النصر تصبح الدولة بأكملها كتلة من الركام ويُدفَن أسامة بن لادن في مكان ما تحت الأنقاض· إلا أن هذا خيار ثنائي زائف أوجده عدم القدرة على التعلم من دروس الماضي أو إجراء تحليل ثقافي بسيط· لقد أسيء فهم المناطق القبلية في باكستان، التي يسكنها البشتون، من قبل الغرب، بل وحتى من قبل العديد من الباكستانيين في المدن لسنوات طويلة· قلة هم الذين يفهمون أن ''طالبان'' مجموعة حديثة جداً في تاريخ تلك المنطقة، وأنه يُنظر إليهم ككينونة مسيطرة غير مرحَّب بها في الثقافة التقليدية المحلية· وقد جرت السيطرة على الزعماء الدينيين تاريخياً من قبل الزعماء القبليين والمسؤولين الحكوميين· ولكن بعد الحادي عشر من سبتمبر، أصيب هذا النظام المتداعي أصلاً بضربة نهائية قاضية من قبل مشرّف والولايات المتحدة على شكل عمليات قصف مستمرة· نتيجة لذلك غابت حكومة الخدمة المدنية القديمة وانتهى وجودها في وزيرستان، بعد أن قام مشرف بتفكيكها لصالح الجيش، وتم تهميش الزعامة القبلية التقليدية· وأسرع رجال الدين من ''طالبان'' لملء الفراغ، مستخدمين خطاباتهم النارية لإثارة عواطف السكان الذين فقدوا كل الثقة بأن تفهم الحكومة الباكستانية مصادر قلقهم· كما ساعدت الولايات المتحدة كذلك على إذكاء النيران القبلية من خلال دعم الحكومات التي يديرها غير البشتون في باكستان وأفغانستان· يشعر رجال القبائل من البشتون بأنهم محاصرون في عدة وجهات، وبأنهم يهاجَمون ببساطة بسبب عرقهم· ولأنهم مسلمون، فهم يشعرون بأن الإسلام معرض للهجوم وهم يسعون للدفاع عنه· كما استفحلت الأمور نتيجة للتسميات المشوّشة التي نطلقها على العدو· يبقى الخط بين رجال القبائل من البشتون و''طالبان'' و''القاعدة'' غير محدد إلى درجة خطيرة· الولايات المتحدة وحلفاؤها واقعون في مشكلة عميقة· مع كل يوم يمر دون فهم لموقف رجال القبائل وما يحاربون من أجله، يصبح هدف إلقاء القبض على بن لادن وتأمين الحدود مع أفغانستان أكثر صعوبة ومراوغة· وهذا لا يعني ''استرضاء'' هؤلاء الذين يسعون لإلحاق الأذى بأميركا، وإنما ''إدارة'' الأمور بشكل أكثر فعالية· هذا يعني دمج التهديد بالقوة مع جهود الحصول على احترام القبائل والامتداد للتواصل معها والعمل ضمن إطارها الثقافي والديني· ويمكن للوضع كذلك أن يتحسن إلى درجة كبيرة إذا تم تكريس كميات كبيرة من المعونة الأميركية للتعليم والتنمية بدلاً من الإنفاق العسكري الفاشل الذي كلّف الولايات المتحدة أكثر من 10 مليارات من الدولارات منذ الحادي عشر من سبتمبر· يظهر لنا التاريخ أن استيعاب المناطق القبلية في النظام الرسمي أمر مستحيل، للبريطانيين أو للباكستانيين، إذا لم يجرِ إتباع هذه الإجراءات والأساليب· يجب كذلك تطبيق هذا التوجه على مجتمعات قبلية أخرى حيث تعمل الولايات المتحدة، من أفغانستان إلى العراق إلى الصومال· إذا لم يجرِ تخطيط مسار جديد، فستستمر الولايات المتحدة في مسيرتها الدولية نحو الكارثة· سياسة سيئة تلك القائمة على قصف رجال القبائل المسلمين بالقنابل دون توقّف، ومن دون فهم من الذي يجري قصفه فعلياً ولماذا· هذا التعامل المبسّط مع أعدائها أدى إلى تدمير سمعة الولايات المتحدة عالمياً، وإذا استمر فسيؤدي إلى تدمير مستقبلنا· كأميركيين شباب يهمهم المستقبل، لا نستطيع السماح بهذه السياسات الفاشلة أن تستمر بإفساد القرن المقبل· فرانكي مارتن- باحث بكلية الخدمات الدولية في الجامعة الأميركية هيلي ولت- باحثة بجامعة جورجتاون ينشر بترتيب خاص مع خدمة كومن جراوند الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©