الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أبو موسى الأشعري من نجباء الصحابة وأطيب الناس صوتاً

أبو موسى الأشعري من نجباء الصحابة وأطيب الناس صوتاً
2 مارس 2012
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، ومن اقتفى أثرهم وسار على دربهم إلى يوم الدين أما بعد: إن من أعظم نعم الله على المسلمين أن بعث فيهم رسولاً من أنفسهم، يتلو عليهم آياته، ويزكيهم، ويعلمهم الكتاب والحكمة، وأنزل عليهم قرآناً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، اختصه سبحانه وتعالى بحفظه فقال«إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ»سورة الحجر الآية 9»، ومن المعلوم أن المسلمين قد أولوا القرآن الكريم عناية كبرى، فكان الصحابة رضوان الله عليهم يحفظونه في صدورهم ويكتبونه في رقعهم، كل حسب جهده وطاقته. قراءة القرآن ومن الجدير بالذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رغب في تعلمه وقراءته، فقال عليه الصلاة والسلام«اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه»، أخرجه مسلم، وقال أيضاً: «إن لله أهلين، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: أهل القرآن، هم أهل الله وخاصته»، أخرجه النسائي. كما وردت أحاديث نبوية شريفة في فضل تلاوة القرآن الكريم، وإتقان قراءته، وحسن أدائه، اقتداء بما كان يتلو به صلى الله عليه وسلم سيد الفصحاء والبلغاء والقرّاء، كيف لا وقد أُنزل عليه صلى الله عليه وسلم! كما أمر صلى الله عليه وسلم بأن يُزَيّن القارئ صوته عند التلاوة مصداقاً لقولهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ»، أخرجه أحمد، قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ: مَعْنَاهُ زَيِّنُوا أَصْوَاتَكُمْ بِالْقُرْآنِ، فَإِنَّ الْقُرْآنَ يُزَيِّنُ صَوْتَ الْمُؤْمِنِ، لِقَوْلِهِ حِينَ سُئِلَ: مَنْ أَحْسَنُ النَّاسِ صَوْتًا بِالْقُرْآنِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «مَنْ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ رَأَيْتَ أَنَّهُ يَخْشَى اللَّهَ تَعَالَى». وقد أجمعت الأمة الإسلامية منذ نزول القرآن حتى وقتنا هذا، على وجوب قراءته قراءة مُجَوّدة سليمة، وذلك بإعطاء حروفه حقها ومستحقها من مَدٍّ وقصر وإدغام ونحو ذلك كما قال ابن الجزري رحمه الله: والأَخْذُ بالتجويد حَتْمٌ لازمٌ وَمْــن لمْ يُجَوِّد القــرآنَ آثمُ لأنـَّه بـــهِ الإلــــهُ أنــــزل وهكــذا مِنْهُ إلينــا وَصَــلا أحكام التلاوة لذلك فقد حث الإسلام على تعلم أحكام التلاوة والتجويد لقوله تعالى:«وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً»، سورة المزمل الآية 4»، وقوله: (وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً)، «سورة الفرقان، الآية 32»، وقوله: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ)، «سورة البقرة، الآية 121». وسنتعرض في مقالنا هذا لصحابي جليل هو أبو موسى الأشعري، رضي الله عنه ، فقد حفظ القرآن والعلم، وكان من نجباء الصحابة، ومن أطيب الناس صوتاً ... وقد استغفر له النبي، صلى الله عليه وسلم، كما كان عالماً عاملاً صالحاً تالياً لكتاب الله الكريم. حياته أبو موسى الأشعري واسمه: عبد الله بن قيس بن سُليم بن حضار بن حرب بن عامر بن غنم بن الأشعر الأشعري، من أهل اليمن وهو من قبيلة الأشعريّين الذين أثنى عليهم النبي، صلى الله عليه وسلم بقوله: «إنَّ الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة، جمعوا ما كان عندهم ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم منِّي وأنا منهم». أما والدة أبي موسى فهي السيدة ظبية بنت وهب من قبيلة عك، وكانت قبيلتا الأشاعر وعك تسكنان منطقة تهامة باليمن منذ عصور دولة سبأ والدولة الحميرية. جاء إلى مكة المكرمة فأسلم رضي الله عنه ورجع إلى بلاد قومه، ثم قدم المدينة مع الأشعريين وهم نحو خمسين رجلاً في سفينة، فألقتهم الريح إلى النجاشي بأرض الحبشة، فوافقوا خروج جعفر بن أبي طالب وأصحابه منها فأتوا معهم، وقدمت السفينتان معاً على النبي صلى الله عليه وسلم بعد فتح خيبر، ووضعه النبي صلى الله عليه وسلم على بعض بلدان اليمن، ثم وضعه عمر رضي الله عنه على البصرة فافتتح الأهواز وأصبهان، وفي خلافة عثمان رضي الله عنه استعمله على الكوفة، وكان رضي الله عنه حسن الصوت بالقرآن، سمعه النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة وهو يقرأ فقال له: «لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود»، وكان عمر رضي الله عنه إذا رآه قال له: «ذكّرنا ربنا يا أبا موسى» فيقرأ عنده القرآن، وأبو موسى رضي الله عنه هو الذي فقَّه أهل البصرة، وأقرأهم القرآن، وقد اشتهر - رضي الله عنه - بالعلم والفقه والقضاء، قال ابن المديني «قضاة الأمة أربعة: عمر، وعلي، وأبو موسى، وزيد بن ثابت» مات سنة 42 هـ وهو ابن ثلاث وستين سنة - رحمه الله تعالى- (يمانيون في موكب الرسول ص 840). فضائله لقد ورد في مناقب أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه، أحاديث عديدة منها: أعظم فضيلة لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه دعاءُ الرسول صلى الله عليه وسلم، له بالمغفرة ودخول الجنة، لما روي عن أبي بُرْدَةَ عن أبيه أبى موسى الأشعري، رضي الله عنه، من حديث مطول، أن النبي، صلى الله عليه وسلم-قال: «اللهم اغفر لعبدِ الله بن قَيْسٍ ذنبه، وأدخلْه يومَ القيامِة مُدْخلاً كريماً»، أخرجه مسلم. وعن عبد الله بن بُرَيْدَةَ عن أبيهِ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنَّ عبد الله بن قَيْسٍ أو الأشعريَّ أُعْطِىَ مِزْمَاراً من مَزَامِير آل دَاوُد»، أخرجه مسلم. وعن أبي بُرْدَةَ عن أبي مُوسَى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي مُوسَى: «لَوْ رَأَيْتَني وأنا أَسْتَمِعُ لقِرَاءَتِكَ البَارِحةَ! لَقَد أُوتيتَ مِزْمَاراً من مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ»، (أخرجه مسلم). ثناء القرآن ويكفي أبو موسى الأشعري رضي الله عنه فخرًا أن القرآن الكريم نزل في الثناء عليه وعلى قومه كما في قوله تعالى:«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ»، سورة المائدة الآية 54». أخرج الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي عن عياض الأشعري قال: لما نزلت: (فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ)، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «هم قومك يا أبا موسى» وأُومأُ إليه (سير أعلام النبلاء 4/42). ثناء نبويٌ عن أبي بُردة عن أبي موسى، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لأعرفُ أصوات رُفقَةِ الأشعريين بالقرآن، حَين يدخلون بالليل، وأعرفُ منازِلَهم من أصواتهم بالقرآن بالليل وإن كنتُ لم أرَ منازِلَهم»، أخرجه مسلم. وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ قَوْمٌ أَرَقُّ مِنْكُمْ قُلُوبًا»، فَقَدِمَ الأَشْعَرِيُّونَ، وَفِيهِمْ أَبُو مُوسَى، فَكَانُوا أَوَّلَ مَنْ أَظْهَرَ الْمُصَافَحَةَ فِي الإِسْلامِ، فَجَعَلُوا حِينَ دَنَوَا الْمَدِينَةَ يَرْتَجِزُونَ وَيَقُولُونَ: غَدًا نَلْقَى الأَحِبَّةَ ... مُحَمَّدًا وَحِزْبَهُ»، أخرجه البخاري. إن تعلم وتعليم القرآن الكريم لأشرف العلوم منزلة، وأجلها مكانة وأسماها موضعاً عند الله عز وجل لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : «خيركم من تعلم القرآن وعلمه»، أخرجه البخاري، وقوله: «أشراف أمتي حملة القرآن»، أخرجه الترمذي، فهنيئاً لكل حافظ للقرآن، وهنيئاً لكل مُعَلِّم للقرآن، وهنيئاً لكل مشجع لتعليم القرآن. الدكتور يوسف جمعة سلامة خطيـب المسـجد الأقصـى المبـارك www.yousefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©